سياسة «فرق تسد»
عمد المتوكل العباسي لكي يبلغ الامة الاسلامية قاطبة، الي تفكيكها و تجزأتها احزابا و مذاهبا و شيعا..، و اخذ يؤجج نار الفتنة و الخلافات فيما
[ صفحه 49]
بينها، لكي تستنفذ قواها، و تستهلك طاقتها، و تخور عزيمتها، و تبور امكانيات مقاومتها.. فيقضي عليها، و يصفو له الجو، و يحكم بما شاء...
و علي هذا الاساس، أخذ علي عاتقه تغذية المسائل الفكرية الخلافية، كمسألة خلق القرآن.
يقول العلامة المدرسي:
«كذلك قصة خلق القرآن الآن تذكر كقصة عابرة، لكن في وقتها كانت قضية اساسية و مثلما توجد الآن في العالم الاسلامي تيارات شرقية و غربية، كذلك في العهد الاسلامي السابق كانت تشق الامة الاسلامية حركتان فكريتان:
1 / حركة تسمي بالاعتزال.
2 / حركة تسمي بالاشاعر.» [1] .
و نري خيوط المتوكل جلية في هذه اللعبة السياسية القذرة، حينما نستعرض الروايات و المعطيات التاريخية:
يقول العلامة المدرسي: (و ظلت السلطة في عهد المأمون العباسي،
[ صفحه 50]
المعتصم العباسي، و الواثق العباسي تؤيد الاعتزال. و لما جاء المتوكل صار مع الاشاعرة فاحضر رجلا فسأله:
ما قولك في خلق القرآن؟
فأجاب: يا اميرالمؤمنين، اني اري ان الله سبحانه و تعالي كان و لم يكن معه شي ء، ثم بعد ذلك اوحي بالقرآن.
فقال المتوكل: أأنت تقول بخلق القرآن؟ فقال الرجل: هكذا اعتقد، فأمر المتوكل بضرب عنقه» [2] .
ما هو موقف الامام (ع) ازاء هذه المسألة؟
ان موقف الامام (ع) كان حازما و حاسما و سابقا، فمنذ أيام الواثق اعلن موقفه بصراحة، و هو ان الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل و المجيب علي السواء، و ان الكلمة التي تقال في الموضوع و تحسمه «الله هو الخالق و ما سواه مخلوق و القرآن كلام الله» [3] .
پاورقي
[1] التاريخ الاسلامي ص 378 -377.
[2] التاريخ الاسلامي ص 278.
[3] منهاج التحرك عند الامام الهادي (ع) ص 30.