بازگشت

شخوص الهادي الي سامراء و خروجه الي العراق و كيفية وفاته


قال المفيد عليه الرحمة كان سبب شخوص أبي الحسن علي الهادي عليه السلام الي سر من رأي ان عبدالله بن محمد كان يتولي الحرب و الصلاة بمدينة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم فسعي بأبي الحسن عليه السلام و كان يقصده بالأذي (و قال) المرتضي في عيون المعجزات و السعودي في اثبات الوصية أن بريحة العباسي صاحب الصلاة بالحرمين كتب الي المتوكل ان كان لك في الحرمين حاجة فاخرج ابن محمد منها فانه قد دعا الناس الي نفسه و اتبعه خلق كثير و تابع بريحة الكتب في هذا المعني (و قال) سبط ابن الجوزي في



[ صفحه 650]



تذكرة الخواص قال علماء السير انما أشخصه المتوكل من المدينة الي بغداد لأن المتوكل كان يبغض عليا و ذريته فبلغه مقام علي الهادي بالمدينة و ميل الناس اليه فخاف منه فدعا يحيي بن هرثمة و قال اذهب الي المدينة و انظر في حاله و أشخصه الينا قال يحيي فذهبت الي المدينة فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجا عظيما ما سمع الناس بمثله خوفا علي علي و قامت الدنيا علي ساق لأنه كان محسنا اليهم ملازما للمسجد و لم يكن عنده ميل الي الدنيا فجعلت اسكنهم و احلف لهم اني لم اؤمر فيه بمكروه و انه لا بأس عليه ثم فتشت منزله فلم أجد فيه الا مصاحف و أدعية و كتب العلم فعظم في عيني و توليت خدمته بنفسي و أحسنت عشرته (قال المفيد) و بلغ أباالحسن عليه السلام سعاية عبدالله بن محمد به فكتب الي المتوكل بذكر تحامل عبدالله بن محمد عليه و كذبه فيما سعي به فتقدم المتوكل باجابته عن كتابه و دعاه فيه الي الحضور الي سر من رأي علي جميل من الفعل و القول و هذه نسخة الكتاب.

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فان أميرالمؤمنين عارف بقدرك راع لقرابتك موجب لحقك مؤثر من الأمور فيك و في اهل بيتك ما يصلح الله به حالك و حالهم و يثبت به عزك و عزهم و يدخل الأمن عليك و عليهم يبتغي بذلك رضا ربه و اداء ما افترض عليه فيك و فيهم و قد رأي أميرالمؤمنين صرف عبدالله ابن محمد عما كان يتولاه من الحرب و الصلاة بمدينة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم اذ كان علي ما ذكرت من جهالته بحقك و استخفافه بقدرك و عند



[ صفحه 651]



ما قرفك به و نسبك اليه من الأمر الذي قد علم أميرالمؤمنين براءتك منه و صدق نيتك و قولك في ترك محاولتة و انك لم توهل نفسك لما قرفت بطلبه و قد ولي أميرالمؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل و امره باكرامك و تبجيلك و الانتهاء الي أمرك و رأيك و التقرب الي الله و الي أميرالمؤمنين بذلك و أميرالمؤمنين مشتاق اليك يحب احداث العهد بك و النظر اليك فان نشطت لزيارته و المقام قبله ما احببت شخصت و من اخترت من أهل بيتك و مواليك و حشمك علي مهلة و طمأنينة ترحل اذا شئت و تنزل اذا شئت و تسير كيف شئت و ان احببت ان يكون يحيي بن هرثمة مولي أميرالمؤمنين و من معه من الجند يرحلون برحيلك و يسيرون بسيرك فالأمر في ذلك اليك و قد تقدمنا اليه بطاعتك فاستخر الله حتي توافي أميرالمؤمنين فما أحد من اخوانه و ولده و أهل بيته و خاصته الطف منك منزلة و لا أحمد له اثرة و لا هو لهم أنظر و لا عليهم اشفق و بهم ابر و اليهم اسكن منه اليك و السلام عليك و رحمة الله و بركاته و كتب ابراهيم بن العباس في جمادي الآخرة سنة ثلاث و أربعين و مائتين (فلما) وصل الكتاب الي أبي الحسن «ع» تجهيز للرحيل و استأجل ثلاثة ثم خرج متوجها نحو العراق (قال المسعودي) و اتبعه بريحة مشيعا فلما صار في بعض الطريق قال له بريحة قد علمت وقوفك علي أني كنت السبب في حملك و علي حلف بايمان مغلظة لئن شكوتني الي أميرالمؤمنين أو أح



[ صفحه 652]



من خاصته لأجمرن [1] نخلك و لأقتلن مواليك و لأغورن عيون ضيعتك و لأفعلن و لأصنعن فقال له أبوالحسن «ع» ان أقرب عرضي اياك علي الله البارحة و ما كنت لأعرضنك عليه ثم أشكوك الي غيره من خلقه فانكب عليه بريحة و ضرع اليه و استعفاه فقال قد عفوت عنك (و لم يزل ع) سائرا و معه يحيي بن هرثمة حتي وصل الي بغداد (قال المسعودي) فخرج اسحاق بن ابراهيم و جملة القواد فتلقوه (قال سبط بن الجوزي) قال يحيي لما قدمت به بغداد بدأت باسحاق بن ابراهيم الطاهري و كان واليا علي بغداد فقال لي يا يحيي ان هذا الرجل قد ولده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و المتوكل من تعلم فان حرضته عليه قتله و كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم خصمك يوم القيامة فقلت له و الله ما وقعت منه الا علي كل أمر جميل ثم صرت الي سر من رأي فبدأت بوصيف التركي فاخبرته بوصوله فقال والله لئن سقط منه شعرة لا يطالب بها سواك فعجبت كيف وافق قوله قول اسحاق فلما دخلت علي المتوكل سالني عنه فاخبرته بحسن سيرته و سلامة نيته و ورعه و زهادته و اني فتشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف و كتب العلم و ان أهل المدينة خافوا عليه فاكرمه المتوكل و أحسن جائزته (قال المسعودي) لما خرج الهادي



[ صفحه 653]



«ع» الي سر من رأي تلقاه جملة أصحاب المتوكل حتي دخل اليه فاعظمه و أكرمه ثم انصرف عنه الي دار قد اعدت له (و قال المفيد) لما وصل الي سامرا تقدم المتوكل بان يحجب عنه في يومه فنزل في خان يقال له خان الصعاليك و أقام فيه يومه ثم أمر المتوكل بافراد دار له فانتقل اليها. و أقام أبوالحسن «ع» مدة مقامه بسر من رأي مكرما في ظاهر حاله و يبتغي له المتوكل الغوائل في باطن أمره و كان يجتهد في ايقاع حيلة به و يعمل علي الوضع من قدره في عيون الناس فلا يتمكن من ذلك (و روي) صقر الكرخي قال لما حمل المتوكل سيدنا اباالحسن الهادي عليه السلام الي سر من رأي احببت ان اسأل عن خبره فنظر الي الزرافي حاجب المتوكل ثم أمرني بالدخول فلما انفض الناس قال لعلك جئت تسأل عن خبر مولاك قلت و من مولاي؟ مولاي أميرالمؤمنين قال أسكت مولاك هو الحق فلا تحتشمني فاني علي مذهبك فحمدت الله فقال أتحب ان تراه؟ قلت نعم قال اجلس حتي يخرج صاحب البريد من عنده فلما خرج قال لغلام له خذ بيده و ادخله الحجرة التي فيها العلوي المحبوس فدخلت فاذا مولاي جالس علي صدر حصير و بحذائه قبر محفور فسلمت فرد علي السلام و أمرني بالجلوس فلما نظرت الي القبر بكيت فقال لا عليك لن يصلوا الينا بشي ء الآن فحمد الله ثم قال و دع و اخرج فلا آمن عليك أن تؤخذ (و روي) الراوندي في الخرائج عن ابن أرومة قال دخلت علي سعيد الحاجب و كان المتوكل دفع اليه أباالحسن



[ صفحه 654]



عليه السلام ليقتله فقال سعيد اتحب أن تنظر الي الهك قلت سبحان الله الذي لا تذكره الأبصار قال هو الذي تزعمون انه امامكم قلت ما أكره ذلك قال قد أمرت بقتله و أنا فاعله رغدا و عنده صاحب البريد فاذا خرج فادخل اليه فلما خرج دخلت عليه و اذا بحياله قبر محفور فلما رأيته بكيت بكاء شديدا فقال ما يبكيك قلت ما أراه قال لا تبك فانه لا يتم لهم ذلك فسكن ما بي. (قال المسعودي) و اعتل أبوالحسن علي الهادي عليه السلام علته التي توفي فيها صلي الله عليه فأحضر أبامحمد ابنه و أوصي ثم شهيدا مسموما قال ابن بابويه سمه المعتد و قال المسعدي في اثبات الوصية و لما توفي اجتمع في داره جملة بني هاشم من الطالبيين و العباسيين و خلق كثير من الشيعة ثم فتح من صدر الرواق باب و خرج خادم أسود ثم خرج بعده أبومحمد الحسن العسكري حاسرا مكشوف الرأس مشقوق الثياب و كأن وجهه وجه أبيه لا يخطي ء منه شيئا و كان في الدار أولاد المتوكل و بعضهم ولاة العهود فلم يبق أحد الا قام علي رجليه و وثب اليه أبوأحمد الموفق فقصده أبومحمد فعانقه ثم قال له مرحبا يابن العم و جلس بين بابي الرواق و الناس كلهم بين يديه و كانت الدار كالسوق بالأحاديث فلما خرج و جلس أمسك الناس فما كنا نسمع الا العطسة و السعلة ثم خرج خادم فوقف بحذاء أبي محمد فنهض صلي الله عليه و أخرجت الجنازة و خرج يمشي حتي خرج بها الي الشارع و كان أبومحمد صلي عليه قبل ان يخرج الي الناس و صلي عليه لما اخرج المعتمد ثم دفن في دار من



[ صفحه 655]



دوره و صارت سر من رأي يوم موته صيحة واحدة و قيل لابنه أبي محمد عليه السلام في شق ثيابه فقال للقائل يا أحمق ما يدريك ما هذا قد شق موسي علي هارون عليهماالسلام.



رزء له يبكي النبي و فاطم

لا غرو فيه أن تشق جيوب



ما ان يفي سق الجيوب بحقه

حق عليه أن تشق قلوب




پاورقي

[1] جمرت النخلة قطعت جمارها بضم الجيم و التشديد الميم و هو شحمها الذي في جوفها و اذا قطع ذلك يبست لا محالة.

- المؤلف -.