بازگشت

في احواله


قال في (المناقب) الأمام العاشر اسمه علي و كنيته أبوالحسن لا غيرها و ألقابه النجيب المرتضي الهادي التقي العالم الفقيه الأمين المؤتمن الطيب المتوكل العسكري و أشهر ألقابه المتوكل و كان يخفي ذلك و يأمر



[ صفحه 277]



أصحابه أن يعرضوا عنه لأنه كان لقب الخليفة يومئذ و يقال له أبوالحسن الثالث كان أطيب الناس مهجة و أصدقهم لهجة و أملحهم من قريب و أكملهم من بعيد اذا صمت علته هيبة الوقار و اذا تكلم سماه البهاء و هو من بيت الرسالة و الامامة و مقر الوصية و الخلافة شعبة من دوحة النبوة منتضاه مرتضاه و ثمرة من شجرة الرسالة مجتناه مجتباه ولد بصريا من المدينة النصف من ذي الحجة و قيل يوم الثلاثاء الخامس من رجب و قبض بسر من رأي الثالث من رجب و قيل يوم الاثنين ثلاث ليال بقين من جمادي الآخرة و له يومئذ اربعون سنة و قيل احدي و اربعون سنة و أمه أم ولد يقال لها (سمانة المغربية) و يقال ان أمه معروفة بالسيدة أم الفضل.

و في (الدر النظيم) قال محمد بن الفرج بن ابراهيم بن عبدالله ابن جعفر دعاني أبوجعفر الجواد (ع) فاعلمني ان قافلة قد قدمت فيها نخاس معه جواري و دفع الي ستين دينارا و أمرني بابتياع جارية وصفها فمضيت و عملت ما أمرني به فكانت تلك الجارية أم أبي الحسن الهادي (ع) و قال أبوالحسن الهادي (ع) امي عارفة بحقي و هي من أهل الجنة لا يقربها شيطان مارد و لا ينالها كيد جبار عنيد و هي مكلؤة بعين الله التي لا تنام و لا تخلف عن أمهات الصديقين و الصالحين انتهي.

و كان (ع) في سني امامته بقية ملك المعتصم ثم الواثق ثم المتوكل ثم المنتصر ثم المستعين ثم المعتز ثم المعتمد و في اوائل ملك المعتمد استشهد مسموما و قال ابن بابويه و سمه المعتمد و مدة امامته ثلاثا و ثلاثين سنة و تسعة أشهر و مدة اقامته بسر من رأي عشرون سنة و توفي فيها و قبره في داره و روي عنه (ع) قال أخرجت الي سر من رأي كرها و لو أخرجت



[ صفحه 278]



عنها أخرجت كرها قيل و لم يا سيدي قال لطيب هوائها و عذوبة مائها و قلة دائها و فضائله أكثر من أن تحصي قال القطب الراوندي و أما علي ابن محمد الهادي (ع) فقد اجتمعت فيه خصال الأمامة و تكامل فضله و علمه و خصاله الخير و كانت أخلاقه كلها خارقة للعادة كأخلاق آبائه و كان بالليل مقبلا علي القبلة لا يفتر ساعة و عليه جبة صوف و سجادية علي حصير و كان يتعب نفسه في العبادة في الصيف و الشتاء و روي الشيخ عن (كافور الخادم) قال قال لي الأمام علي بن محمد (ع) يا كافور اترك لي السطل الفلاني في الموضع الفلاني لأتطهر منه للصلاة و انفذني في حاجة و قال اذا عدت فافعل ذلك ليكون معدا اذا تأهبت للصلاة و استلقي عليه السلام لينام و نسيت ما قال لي و كانت ليلة باردة فحسست به و قد قام الي الصلاة و ذكرت انني لم أترك السطل فبعدت عن الموضع خوفا من لومه و تألمت له حيث يشقي بطلب الأناء فناداني نداء مغضب فقلت انا لله ايش عذري يعني أي شي ء عذري أن أقول نسيت مثل هذا و لم أجد بدا من اجابته فجئت مرعوبا فقال يا ويلك أما عرفت رسمي اني لا أتطهر الا بماء بارد فسخنت لي ماء فتركته في السطل فقلت و الله يا سيدي ما تركت السطل و لا الماء قال الحمدلله و الله لا تركنا رخصته و لا رددنا منحه الحمدلله الذي جعلنا من أهل طاعته و وفقنا للعون علي عبادته ان النبي صلي الله عليه و آله يقول ان الله يغضب علي من لا يقبل رخصته و كان (ع) لا يمل من العبادة و الصلاة و الذكر علي كل حال و في كل مكان.

و روي المسعودي في (اثبات الوصية) روي انه (ع) دخل دار المتوكل فقام يصلي فأتاه بعض المخالفين فوقف حياله فقال له الي كم هذا



[ صفحه 279]



الريا فاسرع الصلاة و سلم ثم التفت اليه فقال ان كنت كاذبا سحتك الله فوق الرجل ميتا فصار حديثا في الدار و من شوقه بعبادة ربه لا يستقر بالليل و لا ينام الا قليلا حتي يقوم و يتشاغل بالعبادة و يترنم بالقرآن و اذا قرأ القرآن يحزن و يبكي و يبكي من سمعه و يجلس علي الرمل و الحصي في جوف الليل و يشتغل بالعبادة و الأستغفار و تلاوة القرآن و يحيي أكثر لياليه و كان قد سمعي بابي الحسن (ع) الي المتوكل و قيل له ان في منزله سلاحا و كتبا و غيرها من شيعته فوجه اليه ليلا من الأتراك و غيرهم من هجم عليه في منزله علي غفلة ممن في داره فوجد في بيت وحده مغلق عليه و عليه مدرعة من شعر و لا بساط في البيت الا الرمل و الحصي و علي رأسه ملحفة من الصوف متوجها الي ربه يترنم بآيات من القرآن في الوعد و الوعيد فاخذ علي ما وجد عليه و حمل الأمام (ع) الي المتوكل في جوف الليل فمثل بين يديه و المتوكل يشرب و في يده كاس فلما رآه أعظمه و أجلسه الي جنبه و قال من اتي به يا أميرالمؤمنين لم يكن في منزله شي ء مما قيل فيه و لا حالة يتعلل عليها فناوله المتوكل الكأس الذي في يده فقال (ع) يا أميرالمؤمنين ما خامر لحمي و دمي قط فاعفني منه فعافاه و قال انشدني شعرا استحسنه فقال اني لقليل الرواية للأشعار فقال لابد أن تنشدني فانشده:



باتوا علي قلل الأجبال تحرسهم

غلب الرجال فما أغناهم القلل



و استنزلوا بعد عز عن معاقلهم

و اودعوا حفرا يا بئسما نزلوا



ناداهم صارخ من بعد دفنهم

أين الأسرة و التيجان و الحلل



أين الوجوه التي كانت منعمة

من دونها تضرب الأستار و الكال



[ صفحه 280]



فافصح القبر عنهم حين ساءلهم

تلك الوجوه عليها الدود تنتقل



قد طال ما أكلوا قدما و قد شربوا

و أصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا



و طالما عمروا دورا لتحصنهم

ففارقوا الدور و الأهلين و انتقلوا



و طالما كنزوا الأموال و ادخروا

فخلفوها علي الأعداء و ارتحلوا



أضحت منازلهم قفرا معطلة

و ساكنوها الي الاجداث قد رحلوا



و أشفق من حضر علي أبي الحسن الهادي (ع) و بكي المتوكل بكاء شديدا حتي بلث دموعه لحيته و بكي من حضره ثم أمر يرفع الشراب ثم قال يا أباالحسن عليك دين قال نعم اربعة آلاف دينار فأمر بدفعها اليه ورده الي منزله مكرما من ساعته و مرة أخري ايضا هجموا عليه ليلا و ذلك لما سعي البطحائي به يعني بأبي الحسن (ع) الي المتوكل و قال عنده أموال و سلاح فتقدم المتوكل الي سعيد الحاجب أن يهجم عليه ليلا و يأخذ ما يجده عنده من الأموال و السلاح و يحمل قال ابراهيم بن محمد قال لي سعيد صرت الي دار أبي الحسن (ع) بالليل و معي سلم فصعدت منه الي السطح و نزلت من الدرجة الي بعضها في الظلمة فلم أدر كيف أصل الي الدار فناداني أبوالحسن (ع) من الدار يا سعيد مكانك حتي يأتوك بشمعة فلم البث أن اتوني بشمعة فنزلت فوجدت عليه جبة صوف و قلنسوة منها و سجادته علي حصير بين يديه و هو مقبل علي القبلة فقال لي دونك البيوت فدخلتها و فتشتها فلم أجد شيئا فيها و وجدت البدرة مختومة بخاتم أم المتوكل و كيسا مختوما معها فقال لي أبوالحسن (ع) دونك المصلي فرفعته فوجدت سيفا في جفن ملبوس فأخذت ذلك وصرت اليه فلما نظر الي خاتم أمه علي البدرة بعث اليها فخرجت اليه أمه فسألها عن البدرة



[ صفحه 281]



فاخبرني بعض خدمي الخاصة انها قالت كنت نذرت في علتك ان عوفيت أن أحمل الي أبي الحسن من مالي عشرة آلاف دينار فحملتها اليه و هذا خاتمي علي الكيس ما حركها و فتح الكيس الآخر فاذا فيه اربعمأة دينار فأمر أن يضم الي البدرة بدرة أخري و قال لي احمل ذلك الي أبي الحسن (ع) واردد عليه السيف و الكيس بما فيه فحملت ذلك اليه و استحييت منه فقلت له يا سيدي عز علي دخولي دارك بغير اذنك ولكني مأمور فقال لي (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) أقول هذا اعتذار هذا الرجل في دخوله دار أبي الحسن الهادي (ع) بغبر اذنه و يقول اعذرني فاني مأمور ليت شعري فما اعتذار قوم دخلوا دار أبي الحسن أميرالمؤمنين بغير اذنه و ما اكتفوا بذلك حتي أحرقوا باب داره و عصروا ابنة رسول الله ما بين الحايط و الباب و لكزوها بنعل السيف حتي كسرت أضلاعها و أسقطت جنينها و ضربوها بالسياط حتي تورمت عضدها ماتت و ان في عضدها كمثل الدملج و ما اعتذار قوم هجموا عشية يوم العاشر علي مخيم أبي عبدالله و نهبوا ما في الخيم و جعلوا ينتزعون ملاحف النساء عن ظهورهن



و مخدرات من عقائل احمد

هجمت عليها الخيل في أبياتها