بازگشت

محاولة قتل الامام


و لم يتوقف المتوكل عند هذه الحدود، بل ذهب الي أبعد من هذا حين أراد الاقدام علي قتل الامام عليه السلام، لكنه لم يصل الي مرامه، و باءت محاولاته بالخيبة و الخسران، و في ما يلي بعض الأخبار الدالة علي ذلك:

1 - عن أبي العباس فضل بن أحمد بن اسرائيل الكاتب، قال: كنا مع المعتز، و كان أبي كاتبه، فدخلنا الدار و المتوكل علي سريره قاعد، فسلم المعتز و وقف و وقفت خلفه، و كان عهدي به اذا دخل عليه رحب به و أمره بالقعود، و نظرت الي وجهه يتغير ساعة بعد ساعة، و يقبل علي الفتح بن خاقان و يقول: هذا الذي تقول فيه ما تقول! و يردد عليه القول، و الفتح مقبل عليه يسكنه و يقول: مكذوب عليه يا أميرالمؤمنين، و هو يتلظي و يقول: و الله لأقتلن هذا المرائي الزنديق، و هو الذي يدعي الكذب، و يطعن في دولتي.

ثم قال: جئني بأربعة من الخزر و أجلاف لا يفقهون. فجي ء بهم، و دفع اليهم أربعة أسياف، و أمرهم أن يرطنوا بألسنتهم اذا دخل أبوالحسن، و أن يقبلوا عليه بأسيافهم فيخبطوه و يقتلوه، و هو يقول: و الله لأحرقنه بعد القتل، و أنا منتصب قائم خلفه من وراء الستر، فما علمت الا بأبي الحسن عليه السلام قد دخل، و قد بادر الناس قدامه فقالوا: جاء. التفت ورائي و هو غير مكترث و لا جازع، فلما بصر به المتوكل رمي بنفسه من السرير اليه و هو بسيفه، فانكب عليه يقبل بين عينيه، و احتمل يده بيده، و هو يقول: يا سيدي، يا ابن رسول الله، و يا خير خلق الله، يا ابن عمي، يا مولاي، يا أباالحسن. و أبوالحسن يقول: «اعيذك بالله يا أميرالمؤمنين من هذا».



[ صفحه 334]



فقال: ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت؟ قال: «جاءني رسولك».

فقال المتوكل: كذب ابن الفاعلة، ارجع يا سيدي من حيث جئت، يا فتح، يا عبدالله و يا معتز، شيعوا سيدي و سيدكم.

فلما بصر به الخزر خروا سجدا مذعنين، فلما خرج دعاهم المتوكل ثم أمر الترجمان أن يخبره بما يقولون، ثم قال لهم: ثم لا تفعلوا ما أمرتكم به؟ قالوا: لشدة هيبته، و رأينا حوله أكثر من مائة سيف لم نقدر أن ننالهم، فمنعنا ذلك عما امرنا به، و امتلأت قلوبنا رعبا من ذلك.

فقال المتوكل: هذا صاحبكم، و ضحك في وجه الفتح، و ضحك الفتح في وجهه، و قال: الحمد لله الذي بيض وجهه، و أرانا حجته. [1] .

2 - و عن علي بن محمد بن متويه، عن الهمداني، عن علي بن ابراهيم، عن عبدالله بن أحمد الموصلي، عن الصقر بن أبي دلف، قال: لما حمل المتوكل سيدنا أبالحسن عليه السلام جئت أسأل عن خبره، قال: فنظر الي حاجب المتوكل، فأمر أن أدخل عليه فقال: يا صقر، ما شأنك؟ فقلت: خير أيها الأستاذ. فقال: اقعد.

قال الصقر: فأخذني ما تقدم و ما تأخر. فقلت: أخطأت في المجي ء. قال: فوحي [2] الناس عنه، ثم قال: ما شأنك و فيم جئت؟ قلت: لخبر ما. فقال: لعلك



[ صفحه 335]



جئت تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له: و من مولاي؟ [مولاي] أميرالمؤمنين، فقال: اسكت مولاك هو الحق، فلاتحتشمني، فاني علي مذهبك. فقلت: الحمدلله. فقال: تحب أن تراه؟ قلت: نعم. قال: اجلس حتي يخرج صاحب البريد.

قال: فجلست فلما خرج، قال لغلامه: خذ بيد الصقر فأدخله الي الحجرة التي فيها العلوي المحبوس و خل بينه و بينه، قال: فأدخلني الي الحجرة، و أومأ الي بيت، فدخلت فاذا هو عليه السلام جالس علي صدر حصير، و بحذاه قبر محفور، قال: فسلمت، فرد [علي السلام] ثم أمرني بالجلوس، فجلست.

ثم قال: يا صقر، ما أتي بك؟ قلت: سيدي جئت أتعرف خبرك.

قال: ثم نظرت الي القبر فبكيت، فنظر الي فقال: يا صقر، لا عليك، لن يصلوا الينا بسوء. فقلت: الحمدلله. [3] .

3 - و منها ما روي ابن ارومة، قال: خرجت الي سر من رأي أيام المتوكل فدخلت الي سعيد الحاجب، و دفع المتوكل أباالحسن عليه السلام اليه ليقتله، فقال لي: أتحب أن تنظر الي الهك! فقلت: سبحان الله، الهي لا تدركه الأبصار! فقال: الذي تزعمون أنه امامكم؟ قلت: ما أكره ذلك، قال: قد امرت بقتله، و أنا فاعله غدا، فاذا خرج صاحب البريد فادخل عليه، فخرج و دخلت و هو جالس و هناك قبر يحفر، فسلمت عليه و بكيت بكاء شديدا، فقال: ما يبكيك؟ قلت: ما أري. قال: لا تبك انه لا يتم لهم ذلك، و انه لا يلبث أكثر من يومين حتي يسفك الله دمه



[ صفحه 336]



و دم صاحبه؛ فوالله ما مضي غير يومين حتي قتل. [4] .



يابن النبي المصطفي و وصيه

و ابن الهداة السادة الامناء



كم معجز لك قد رأوه و لم يكن

يخفي علي الأبصار نور ذكاء



أن يجحدوه فطالما شمس الضحي

خفيت علي ذي مقلة عمياء



برا و تعظيما أروك و في الخفا

يسعون في التحقير و الايذاء



كما حاولوا انقاص قدرك فاعتلي

رغما لأعلي قنة العلياء



فقضيت بينهم غريبا نائيا

بأبي فديتك من غريب نائي [5] .




پاورقي

[1] الثاقب في المناقب: 556، الخرائج و الجرائح 21 / 417: 1، كشف الغمة 185: 3، الصراط المستقيم 205: 2، حلية الأبرار 465: 2.

[2] وحي: أسرع و عجل. و المراد هنا عجلوا بالانصراف.

[3] كفاية الأثر: 285، كمال الدين: 9 / 382، معاني الأخبار: 1 / 123، الخصال: 102 / 394، بحارالأنوار 3 /413: 36.

[4] كشف الغمة 184: 3.

[5] المجالس السنية 655: 5.