بازگشت

رواية ابن الاثير


و أقام يحيي بالكوفة يعد العدد، و يصلح السلاح، فأشار عليه جماعة من الزيديه، ممن لا علم لهم بالحرب، بمعاجلة الحسين بن اسماعيل، و ألحوا عليه، فزحف اليه ليلة الاثنين لثلاث عشرة خلت من رجب سنة 250 ه [1] ، و معه الهيضم العجلي و غيره، و رجالة من أهل الكوفة ليس لهم علم و لا شجاعة، و أسروا ليلتهم، و صبحوا الحسين و هو مستريح، فثاروا بهم في الغلس، و حمل عليهم أصحاب الحسين فانهزموا، و وضعوا فيهم السيف، و كان أول أسير الهيضم العجلي، و انهزم رجالة أهل الكوفة، و أكثرهم بغير سلاح، فداستهم الخيل.

وانكشف العسكر عن يحيي بن عمر، و عليه جوشن، قد تقطر به فرسه، فوقف عليه ابن لخالد بن عمران، فقال له: خير، فلم يعرفه، و ظنه رجلا من أهل خراسان لما رأي عليه الجوشن، فأمر رجلا، فنزل اليه، فأخذ رأسه، و عرفه رجل كان معه، و سير الرأس الي محمد بن عبدالله بن طاهر، و ادعي قتله غير واحد، فسير محمد الرأس الي المستعين، فنصب بسامراء لحظة، ثم حطه، و رده الي بغداد لينصب بها، فلم يقدر محمد علي ذلك لكثرة من اجتمع من الناس، فخاف أن يأخذوه فلم ينصبه، و جعله في صندوق في بيت السلاح.



[ صفحه 356]



و وجه الحسين بن اسماعيل برؤوس من قتل، و بالأسري، فحبسوا ببغداد. [2] .

قال أبوالفرج الاصفهاني: و لم يتحقق أهل الكوفة قتل يحيي، فوجه اليهم الحسين بن اسماعيل أباجعفر الحسني يعلمهم أنه قد قتل، فشتموه و أسمعوه ما يكره و هموا به، و قتلوا غلاما له، فوجه اليهم أخا كان لأبي الحسن يحي بن عمر بن امه يعرف بعلي بن محمد الصوفي من ولد عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام، و كان رجلا رفيقا مقبولا، فعرف الناس قتل أخيه، فضجوا بالبكاء و الصراخ و العويل، و انصرفوا، و انكفأ الحسين بن اسماعيل الي بغداد و معه رأس يحيي بن عمر، فلما دخل بغداد جعل أهلها يصيحون من ذلك انكارا له و يقولون: ان يحيي لم يقتل، ميلا منهم اليه، و شاع ذلك حتي كان الغوغاء و الصبيان يصيحون في الطرقات: ما قتل و ما فر، ولكن دخل البر.

و لما ادخل رأس يحيي الي بغداد، اجتمع أهلها الي محمد بن عبدالله بن طاهر يهنئونه بالفتح، و دخل في من دخل علي محمد بن عبدالله بن طاهر، أبوهاشم داود ابن القاسم الجعفري، و كان ذا عارضة و لسان، لا يبالي ما استقبل الكبراء و أصحاب السلطان به، فقال: أيها الأمير، قد جئتك مهنئا بما لو كان رسول الله صلي الله عليه و آله حيا لعزي به، فلم يجبه محمد عن هذا بشي ء [3] ، فخرج داود و هو يقول:



يا بني طاهر كلوه و بيئا

ان لحم النبي غير مري



ان وترا يكون طالبه الل

ه لو تر نجاحه بالحري [4] .



[ صفحه 357]



و أمر محمد بن عبدالله حينئذ اخته و نسوة من حرمه بالشخوص الي خراسان، و قال: ان هذه الرؤوس من قتلي هذا البيت لم تدخل بيت قوم قط الا خرجت منه النعمة، و زالت عنه الدولة، فتجهزن للخروج.

قال أحمد بن عبيدالله بن عمار: و ادخل الاساري من أصحاب يحيي الي بغداد، و لم يكن فيما رؤي قبل ذلك من الاساري أحد لحقه ما لحقهم من العسف و سوء الحال، و كانوا يساقون و هم حفاة سوقا عنيفا، فمن تأخر ضربت عنقه، فورد الكتاب من المستعين بتخلية سبيلهم، فخلوا سبيلهم الا رجلا يعرف باسحاق بن جناح، كان صاحب شرطة يحيي بن عمر، فان محمد بن الحسين الأشناني حدثني أنه لم يزل محبوسا حتي مات، فخرج توقع محمد بن عبدالله بن طاهر في أمره: يدفن الرجس النجس اسحاق بن جناح مع اليهود، و لا يدفن مع المسلمين و لا يصلي عليه و لا يغسل و لا يكفن!

فاخرج رحمه الله بثيابه ملفوفا في كساء قومسي علي نعش حتي جاءوا به الي خربة، فطرح علي الأرض و القي عليه حائط (رحمه الله تعالي). [5] .


پاورقي

[1] في تأريخ اليعقوبي 229: 3، لثلاث عشرة بقيت من رجب سنة 249 ه.

[2] الكامل في التأريخ 128: 7.

[3] مقاتل الطالبيين: 423، تأريخ اليعقوبي 229: 3.

[4] الكامل في التأريخ 129: 7.

[5] مقاتل الطالبيين: 423.