بازگشت

مجي ء الهادي من المدينة الي سامراء


قال المفيد في الارشاد: كان سبب شخوص أبي الحسن (ع) الي سر من رأي ان عبدالله ابن محمد كان يتولي الحرب و الصلاة بمدينة الرسول (ص) فسعي بابي الحسن (ع) الي المتوكل و كان يقصده بالاذي. و قال المسعودي في اثبات الوصية ان بريحة العباسي صاحب الصلاة بالحرمين كتب الي المتوكل ان كان لك في الحرمين حاجة فاخرج علي بن محمد منها فانه قد دعا الناس الي نفسه و اتبعه خلق كثير. و تابع بريحة الكتب في هذا المعني. و قال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص قال علماء السير: انما اشخصه المتوكل من المدينة الي بغداد لان المتوكل كان يبغض عليا و ذريته فبلغه مقام علي الهادي بالمدينة و ميل الناس اليه فخاف منه، فدعا يحيي بن هرثمة و قال اذهب الي المدينة و انظر في حاله و اشخصه الينا قال يحيي فذهبت الي المدينة فلما دخلتها ضج اهلها ضجيجا عظيما ما سمع الناس بمثله خوفا علي علي و قامت الدنيا علي ساق لانه كان محسنا اليهم ملازما للمسجد و لم يكن عنده ميل الي الدنيا فجعلت اسكنهم و احلف لهم اني لم أؤمر فيه بمكروه و انه لا بأس عليه ثم فتشت منزله فلم



[ صفحه 177]



اجد فيه الا مصاحف و ادعية و كتب العلم فعظم في عيني و توليت خدمته بنفسي و احسنت عشرته.

قال المفيد: و بلغ أباالحسن (ع) سعاية عبدالله بن محمد به فكتب الي المتوكل يذكر تحامل عبدالله بن محمد عليه و كذبه فيما سعي به فتقدم المتوكل باجابته عن كتابه و دعائه فيه الي حضور العسكر علي جميل من الفعل و القول فخرجت نسخة الكتاب و هي: بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فان أميرالمؤمنين عارف بقدرك راع لقرابتك موجب لحقك مؤثر من الامور فيك و في اهل بيتك ما يصلح الله به حالك و حالهم و يثبت عزك و عزهم و يدخل الامن عليك و عليهم يبتغي بذلك رضي ربه و اداء ما افترض عليه فيك و فيهم و قد رأي أميرالمؤمنين صرف عبدالله بن محمد عما كان يتولاه من الحرب و الصلاة بمدينة الرسول (ص) اذ كان علي ما ذكرت من جهالته بحقك و استخفافه بقدرك و عندما قرفك به و نسبك اليه من الامر الذي قد علم أميرالمؤمنين براءتك منه و صدق نيتك في ترك محاولته و انك لم تؤهل نفسك لما قرفت بطلبه و قد ولي أميرالمؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل و امره باكرامك و تبجيلك و الانتهاء الي امرك و رأيك و التقرب الي الله و الي أميرالمؤمنين بذلك و أميرالمؤمنين مشتاق اليك يحب احداث العهد بك و النظر اليك فان نشطت لزيارته و المقام قبله ما احببت شخصت و من اخترت من أهل بيتك و مواليك و حشمك علي مهلة و طمأنينة ترحل اذا شئت و تنزل اذا شئت و تسير اذا شئت كيف شئت و ان احببت ان يكون يحيي بن هرثمة مولي أميرالمؤمنين و من معه من الجند يرحلون برحيلك و يسيرون بسيرك فالامر في ذلك اليك و قد تقدمنا اليه بطاعتك فاستخر الله حتي توافي أميرالمؤمنين فما احد من اخوانه و ولده و أهل بيته و خاصته ألطف منك منزلة و لا أحمد له اثرة و لا هو لهم انظر و لا عليهم اشفق و بهم ابر و لا هو اليهم اسكن منه اليك و السلام عليك و رحمة الله و بركاته. و كتب ابراهيم بن العباس في شهر جمادي الآخرة من سنة 243. فلما وصل الكتاب الي أبي الحسن (ع) تجهز للرحيل و خرج معه يحيي بن هرثمة. (قال المسعودي): و اتبعه بريحة مشيعا فلما صار في بعض الطريق قال له بريحة قد علمت و قوفك علي اني كنت السبب في و حملك و علي حلف بايمان مغلظة لئن شكوتني الي أميرالمؤمنين او احد من خاصته لاجمرن نخلك و لا قتلن مواليك و لا غورن عيون ضيعتك و لا فعلن و لا صنعن، فقال له أبوالحسن ان اقرب عرضي اياك علي



[ صفحه 178]



الله البارحة و ما كنت لاعرضك عليه ثم اشكوك الي غيره من خلقه فانكب اليه بريحة و ضرع اليه و استعفاه فقال قد عفوت عنك. و سار حتي وصل بغداد. قال المسعودي فخرج اسحق ابن ابراهيم و جملة القواد فتلقوه. قال سبط ابن الجوزي قال يحيي لما قدمت به بغداد بدأت باسحق بن ابراهيم الطاهري و كان واليا علي بغداد فقال لي يا يحيي ان هذا الرجل قد ولده رسول الله (ص)، و المتوكل من تعلم فان حرضته عليه قتله و كان رسول الله (ص) خصمك يوم القيمة فقلت له و الله ما وقفت منه الا علي كل امر جميل ثم سرت الي سر من رأي فبدأت بوصيف التركي فاخبرته بوصوله فقال و الله لئن سقط منه شعرة لا يطالب بها سواك فعجبت كيف و افق قوله قول اسحق فلما دخلت علي المتوكل سألني عنه فاخبرته بحسن سيرته و سلامة طريقته و ورعه و زهادته و اني فتشت داره فلم اجد فيها غير المصاحف و كتب العلم و ان اهل المدينة خافوا عليه فاكرمه المتوكل و احسن جائزته. قال المسعودي: لما خرج الهادي الي سر من رأي تلقاه جملة اصحاب المتوكل حتي دخل عليه فاعظمه و اكرمه ثم انصرف عنه الي دار قد أعدت له، قال المفيد: خرج معه يحيي بن هرثمة حتي وصل الي سر من رأي فلما وصل اليها تقدم المتوكل بان يحجب عنه في يومه فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك و اقام فيه يومه ثم تقدم المتوكل بافراد دار له فانتقل اليها. و اقام أبوالحسن (ع) مدة مقامه بسر من رأي مكرما في ظاهر حاله، فجهد المتوكل في ايقاع حيلة به فلا يتمكن من ذلك «اه».