بازگشت

التجسس


لقد كان التجسس قائم علي قدم و ساق، و لكنهم لم يضبطوا من عملهم المضني هذا - علي الامام - اي مستمسكات او وثائق تدينه كما يدعون.. بل كان حصيلة اعما التجسيسية الظنون و الهواجس التي يتخوفون منها بين الفينة و الاخري، كحيازه السلاح [1] .

و كثيرا ما حصلت مثل هذه التهم، فقد كانت مصاحبة للامام (ع) منذ ان كان وجوده في المدينة المنورة و الي آخر حياته.

و لتدليل علي شدة المراقبة، و كثافة التجسس، نورد الرواية التالية حيث. ينطبق المثل القائل «الجدران لها آذان».

تقول الرواية: «روي السيد بن طاووس في كشف المحجة باسناده من



[ صفحه 45]



كتاب الرسائل للكليني عمن سماه قال: كتبت الي ابي الحسن (ع) ان الرجل يحب ان يفضي الي امامه ما يحب ان يفضي الي ربه، قال تكتب، ان كان لك حاجة فحرك شفتيك فأن الجواب يأتيك [2] .

لما فهم المتوكل اللعبة (طريقة الامام (ع)، بدأ يزرع عيونه و جواسيسه في عمق التجمع الرسالي امثال احمد بن الخطيب [3] ، الذي اراد اغتيال الامام (ع) بتخطيط منه، و بتأييد و دعم من السلطة العباسية.

و هناك شخصيات اخري امثال الفتح بن خاقان الذي يقول عنه زرافه الحاجب انه «كان المتوكل الخطوه الفتح بن خاقان عنده و قر به منه دون الناس جميعا و دون ولده و اهله، و اراد ان يبين موضعه عندهم فأمر جميع مملكته من الاشراف من اهله و غيرهم الوزراء و امراء و القواد و سائر العساكر و وجوه الناس ان يتزينوا باحسن الزينة... و يخرجوا مشاة بين يديه و ان لا يركب احدا الا و هو الفتح بن خاقان خاصة بسر من رأي، و مشي الناس بين ايديهما علي مراتبهم رجاله، و كان يوما قائظا شديد الحر و اخرجوا في جملة الاشراف اباالحسن علي بن محمد (ع)، و شق عليه ما لقيه من الحر و الزحمة [4] .



[ صفحه 46]



الشاهد هو ان هذه الشخصية المنافقة، ذات المكانة المرموقة في السلطة، اندست الي التجمع الرسالي حيث كانت تمثل دور المخلص للقياده الرسالية، و المعتقد ايما اعتقاد بها... و ما هذا الاندساس الا شراك منصوبة للامام (ع) فيما لو حاول او فكر (ع) بالاستعانة بالفتح لقلب النظام او التجسس علي السلطة بتجميع المعلومات لرفد الحركة الرسالية بها.

ففي حوار طويل يكمن صحة ما نقوله: و هو عندما ولي ابوموسي منصرفا تتبعه الفتح بن خاقان فقال له: لست أشك انك سألته - اي الامام (ع) - دعاء لك فالتمس لي منه دعاء. فلما دخلت اليه (ع): قلت ان الفتح قال لي كيت و كيت، قال: انه يوالينا بظاهره، و يجانبنا بباطنه» [5] .

بات التجسس هاجسا، يحد من حركة المؤمنين و فعاليتهم، و يهدد علاقاتهم الايمانية بالانهيار، و اصبح حب الفرد لانتماءه و دينه يقاس بحبه لصاحبه [6] .. «فقد روي عن علي بن جعفر قال: قلت لابي الحسن (ع): اينا اشد حبا لدينه؟ قال اشدكم حبا لصاحبه» [7] .



[ صفحه 47]




پاورقي

[1] بحارالأنوار ج 50 ص 211.

[2] بحارالأنوار ج 50 ص 155.

[3] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 408 -407، و أنظر - أيضا - بحارالأنوار ج 50 ص 129.

[4] بحارالأنوار ج 50 ص 192.

[5] بحارالأنوار ج 50 ص 127.

[6] سواء كان الصاحب قائدا، أم مقودا.

[7] بحارالأنوار ج 50 ص 194.