سياسة التصفية الجسدية
حينما يري النظام ان سياساته الانفه الذكر لا تجدي نفعا - عند ذلك - يلجأ الي سياسات اشد ارهابية و تنكيلا، و اكثر شراسة من ممارساته السابقة.
[ صفحه 55]
و بالفعل، هذا ما حصل النظام العباسي، حيث حمل شعار الامويين في هذا الصدد، و الذي يقول: «خذوهم بالظنة و اقتلوهم بالتهمة».
و لعل ابرز سمات الانظمة المتبعة لهذه السياسة هو: التخبط في القررات السياسية، و الطعن المستمر في الاطراف المقابلة، و الظهور بمظهر القوي المقتدر في وسائله الاعلامية، ليخوف منافسيه و معارضيه من الاقدام باي عمل ضده.
و نحن عندما نستعرض الرواية التالية، التي تبين لنا محاولة اغتيال الامام (ع)، دبرها المتوكل، و رئيس وزراءه المنافق الفتح بن الخاقان.. نستوحي منها المعاملات و الممارسات المتهورة و اللامسئولة... تقول الرواية:
روي ابوسعيد سهل بن زياد قال: حدثنا ابوالعباس فضل بن احمد بن اسرائيل الكاتب و نحن في داره بسامراء، فجري ذكر ابي الحسن (ع) فقال يا اباسعيد اني احدثك بشي ء حدثني به ابي قال: كنا مع المعتز و كان ابي كاتبه فدخلنا الدار، و اذا المتوكل علي سريره قاعد، فسلم المعتز و وقف و وقفت خلفه، و كان عهدي به اذا دخل رحب به و يأمر بالقعود فأطال القيام، و جعل يرفع رجلا و يضع اخري و هو لا يأذن له بالقعود.
و نظرت الي وجهه يتغير ساعة بعد ساعة و يقبل علي الفتح ابن خاقان و يقول: هذا الذي فيه تقول، و يردد القول، و الفتح مقبل عليه يسكنه، و يقول: مكذوب عليه يا اميرالمؤمنين و هو يتلظي و يقول: و الله لا قتلن هذا
[ صفحه 56]
المرائي الزنديق و هو يدعي الكذب، «و يطعن في دولتي» ثم قال: جئني بأربعة من الخزر فجي ء بهم و دفع اليهم اربعة اسياف، و أمرهم أن يرطنوا بالسنتهم اذا دخل ابوالحسن، و يقبلوا عليه باسيافهم فيخبطوه، و هو يقول: و الله لا حرقنه بعد القتل [1] .
و من البديهي، ان ما جري علي الامام (ع) جري علي اصحابه و اعضاء الحركة الرسالية حيث «التصفية البشعة لمن احب اهل البيت» [2] .
يقول الشيخ محمد فوزي عن ذلك «الاعتقالات بالجملة لكل علوي...
السجون ضاقت سعتها، فاستعيض عنها بالسراديب و المناطق المظلمة.. القمع بلع مداه... حتي للاموات و القبور..» [3] .
پاورقي
[1] بحارالأنوار ج 50 ص 196.
[2] مناقب آل أبي طالب ص 416.
[3] في العمل السري ص 36.