بازگشت

موقف الحكام المتاخرين من الامام


و يبدو من حياة الامام الهادي عليه السلام أن السنين السبعة التي قضاها في عهد المنتصر و المستعين بالله و المعتز لم يشهد فيها ما شهده في عهد المتوكل من التحديات و الوشايات بين الحين و الآخر، و قد اكتفي الحكام الثلاثة بفرض الاقامة الجبرية عليه في مدينة الجيش سامراء، و انتهت بمقتله مسموما عليه السلام في عهد المعتز.

و لعل السبب في ذلك أن سلطة الحكام العباسيين في تلك الفترة من تأريخ خلافة بني العباس قد تلاشت تقريبا، و لم يعد للخليفة منها غير الاسم، و أصبح الحكم للقادة الأتراك و غيرهم، فهم يتولون الأمر و النهي، و هم يعزلون الخليفة أو يقتلونه و يولون غيره.

قال ابن الطقطقا: و كان الأتراك قد استولوا منذ قتل المتوكل علي المملكة،



[ صفحه 365]



و استضعفوا الخلفاء، فكان الخليفة في يدهم كالأسير، ان شاءوا أيقوه، و ان شاءوا خلعوه، و ان شاءوا قتلوه. [1] .

و كثير من الأحداث تؤكد ضعف الخلفاء في تلك الفترة من التأريخ، و قد وصف بعض شعراء العصر الحالة التي انتهت اليها الخلافة العباسية بقوله:



خليفة في قفص

بين وصيف و بغا



يقول ما قالا له

كما تقول الببغا [2] .



و قد وصف بهذه الأبيات حال المستعين الذي لم يكن له أدني أمر مع امرء الجند الأتراك و صيف و بغا و غيرهما.


پاورقي

[1] الفخري: 243.

[2] تأريخ الخلفاء للسيوطي: 287.