بازگشت

علي بن عيسي الاربلي


و قال الشيخ علي بن عيسي الاربلي، المتوفي سنة 692 ه

شرف مولانا الهادي عليه السلام قد ضرب علي المجرة قبابه، و مد علي النجوم أطنابه، و وصل بأسباب السماء أسبابه، فما تعد منقبة الا و له نخيلتها، و لا تذكر كريمة الا و له فضيلتها، و لا تورد حسنة الا و له تفصيلها و جملتها، و لا تستعظم حالة سنية الا و تظهر عليه أدلتها، استحق ذلك بما في جوهر نفسه من كرم تفرد بخصائصه، و مجد حكم فيه علي طبعه الكريم، فحفظه من الشوب حفظ الراعي لقلائصه. [1] .

فكانت نفسه مهذبة، و أخلاقه مستعذبة، و سيرته عادلة، و خلاله فاضلة، و مباره الي العفاة واصلة، و رباع المعروف بوجوده وجوده آهلة، جري من الوقار و السكينة و السكون و الطمأنينة، و العفة، و النزاهة و النباهة، و الشفقة و الرأفة، و الحزم و الحصافة، و الحنو علي الأقارب و الأباعد، و الحدب علي الولي و الحاسد، علي وتيرة نبوية، و شنشنة [2] علوية، و نفس قدسية، لا يقاربها أحد من الأنام و لا يدانيها، و طريقة لا يشاركها فيها خلق و لا يطمع فيها.



[ صفحه 458]



ان السري اذا سري فبنفسه

و ابن السري اذا سري أسراهما



اذا قال بذ [3] الفصحاء، و حير البلغاء، و أسكت العلماء، ان جاد بخل الغيث، و ان صال جبن الليث، و ان فخر أذعن كل مساجل، اليه كل مناضل و أقر لشرفه كل شريف، و ان طاول الأفلاك و نافر الأملاك و اعترف أنه ليس هناك، و ان ذكرت العلوم فهو عليه السلام موضح اشكالها، و فارس جلادها و جدالها، و ابن نجدتها، و صاحب أقوالها، و اطلاع نجادها، و ناصب أعلام عقالها.

هذه صفاته التي تتعلق بذاته، و علاماته الدالة علي معجز آياته، فان أتي الناس بآبائهم أتي بقوم أخبر بشرفهم هل أتي، و دلت علي مناصبهم آية المباهلة، و ان عنا عن قبولهم من عنا، و نطق القرآن الكريم بفضلهم، و نبه الرسول صلي الله عليه و آله علي نبلهم، و لم يسأل علي التبليغ أجرا الا ودهم، و بالغ في العهد بهم: أن أحسنوا خلافتي في أهلي، فما حفظوا عهده و لا عهدهم.

فهم عليهم السلام امناء الله و خيرته، و خلفاؤه علي بريته و صفوته، المشار اليهم بآداب القرآن المجيد، المخاطبون ب (ان في ذلك لمن كان له قلب أو ألقي السمع و هو شهيد) [4] الذين هم علي أولياء الله أرق من الماء، و علي أعدائه أقسي من الحديد.

و أجواد و السحاب باخل، أيقاظ في اللقاء و الليث ذاهل، قلوبهم حاضرة، و وجوههم ناضرة، و ألسنتهم ذاكرة، و اذا كان لغيرهم دنيا فلهم دنيا و آخرة، صلي الله عليهم صلاة يقتضيها كرم الله، و استحقاقهم الكامل، و هذان سببان يوجبان الحصول لوجود الفاعل و القابل. [5] .



[ صفحه 459]




پاورقي

[1] القلائص: جمع قلوص.

[2] الشنشنة: العادة الغالبة.

[3] بذه: فاقه و سبقه.

[4] ق: 37.

[5] كشف الغمة 189: 2.