بازگشت

اشخاص الامام الهادي


لقد سار المتوكل علي نهج من سبقوه في التعامل مع أئمة أهل البيت عليهم السلام، بل زاد علي ذلك باستدعائه الامام الهادي الي دار الخلافة في سامراء و عزله عن أوساط الامة، مع علمه أن دور الامام عليه السلام في المدينة لا يعدو كونه مبلغا لرسالة جده المصطفي صلي الله عليه و آله و محافظا علي سنته و مبادئ كتاب الله تعالي، و ليس همه السلطة و لا تنزع نفسه الكريمة الي شي ء من متاع الدنيا و زخرفها.

تولي الامام الهادي عليه السلام مهام و أعباء الامامة و هو لا يزال في مطلع شبابه كما قدمنا، و ذلك سنة 220 ه [1] ، و بقي في المدينة حتي بلغ من العمر نحو عشرين سنة مرجعا لرواد العلم من مختلف البلاد و شتي الديار، فأحبه الناس و اجتمعوا حوله،



[ صفحه 309]



و التف العلماء و طلاب العلم ينهلون من نمير علمه، و كان يتصل به شيعته خاصة يسألونه الحلول لمشاكلهم و الأجوبة لمسائلهم، و خلال اقامته في المدينة كان في جميع حالاته تحت رقابة عيون السلطة.

فبالنظر لمكانة العالية التي يتمتع بها الامام عليه السلام في نفوس المسلمين، أراد المتوكل و بدافع من حقده السافر لأهل البيت عليهم السلام و هاجس الخوف الذي يراوده من انصراف الناس الي الامام الهادي عليه السلام أن يعزل الامام عليه السلام عن شيعته و مواليه و مريديه من طلبة العلم و محصليه، فاستدعاه الي عاصمة ملكه سامراء، و فرض عليه اقامة جبرية استمرت أكثر من عشرين سنة.

لقد اخرج الامام عليه السلام مكرها من مدينة جده المصطفي صلي الله عليه و آله، و قد عبر عن هذا الحديث رواه الشيخ الطوسي و ابن شهرآشوب بالاسناد عن المنصوري عن عم أبيه، قال: قال يوما الامام علي بن محمد عليه السلام: يا أباموسي، اخرجت الي سر من رأي كرها، و لو اخرجت عنها اخرجت كرها... الحديث. [2] .

قال الشاعر:



و اشخص رغما عن مدينة جده

الي الرجس اشخاص المعادي المخاصم



و لاقي كما لاقي من القوم أهله

جفاء و غدرا و انتهاك محارم



و عاش بسامراء عشرين حجة

يجرع من أعداء سم الأراقم [3] .



[ صفحه 310]




پاورقي

[1] كانت ولادته عليه السلام سنة 212 ه، و قيل: 214 ه.

[2] المناقب 417: 4، بحارالأنوار 8 / 129: 50.

[3] المجالس السنية 626: 5.