بازگشت

اسباب استدعاء الامام


من خلال الأحاديث الواردة في تأريخ الأئمة عليهم السلام و أقوال المؤرخين، نلاحظ أن أسباب اشخاص الامام عليه السلام الي عاصمة بني العباس تتلخص بالنقاط التالية:

1 - ان المتوكل كان يبغض عليا عليه السلام و ذريته، فبلغه مقام الامام الهادي عليه السلام بالمدينة و ميل الناس اليه، فخاف منه، و استقدمه من الحجاز، لئلا تنصرف وجوه الناس اليه، فيخرج هذا الأمر عن بني العباس.

ففي حديث يزداد النصراني تلميذ بختيشوع، قال: بلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فرقا [1] منه، لئلا تنصرف اليه وجوه الناس، فيخرج هذا الأمر عنهم، يعني بني العباس. [2] .

2 - الخوف من أبي الحسن عليه السلام أن يأمر أحدا من أهل بيته أن يخرج عليه، ففي حديث المخالي المشهور: روي أن المتوكل أمر العسكر و هم تسعون ألف فارس من الأتراك الساكنين بسر من رأي أن يملأ كل واحد منهم مخلاة فرسه من الطين الأحمر، و يجعلوا بعضه علي بعض في وسط برية واسعة هناك، ففعلوا.

فلما صار مثل جبل عظيم [3] ، صعد فوقه، و استدعي أباالحسن عليه السلام



[ صفحه 311]



و استصعده و قال: استحضرك للنظارة، و قد كان أمرهم أن يلبسوا التجافيف [4] و يحملوا الأسلحة، و قد عرضوا بأحسن زينة، و أتم عدة، و أعظم هيبة، و كان غرضه أن يكسر كل من يخرج عليه، و كان خوفه من أبي الحسن عليه السلام أن يأمر أحدا من أهل بيته أن يخرج علي الخليفة.

الي أن قال: قال له أبوالحسن عليه السلام: «نحن لا ننافسكم في الدنيا، نحن مشتغلون بأمر الآخرة، و لا عليك مما تظن». [5] .

قال الشاعر:



لست أنسي غداة أخرجه الطا

غي مع الناس ذلة و صغارا



و غدا يعرض الجيوش عليه

عل يرتاع خيفة و انذعارا



فأراه من الملائك جيشا

ملأ الافق و الفضا جرارا [6] .



3 - وشاية والي المدينة عبدالله بن محمد بن داود (بريحة) بالامام عليه السلام عند المتوكل، فقد كتب بريحة الي المتوكل: ان كان لك في الحرمين حاجة فأخرج علي بن محمد منها، فانه قد دعا الناس الي نفسه، و اتبعه خلق كثير. و تابع كتبه الي المتوكل بهذا المعني. [7] .



[ صفحه 312]



و قال اليعقوبي: و كتب المتوكل الي الامام علي الهادي عليه السلام في الشخوص من المدينة، و كان عبدالله بن محمد داود الهاشمي قد كتب يذكر أن قوما يقولون: انه الامام. [8] و لما بلغ أباالحسن عليه السلام أن بريحة يراسل المتوكل و يصور له خطره عليه، كتب الي المتوكل يذكر له تحامله عليه و كذبه فيما كتب به و ايذاءه له، فأجابه المتوكل بكتاب كله كذب و دجل و تضليل، لا ينطلي علي مثل الامام عليه السلام.

و أول بوادر السود في نفس المتوكل هو وصيته الي قائده يحيي بن هرثمة و من كان معه بتفتيش دار الامام تفتيشا دقيقا، و ذلك لأن أجهزة الحكم في المدينة أخبروه كذبا بأن دار الامام مقرا للسلاح و الرجال و المعارضين للسلطة العباسية، و أنه ينوي الاطاحة بهذه السلطة، فلما دخل يحيي بن هرثمة المدينة و أبان عن نواياه أحس الناس بالشر، و خافوا علي أبي الحسن عليه السلام من شره، لأنهم يعرفون ما يضمره المتوكل من الحقد و السوء لأهل البيت عليهم السلام، لذلك ضجوا ضجيجا عظيما و أصابهم الخوف و القلق حتي هدأهم قائد المتوكل ابن هرثمة.


پاورقي

[1] الفرق: شدة الخوف.

[2] دلائل الامامة: 419. نوادر المعجزات: 7 / 188.

[3] قال في مراصد الاطلاع) 272: 1 (: المخالي أو تل المخالي: تل عند سر من رأي.

[4] التجافيف: آلة للحرب كالدرع توضع علي الانسان و الفرس لتقي الجراح في الحرب.

[5] الثاقب في المناقب: 557، الخرائج و الجرائح 19 / 414: 1، كشف الغمة 185: 3، بحارالأنوار 44 / 155: 50.

[6] الذخائر: 63.

[7] راجع اثبات الوصية: 197.

[8] تأريخ اليعقوبي 217: 3.