بازگشت

ذكر الامام العاشر أبي الحسن علي النقي


قال كمال الدين بن طلحة رحمه الله تعالي: الباب العاشر في أبي الحسن علي المعروف بالعسكري الملقب بالمتوكل ابن أبي جعفر محمد القانع بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق صلوات الله عليهم و سلامه.

أما مولده ففي رجب من سنة مأتين و أربع عشرة للهجرة.

و أما نسبه أبا و أما؛ فأبوه أبوجعفر محمد القانع بن علي الرضا بن موسي و قد تقدم ذكر ذلك مبسوطا، و أمه أم ولد اسمها سمانة المغربية، و قيل غير ذلك، و أما اسمه فعلي.

و أما ألقابه فالناصح، و المتوكل، و الفتاح، و النقي، و المرتضي، و أشهرها المتوكل، و كان يخفي ذلك و يأمر أصحابه أن يعرضوا عنه لكونه كان لقب الخليفة أميرالمؤمنين المتوكل يومئذ.

و أما مناقبه فمنها ما حل في الآذان محل حلاها بأشنافها، و اكتنفه شغفا به اكتناف اللآلي الثمينة بأصدافها، و أشهد لأبي الحسن أن نفسه موصوفة بنفايس أوصافها، و أنها نازلة من الدوحة النبوية ذري أشرافها و شرفات أعرافها، و ذلك أن أباالحسن عليه السلام كان يوما قد خرج من سر من رأي الي قرية لمهم عرض له، فجاء رجل من الأعراب يطلبه، فقيل له: قد ذهب الي الموضع الفلاني فقصده، فلما وصل اليه قال له: ما حاجتك؟ فقال: أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسكين بولاء جدك علي بن أبي طالب، و قد ركبني دين فادح [1] أثقلني حمله، و لم أر من أقصده لقضائه سواك، فقال له أبوالحسن: طب نفسا وقر عينا، ثم أنزله.

فلما أصبح ذلك اليوم قال له أبوالحسن: أريد منك حاجة، الله الله أن تخالفني فيها! فقال الأعرابي: لا أخالفك، فكتب أبوالحسن ورقة بخطه معترفا فيها أن عليه



[ صفحه 885]



للأعرابي مالا عينه فيها يرجح علي دينه، و قال: خذ هذا الخط فاذا وصلت الي سر من رأي أحضر الي و عندي جماعة فطالبني به، و أغلظ القول علي في ترك ايفائك اياه، الله الله في مخالفتي، فقال: أفعل، و أخذ الخط، فلما وصل أبوالحسن الي سر من رأي و حضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة و غيرهم، حضر ذلك الرجل و أخرج الخط و طالبه، و قال كما أوصاه، فألان أبوالحسن له القول و رفقه و جعل يعتذر اليه و وعده بوفائه و طيبة نفسه، فنقل ذلك الي الخليفة المتوكل، فأمر أن يحمل الي أبي الحسن ثلاثون ألف درهم، فلما حملت اليه تركها الي أن جاء الرجل فقال: خذ هذا المال فاقض منه دينك و أنفق الباقي علي عيالك و أهلك و أعذرنا، فقال له الأعرابي: يابن رسول الله و الله ان أملي كان يقصر عن ثلث هذا، ولكن الله أعلم حيث يجعل رسالاته، و أخذ المال و انصرف، و هذه منقبة من سمعها حكم له بمكارم الأخلاق، و قضي له بالمنقبة المحكوم بشرفها بالاتفاق.

ولده أبومحمد الحسن و سيأتي ذكره بعده ان شاء الله تعالي.

و أما عمره فانه مات في جمادي الآخر لخمس ليال بقين منه من سنة أربع و خمسين و مأتين في خلافة المعتز، و قد تقدم ذكر ولادته في سنة أربع عشرة و مأتين، فيكون عمره أربعين سنة غير أيام، و كان مقامه مع أبيه ست سنين و خمسة أشهر، و بقي بعد وفاة أبيه ثلاثا و ثلاثين سنة و شهورا، و قبره بسر من رأي (آخر كلامه).

و قال الحافظ عبدالعزيز بن الأخضر الجنابذي رحمه الله: أبوالحسن علي بن محمد ابن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام مولده سنة أربع عشرة و مأتين، و مات سنة أربع و خمسين و مأتين، فكان عمره أربعين سنة، قبره بسر من رأي، دفن بها في زمن المنتصر، يلقب بالهادي، و أمه سمانة، و يقال أنه ولد بالمدينة للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و مأتين، و قبض بسر من رأي في رجب سنة أربع و خمسين و مأتين، و له يومئذ احدي و أربعون سنة و ستة أشهر، و قبر بسر من رأي في داره.

قال علي بن يحيي بن أبي منصور قال: كنت يوما بين يدي المتوكل و دخل علي بن محمد بن علي بن موسي عليهم السلام، فلما جلس قال له المتوكل، ما يقول ولد أبيك في العباس بن عبدالمطلب؟ قال: ما يقول ولد أبي يا أميرالمؤمنين في رجل فرض الله تعالي طاعة نبيه علي خلقه، و فرض طاعته علي نبيه صلي الله عليه و آله و سلم (انتهي كلامه).



[ صفحه 886]




پاورقي

[1] فدحه الدين: أثقله.