بازگشت

نسبه و سبب خروجه


قال أبوالفرج الأصفهاني: و ممن خرج في أيام المتوكل و قتل في أيام المستعين أبوالحسين يحيي بن عمر [بن يحيي] بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليه السلام. و امه ام الحسن بنت عبدالله بن اسماعيل بن عبدالله بن جعفر ابن أبي طالب رضي الله عنه.

خرج يحيي في أيام المتوكل الي خراسان فرده عبدالله بن طاهر، فأمر المتوكل بتسليمه الي عمر بن الفرج الرخجي، فسلم اليه، فكلمه بكلام فيه بعض الغلظة، فرد عليه يحيي و شتمه، فشكا ذلك الي المتوكل، فأمر به فضرب دررا، ثم حبسه في دار الفتح بن خاقان، فمكث علي ذلك مدة، ثم اطلق، فمضي الي بغداد، فلم يزل بها حينا حتي خرج الي الكوفة، فدعا الي الرضا من آل محمد صلي الله عليه و آله، و أظهر العدل و حسن السيرة بها الي أن قتل رضوان الله عليه، و كان رضي الله عنه رجلا فارسا شجاعا، شديد البدن، مجتمع القلب، بعيدا من رهق الشباب، و ما يعاب به مثله. [1] .

و قال ابن الأثير في حوادث سنة 250 ه:

في هذه السنة ظهر يحيي بن عمر بن يحيي بن الحسين بن زيد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المكني بأبي الحسن، بالكوفة.



[ صفحه 351]



و كان سبب ذلك أن أباالحسن نالته ضيقة، و لزمه دين ضاق به ذرعا، فلقي عمر بن فرج، و هو يتولي أمر الطالبيين، عند مقدمه من خراسان، أيام المتوكل، فكلمه في صلته، فأغلظ له عمر القول، و حبسه، فلم يزل محبوسا حتي كفله أهله، فاطلق، فسار الي بغداد، فأقام بها بحال سيئة، ثم رجع الي سامراء، فلقي و صيفا في رزق يجري له، فأغلظ له و صيف و قال: لأي شي ء يجري علي مثلك؟

فانصرف عنه الي الكوفة، و بها أيوب بن الحسن بن موسي بن جعفر بن سليمان الهاشمي، عامل محمد بن عبدالله بن طاهر، فجمع أبوالحسين جمعا كثيرا من الأعراب و أهل الكوفة و أتي الفلوجة. [2] .

و قال ابن الطقطقا: كان يحيي بن عمر قتيل شاهي قدم من خراسان في أيام المتوكل، و هو في ضائقة و عليه دين، فكلم بعض أكابر أصحاب المتوكل في ذلك فأغلظ له و حبسه بسامراء، ثم كفله أهله فاطلق و انحدر الي بغداد، فأقام بها مدة علي حال غير مرضية من الفقر، و كان رضي الله عنه دينا خيرا عمالا حسن السيرة، فرجع الي سامراء مرة ثانية، و كلم بعض امراء المتوكل في حاله، فأغلظ له و قال: لأي حال يعطي مثلك؟ فرجع الي بغداد و انحدر منها الي الكوفة، و دعا الناس الي الرضا من آل محمد. [3] .

و قال اليعقوبي: و خرج في زمان المستعين يحيي بن عمر بن الحسين بعد أن لقيه بعض ولاة العباسيين في سامراء بما لا يحب، فخرج الي الكوفة، و اجتمع اليه الناس. [4] .



[ صفحه 352]



و مما تقدم من أقوال المؤرخين يبدو أن يحيي خرج علي حكم العباسيين بسبب تردي الأحوال الاقتصادية و الاجتماعية و القسوة و الظلم و التعسف الذي كانت تعانيه الامة في أيام حكم المتوكل و ما بعده من حكام العباسيين، لذا فقد دعا الي الرضا من آل محمد صلي الله عليه و آله و أظهر العدل و حسن السيرة حتي لقي ربه.

و بالرغم من أن الشهيد يحيي بن عمر كان في ضائقة مالية، و أن عليه دين باهض، و أن أذناب العباسيين قد قطعوا حقه و رزقه و صلته من بيت المال، الا أن أهداف ثورته لم تكن من أجل الحصول علي المال و حسب، بل كان يهدف الي اقامة العدل و ارجاع الحق الي أهله.

قال أبوالفرج الاصفهاني: حدثني أحمد بن عبيدالله بن عمار الثقفي، قال: حدثنا محمد بن أحمد الحر، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن السميدع، قال: قال لي عمي: ما رأيت رجلا أورع من يحيي بن عمر، أتيته فقلت له: يابن رسول الله، لعل الذي حملك علي هذا الأمر الضيقة، و عندي ألف دينار ما أملك سواها، فخذها فهي لك، و آخذ لك من اخواني لي ألف دينار اخري.

قال: فرفع رأسه ثم قال: فلانة بنت فلان - يعني زوجته - طالق ثلاثا، ان كان خروجي الا غضبا لله عزوجل، فقلت له: امدد يدك، فبايعته و خرجت معه. [5] .


پاورقي

[1] مقاتل الطالبيين: 419.

[2] الكامل في التأريخ 126: 6.

[3] الفخري: 240.

[4] تأريخ اليعقوبي 229: 3.

[5] مقاتل الطالبيين: 430.