بازگشت

في تاريخ وفاة أبي الحسن الهادي


قبض أبوالحسن علي بن محمد الهادي عليهماالسلام مسموما بسر من رأي في يوم الاثنين ثالث رجب سنة أربع و خمسين و مائتين و له - يومئذ - احدي و اربعون سنة و أشهر، و كانت مدة امامته ثلاثا و ثلاثين سنة و اشهرا، و كان أيام امامته بقية ملك المعتصم، ثم ملك الواثق، ثم ملك المتوكل، ثم ملك المنتصر، ثم ملك



[ صفحه 298]



المستعين، ثم ملك المعتز، و دفن داره بسر من رأي [1] .

و خرج أبومحمد عليه السلام في جنازته، و قميصه مشقوق و صلي عليه و دفنه [2] .

و قال المسعودي: و كانت وفاة أبي الحسن عليه السلام في خلافة المعتز بالله، و ذلك في يوم الاثنين لأربع بقين من جمادي الآخرة سنة أربع و خمسين و مائتين، و هو ابن أربعين سنة، و قيل: ابن اثنتين و أربعين، و قيل: أكثر من ذلك، و سمع في جنازته جارية، تقول: ماذا لقينا في يوم الاثنين قديما و حديثا؟ و صلي عليه أحمد بن المتوكل علي الله في شارع أبي أحمد و في داره بسامراء، و دفن هناك، انتهي [3] .

أقول: أشارت الجارية بهذه الكلمة الي يوم وفاة النبي صلي الله عليه وآله وسلم، و جلافة المنافقين الطغام، و البيعة التي عم شؤمها الاسلام، و أخذت الجارية هذه عن عقيلة الهاشميين زينب بنت أميرالمؤمنين عليهماالسلام، في ندبتها علي الحسين عليه السلام: بأبي من أضحي عسكره يوم الاثنين نهبا [4] .

و قال في اثبات الوصيه: حدثنا جماعة كل واحد منهم يحكي، أنه دخل الدار - أي دار أبي الحسن عليه السلام يوم وفاته - وقد اجتمع فيها جل بني هاشم من الطالبيين و العباسيين، واجتمع خلق من الشيعة ولم يكن ظهر عندهم أمر أبي محمد عليه السلام ولا عرف خبره [5] الا الثقات الذين نص أبوالحسن عليه السلام عندهم عليه، فحكوا أنهم كانوا في مصيبة و حيرة، فهم في ذلك اذ خرج من الدار الداخلة خادم فصاح بخادم آخر: يا رياش خذ هذه الرقعة و امض بها الي دار أميرالمؤمنين و ادفعها الي فلان، و قل له: هذه رقعة الحسن بن علي، فاستشرف الناس لذلك، ثم فتح من صدر الرواق باب، و خرج خادم اسود، ثم خرج بعده أبومحمد عليه السلام



[ صفحه 299]



حاسرا مكشوف الرأس مشقوق الثياب، و عليه مبطنة ملحم [6] بيضاء، و كان وجهه وجه أبيه عليه السلام لا يخطي ء منه شيئا، و كان في الدار أولاد المتوكل، و بعضهم ولاة العهد فلم يبق أحد الا قام علي رجله، و وثب اليه أبوأحمد [7] الموفق، فقصده أبومحمد عليه السلام فعانقه، ثم قال له: مرحبا بابن العم، و جلس بين بابي الرواق و الناس كلهم بين يديه، و كانت الدار كالسوق بالاحاديث.

فلما خرج و جلس أمسك الناس فما كنا نسمع شيئا الا العطسة و السعلة، و خرجت جارية تندب أباالحسن عليه السلام، فقال أبومحمد عليه السلام ما ها هنا من يكفي مؤونة هذه الجاهلة [8] ؟ فبادر الشيعة اليها فدخلت الدار، ثم خرج خادم فوقف بحذاء أبي محمد فنهض صلي الله عليه، و اخرجت الجنازة، و خرج يمشي حتي اخرج بها الي الشارع الذي بازاء دار موسي بن بغا، و قد كان أبومحمد عليه السلام، صلي عليه قبل أن يخرج الي الناس، و صلي عليه لما اخرج المعتمد، ثم دفن صلي الله عليه في دار من دوره - الي أن قال: - و تكلمت الشيعة في شق ثيابه عليه السلام، و قال بعضهم: رأيتم أحدا من الأئمة شق ثوبه في مثل هذا الحال؟ فوقع الي من قال ذلك: يا أحمق ما يدريك ما هذا، قد شق موسي علي هارون عليهماالسلام، انتهي [9] .

و روي عنه عليه السلام قال: هذا الدعاء كثيرا ما أدعو الله به، و قد سألت الله عزوجل أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي و هو:

(يا عدتي عند العدد، و يا رجائي و المعتمد، و يا كهفي و السند، و يا واحد يا أحد، و يا قل هو الله أحد، اسألك اللهم بحق من خلقته من خلقك، و لم تجعل في خلقك مثلهم أحدا، صل علي جماعتهم و افعل بي كذا و كذا) [10] .


پاورقي

[1] المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 401، و روضة الواعظين: ص 246، و تاج المواليد للطبرسي: ص 55 و 56.

[2] الكشي: ص 572 ح 1084 قطعة منه.

[3] مروج الذهب: ج 4 ص 84، و عنه البحار: ج 50 ص 207 ح 22.

[4] اللهوف في قتلي الطفوف: ص 58.

[5] في المصدر:«خبرهم».

[6] «ملحم» لم ترد في المصدر.

[7] ورد في المصدر: «أبومحمد الموفق» و ما أثبتناه هو الصحيح.

[8] في خ ل: «الجارية».

[9] اثبات الوصية: ص 205.

[10] الأمالي للطوسي: ج 1 ص 286.