في علمه و اخباره بالمغيبات و بقاء الرجل بالنصرانية بشارة بولده بالاسلام
قال قطب الدين الراوندي (ره): روي عن «هبة الله بن أبي منصور الموصلي» أنه قال: كان بديار «ربيعة» كاتب نصراني و كان من أهل كفرتوثا [1] يسمي (يوسف بن يعقوب) و كان بينه و بين والدي صداقة قال: فوافانا فنزل عند والدي فقال له والدي: فيم قدمت في هذا الوقت؟.
قال: دعيت الي حضرة المتوكل و لا أدري ما يراد مني، الا أني اشتريت نفسي من الله بمائة دينار، و قد حملتها لعلي بن محمد الرضا عليهم السلام معي.
فقال له والدي: قد وفقت في هذا، و خرج الي حضرة المتوكل و جاءنا بعد أيام قلائل فرحا مسرورا مستبشرا.
فقال له والدي: حدثني حديثك، قال: صرت الي سر من رأي و ما دخلتها قط، فنزلت في دار و قلت: يجب أن أوصل هذه المائة دينار الي ابن الرضا عليه السلام قبل مصيري الي دار المتوكل، و قبل أن يعرف أحد قدومي، و عرفت أن المتوكل قد منعه من الركوب و أنه ملازم لداره.
فقلت: كيف أصنع؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا عليه السلام لا آمن أن يبدر بي فيكون ذلك زيادة فيما أحاذره.
قال: ففكرت ساعة في ذلك، فوقع في قلبي أن أركب حماري
[ صفحه 109]
و أخرج في البلد، و لا أمنعه من حيث يذهب لعلي عليه السلام: أقف علي معرفة داره من غير أن أسأل أحدا.
قال: فجعلت الدنانير في كاغذه و جعلتها في كمي و ركبت.
فكان الحمار يتخرق الشوارع و الأسواق يمر حيث يشاء، الي أن صرت الي باب دار، فوقف الحمار فجهدت أن يزول فلم يزل، فقلت للغلام: سل لمن هذه الدار؟ فسأل فقيل: دار ابن الرضا عليه السلام.
فقلت: الله أكبر دلالة والله مقنعة.
قال: فاذا خادم أسود قد خرج فقال: أنت يوسف بن يعقوب؟ قلت: نعم.
قال: فانزل، فأقعدني في الدهليز و دخل.
فقلت: هذه دلالة أخري، من أين عرف اسمي و اسم أبي، و ليس في البلد من يعرفني و لا دخلته قط؟
فخرج الخادم فقال: المائة دينار التي في كمك في الكاغذة هاتها فناولته اياها و قلت: هذه ثالثة.
ثم رجع الي و قال: أدخل فدخلت اليه و هو وحده.
فقال يا يوسف ما آن لك؟ فقلت: يا مولاي قد بان لي من البرهان ما فيه كفاية لمن اكتفي.
فقال هيهات انك لا تسلم، ولكن سيسلم ولدك فلان و هو من شيعتنا، يا يوسف: ان أقواما يزعمون أن ولايتنا لا تنفع أمثالكم، كذبوا والله انها لتنفع أمثالك، امض فيما وافيت له فانك ستري ما تحب و سيولد لك ولد مبارك.
قال: فمضيت الي باب المتوكل، فنلت كل ما أردت و انصرفت.
قال «هبة الله»: فلقيت ابنه بعد هذا (يعني بعد موت والده) و هو
[ صفحه 110]
مسلم حسن التشيع، فأخبرني أن أباه مات علي النصرانية و أنه أسلم بعد موت أبيه.
و كان يقول: أنا مؤمن ببشارة مولاي عليه السلام. [2] .
پاورقي
[1] كفرتوثا: قرية كبيرة من أعمال الجزيرة بينها و بين دارا خمسة فراسخ، و كفرتوثا أيضا من قري فلسطين.
و الجزيرة اسم للبلاد التي بين دجلة و الفرات من أمهات مدنها الموصل و حران و نصيبين وآمد.
[2] كشف الغمة لابن أبي الفتح الاربلي ص 186 - 185 ج 3.
و الأنوار البهية للشيخ عباس القمي ص 232 - 230.