بازگشت

انهيار نظام المتوكل


كان الصراع في زمن المتوكل محموما و داميا، و لم تكن في ايامه اية هدنة سياسة تذكر، و استمر علي وتيرته التصاعدية حتي بلغ اشمخ قمم الارهاب و الوحشية ضد الحركة الرسالية، مما اعطي الضوء الاخضر للاخيرة في اتخاذ قرارات و مواقف حازمة، لتحصن من بطشه، و لتمترس علي مقاومته..

لذا، فان كفه حسم الصراع لم تكن مائلة في صالح النظام كما يريد، الامر الذي ادي الي استياء و سخط القيادات العسكرية في الجيش العباسي، و رغبتهم في انهاء ذلك الصراع، و القضاء علي الاوضاع السياسية المتأزمة، و الحيولة دون استفحالها.

و علي هذا الاساس بدأوا يفكرون و يخططون لازالة المتوكل و نظامه عن الخريطة السياسية، و ايجاد البديل له.. و بالفعل كانت الوسيلة لذلك القوة العسكرية (الانقلاب العسكري)، و البديل المتوكل اصبح ابنه المنتصر.

و الامام (ع) اشار الي نتيجة سياساتهم الارهابية، و المصير المنتظر للنظام، حينها قال لرئيس الوزراء الفتح «يا فتح من اطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق، و من اسخط الخالق فأيقن ان يحل به الخالق سخط المخلوق» [1] .



[ صفحه 74]



و هناك روايات كثيرة تشير الي تنويه الامام (ع) لاصحابه - الي آخر اللحظات من حكم المتوكل - و تذكرهم بالمصير المرتقب.. فعندما بلغ النظام ذروه ارهابه و اعتقل الامام (ع) عن المدة الباقية لنظام المتوكل...

لكي يعدمه حينها كشف الأمام (ع) عن المدة.. تقول الرواية: ذكر الحسن بن محمد بن جمهور القمي من كتاب الواحد قال: حدثني اخي الحسين بن محمد قال: كان لي صديق مؤدب لولد بغا أو وصيف الشك مني فقال لي الامير منصرف من دار الخليفة: حبس اميرالمؤمنين هذا الذي يقولون ابن الرضا اليوم، و دفعه الي علي ابن كركر، فسمعته يقول: أنا اكرم علي الله من ناقة صالح

«تمتعوا في داركم ثلاثة ايام ذلك وعد غير مكذوب»

و ليس يفصح بالآية و لا بالكلام. اي شي ء هذا؟ قال: قلت اعزك الله توعد انظر ما يكون بعد ثلاثة ايام.

فلما كان من الغد اطلقه و اعتذر اليه فلما كان في اليوم الثالث و ثب عليه ياغز، و يغلون و تامش، و جماعة معهم فقتلوه و اقعدوا المنتصر ولده خليفة. [2] .



[ صفحه 75]



و كما هو واضح من الرواية، فأن النظام العباسي اصابته حالة من اللاقرار و اللاخيار اتجاه قيادة الحركة الرسالية، و هذا يدل علي قوة الامام (ع) و نفوذه في الاوساط الجماهيرية...

و استمرت الحركة الرسالية في مقاومة الزمرة العباسية المتعاقبة علي دفة الحكم، و المتسلطة علي رقاب الامة الاسلامية.


پاورقي

[1] بحارالانوار ج 50 ص 177.

[2] بحارالانوار ج 50 ص 189.