اسقاط الشخصية
من المعروف ان الشخصية القيادية، هي التي تتمتع بنفوذ قوي
[ صفحه 42]
و صاخب في قلوب الجماهير حيث تأمر فتطاع و تنيه فتتبع..
و نظرا لكون الامام (ع) يتمتع بهذه الشخصية، لا سيما و هو قائد الحركة الرسالية، فأن أعصاب المتوكل و هواجسه كانت تشتعل رعبا و خوفا منه.
فعن ذلك يروي لنا محمد بن الحسن الاشتر العلوي قال: كنت مع ابي بباب المتوكل، و أنا صبي في جمع من الناس ما بين طالبي الي عباسي الي جندي الي غير ذلك، و كان اذا جاء ابوالحسن (ع) ترجل الناس كلهم حتي يدخل.
فقال بعضهم لبعض: لم نترجل لهذا الغلام؟ و ما هو باشرفنا و لا بأكبرنا و لا بأسسنا و لا بأعلمنا؟ فقالوا: و الله لا ترجلنا له فقال لهم ابوهشام: و الله لترجلن له صغارا و ذلة اذا رايتموه، فما هو الا ان اقبل و بصروا به فترجل له الناس كلهم فقال لهم ابوهشام: اليس زعمتم انكم لا تترجلون له؟ فقالوا و الله ما ملكنا انفسنا حتي ترجلنا» [1] .
و هناك روايات كثيرة تدل علي استخدام المتوكل لهذه السياسة.
فمنذ البداية - اي لما قدم الامام (ع) الي سامراء - لم يستقبله المتوكل، [2] و لم ينوب عنه من يستقبله... و انما امر اسكانه في خان
[ صفحه 43]
الصعاليك، تصغيرا لمنزلته، و تحقيرا لشخصيته..
تقول الرواية: - اخبرني ابوالقاسم جعفر بن محمد.. عن صالح ابن سعيد قال: دخلت علي ابي الحسن (ع) يوم وروده فقلت له: جعلت فداك في كل الامور ارادوا اطفاء نورك، و التقصير بك، حتي انزلوك هذا المكان الأسنع خان الصعاليك» [3] .
و هذا الامر ينافي رسالة المتوكل المبعوثه للامام (ع) و الذي جاء فيها «اما بعد،فأن اميرالمؤمنين عارف بقدرك راع لقرابتك، موجب لحقك، مؤثر من الامور فيك و في اهل بيتك... و اميرالمؤمنين مشتاق اليك، يحب احداث العهد بك، و النظر الي وجهك...» [4] .
پاورقي
[1] بحارالأنوار ج 50 ص 137.
[2] بحارالأنوار ج 50 ص 202.
[3] بحارالأنوار ج 50 ص 112.
[4] الارشاد للشيخ المفيد ص 333.