بازگشت

رثاوه


قال أبوالفرج: و ما بلغني أن أحدا ممن قتل في الدولة العباسية من آل أبي طالب رثي بأكثر مما رثي به يحيي، و لا قيل فيه الشعر بأكثر مما قيل فيه، و اتفق في وقت مقتله عدة شعراء مجيدون للقول، اولو هوي في هذا المذهب. [1] .



[ صفحه 358]



1 - فممن رثاه أبوالحسن علي بن العباس، المعروف بابن الرومي بقصيدة طويلة تقع في 111 بيتا كما في الديوان [2] ، تعرض فيها لمظالم أهل البيت عليهم السلام، و قارن بينهم و بين بني العباس، و بين ظلم الحكام العباسيين و جورهم، و هي قصيدة تستحق العناية و الشرح.

قال أبوالفرج: و هي من مختار ما رثي به، بل ان قلت: انها عين ذلك و المنظور اليه، لم أكن مبعدا [3] ، و فيما يلي بعض أبياتها:



أمامك فانظر أي نهجيك تنهج

طريقان شتي: مستقيم و أعوج



أكل أوان للنبي محمد

قتيل ذكي بالدماء مضرج



بني المصطفي كم يأكل الناس شلوكم

لبلواكم عما قليل مفرج



أما فيهم راع لحق نبيه

و لا خائف من ربه يتحرج



أبعد المكني بالحسين [4] شهيدكم

تضي ء مصابيح السماء فتسرج



لنا و علينا لا عليه و لا له

تسحسح أسراب الدموع و تنشج



و كيف نبكي فائزا عند ربه

له في جنان الخلد عيش مخرفج [5] .



فان لا يكن حيا لدينا فانه

لدي الله حي في الجنان مزوج



[ صفحه 359]



و كنا نرجيه لكشف عماية

بأمثاله أمثالها تتبلج



فساهمنا ذوالعرش في ابن نبيه

ففاز به، و الله أعلي و أفلج



مضي و مضي الفراط من أهل بيته

يؤم بهم ورد المنية منهج



سلام و ريحان و روح و رحمة

عليك و ممدود من الظل سجسج



و لا برح القاع الذي أنت جاره

يرف عليك الاقحوان المفلج



ألا أيها المستبشرون بيومه

أظلت عليكم غمة لا تفرج



أكلكم أمس اطمأن مهاده

بأن رسول الله في القبر مزعج



كأني به كالليث يحمي عرينه

و أشباله لا يزدهيه المهجهج [6] .



كدأب علي [7] في المواطن قبله

أبي حسن، و الغصن من حيث يخرج



أجنوا بني العباس من شنآنكم

و أوكوا علي ما في العياب و أشرجوا



و خلوا ولاة السوء منكم وغيهم

فأحر بهم أن يغرقوا حيث لججوا



نظار لكم أن يرجع الحق راجع

الي أهله يوما فتشجوا كما شجوا



فلا تلقحوا الآن الضغائن بينكم

و بينهم ان اللواقح تنتج



لعل لهم في منطوي الغيب ثائرا [8] .

سيسمو لكم و الصبح في الليل مولج



فيدرك ثأر الله أنصار دينه

و لله أوس آخرون و خزرج



و يقضي امام الحق فيكم قضاءه

تماما، و ما كل الحوامل تخدج [9] .



[ صفحه 360]



أفي الحق أن يمسوا خماصا و أنتم

يكاد أخوكم بطنة يتبعج



تمشون مختالين في حجراتكم

ثقال الخطا أكفالكم تترجرج



أبي الله الا أن يطيبوا و تخبثوا

و أن يسبقوا بالصالحات و يفلحوا



و ان كنتم منهم و كان أبوكم

أباهم، فان الصفو بالرنق يمزج



و اني علي الاسلام منكم لخائف

بوائق شتي بابها الآن مرتج



و في الحزم أن يستدرك الناس أمركم

و حبلهم مستحكم العقد مدمج [10] .



2 - و قال ابن الأثير: و أكثر الشعراء مراثي يحيي لما كان عليه من حسن السيرة و الديانة، فمن ذلك قول بعضهم:



بكت الخيل شجوها بعد يحيي

و بكاه المهند المصقول



و بكته العراق شرقا و غربا

و بكاه الكتاب و التنزيل



و المصلي و البيت و الركن و الحج

ر جميعا له عليه عويل



كيف لم تسقط السماء علينا

يوم قالوا: أبوالحسين قتيل



و بنات النبي يبدين شجوا

موجعات دموعهن همول



قطعت وجهه سيوف الأعادي

بأبي وجهه الوسيم، الجميل



ان يحيي أبقي بقلبي غليلا

سوف يودي بالجسم ذاك الغليل



قتله مذكر لقتل علي

و حسين، و يوم اوذي الرسول



صلوات الاله وقفا عليهم

ما بكي موجع و حنت ثكول [11] .



[ صفحه 361]



3 - و قال علي بن محمد بن جفعر العلوي، يذكر دخولهم علي محمد بن عبدالله بن طاهر في التهنئة:



قتلت أعز من ركب المطايا

و جئتك أستلينك في الكلام



و عز علي أن ألقاك الا

و فيما بيننا حد الحسام



ولكن الجناح اذا اهيضت

قوادمه يدف علي الأكام



و قال أيضا من قصيدة يرثي بها يحيي:



تضوع مسكا جانب القبر ان ثوي

و ما كان لولا شلوه يتضوع



و قال أيضا يرثيه:



فان يك يحيي أدرك الحتف يومه

فما مات حتي مات و هو كريم



و ما مات حتي قال طلاب نفسه

سقي الله يحيي انه لصميم



فتي غرة لليوم و هو بهيم

و وجه لوجه الجمع و هو عظيم



لقد بيضت وجه الزمان بوجهه

و سرت به الاسلام و هو كظيم [12] .




پاورقي

[1] مقاتل الطالبيين: 424.

[2] ديوان ابن الرومي 500 - 492: 2، تحقيق الدكتور حسين نصار - الهيئة المصرية العامة للكتاب.

[3] مقاتل الطالبيين: 424.

[4] هو أبوالحسين يحيي بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام.

[5] العيش المخرفج: الواسع.

[6] هجهج السبع: صاح به وزجره.

[7] يريد أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

[8] يريد به الامام المهدي عليه السلام الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا بعدما ملئت ظلما و جورا.

[9] خدجت الحامل: ألقت ولدها قبل التمام.

[10] الديوان 492: 2 / الرقم 365.

[11] الكامل في التأريخ 129: 7.

[12] مقاتل الطالبيين: 430 - 429.