بازگشت

ظهرت لعدوه عند اشخاصه الي سر من رأي من علمه بالرياح و نزول المطر


(روي المسعودي) عن «يحيي بن هرثمة»، قال: وجهني المتوكل الي المدينة لاشخاص علي بن محمد عليه السلام لشي ء بلغه عنه، فلما صرت اليها ضج أهلها و عجوا ضجيجا و عجيجا، ما سمعت مثله، فجعلت أسكنهم و أحلف أني لم اؤمر فيه بمكروه، و فتشت بيته فلم أصب فيه الا مصحفا [1] و دعاء و ما أشبه ذلك، فأشخصته و توليت خدمته و أحسنت عشرته، فبينا أنا في يوم من الأيام و السماء صاحية و الشمس طالعة اذ ركب و عليه ممطر، و قد عقد ذنب دابته، فعجبت من فعله، فلم يكن بعد ذلك الا هنيهة، حتي جاءت سحابة فأرخت عزاليها [2] و نالنا من المطر أمر عظيم جدا، فالتفت الي عليه السلام و قال: أنا أعلم أنك أنكرت ما رأيت، و توهمت أني علمت من الأمر مالا تعلمه، و ليس ذلك كما ظننت، ولكني نشأت بالبادية فأنا أعرف الرياح التي يكون في عقبها المطر، فلما أصبحت هبت ريح لا تخلف، و شممت منها رائحة المطر، فتأهبت لذلك فلما قدمت مدينة السلام، بدأت «باسحاق بن ابراهيم الطاطري» و كان علي بغداد، فقال: يا يحيي ان هذا الرجل قد



[ صفحه 120]



ولده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و المتوكل من تعلم، و ان حرضته علي قتله كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم خصمك.

فقلت: والله ما وقفت منه الا علي كل أمر جميل، فصرت الي سامراء فبدأت «بوصيف التركي» و كنت من أصحابه، فقال: والله لئن سقطت من رأس هذا الرجل شعرة لا يكون المطالب بها غيري.

فعجبت من قولهما و عرفت المتوكل ما وقفت عليه و ما سمعته من الثناء عليه، فأحسن جائزته و أظهر بره و تكرمته. [3] انتهي.


پاورقي

[1] و في تذكرة السبط فلم أجد فيه الا مصاحف و أدعية و كتب العلم فعظم في عيني و توليت خدمته بنفسي الخ (منه).

[2] عزالي جمع عزلاء أمطارها.

[3] الأنوار البهية للشيخ عباس القمي ص 238 - 237.

و تذكرة الخواص لابن الجوزي ص 360 - 359.