بازگشت

في شخوصه من المدينة الي سر من رأي و فيما جري من المتوكل و في حالات موسي المبرقع


كان سبب شخوص أبي الحسن الهادي (ع) من المدينة الي سر من رأي كما في (الأرشاد) ان عبدالله بن محمد كان يتولي الحرب و الصلاة في مدينة الرسول (ص) فسعي بابي الحسن (ع) الي المتوكل



[ صفحه 289]



و كان يقصده بالأذي و بلغ أباالحسن (ع) سعايته به فكتب الي المتوكل كتابا يذكر تحامل عبدالله بن محمد عليه و كذبه فيما سعي به فتقدم المتوكل باجابته عن كتابه و دعائه فيه الي حضور العسكر علي جميل من الفعل و القول و كتب اليه كتابا بأحسن كتاب و أجل خطاب و أوفر موعود و أوقر معروف و نسخته هذه بسم الله الرحمن الرحيم (أما بعد فان أميرالمؤمنين عارف بقدرك راع لقرابتك موجب لحقك مؤثر من الأمور فيك و في أهل بيتك ما يصلح الله به حالك و حالهم و يثبت به من عزك و عزهم و يدخل الأمن عليك و عليهم يبتغي بذلك رضاء ربه و أداء ما فرض عليه فيك و فيهم) الي آخر ما كتب و في آخره كتب ان أميرالمؤمنين مشتاق اليك يحب احداث العهد بك و النظر الي وجهك و اذا نشطت لزيارته و المقام قبله ما احببت شخصت و من اخترت من أهل بيتك و مواليك و حشمك علي مهلة و طمأنينة ترحل اذا شئت و تنزل اذا شئت و تسير كيف شئت و ان أحببت أن يكون (يحيي بن هرثمة) مولي أميرالمؤمنين و من معه من الجند يرحلون برحلك و يسيرون بمسيرك فالأمر في ذلك اليك و قد تقدمنا اليه بطاعتك فاستخر الله حتي توافي أميرالمؤمنين فما أحد من اخوته و ولده و أهل بيته و خاصته ألطف منه منزلة و لا احمد له أثره و لا هو لهم انظر و عليهم أشفق و بهم أبر و اليهم أسكن منه اليك و السلام عليك و رحمة الله و بركاته فلما وصل الكتاب الي أبي الحسن (ع) تجهز للرحيل (روي المسعودي) عن يحيي بن هرثمة قال وجهني المتوكل الي المدينة لأشخاص علي بن محمد الهادي (ع) لشي ء بلغه عنه فلما صرت الي المدينة ضج أهلها و عجوا ضجيجا و عجيجا ما سمعت مثله ما أشبه بيوم خرج الحسين (ع)



[ صفحه 290]



من المدينة ضج الناس ضجة عظيمة من الرجال و النساء و الصغير و الكبير فجعلت أسكنهم و أحلف اني لم اؤمر فيه بمكروه و فتشت بيته فلم أصب فيه الا مصحفا و دعاء و ما أشبه ذلك و في (تذكرة السبط) فلم أجد فيه الا مصاحف و أدعية و كتب العلم فعظم في عيني و توليت خدمته بنفسي و أحسنت عشرته حتي وصل سر من رأي فلما وصل اليها تقدم المتوكل بان يحجب عنه في يومه فنزل في خان يقال له (خان الصعاليك) و أقام به يومه ثم تقدم المتوكل بأفراد دار له فانتقل اليها و في (عيون المعجزات) روي ان بريحة العباسي كتب الي المتوكل ان كان لك في الحرمين حاجة فاخرج علي بن محمد منها فانه قد دعا الناس الي نفسه و اتبعه خلق كثير فلما وصل الكتاب الي المتوكل انفذ يحيي بن هرثمة و كتب معه الي أبي الحسن (ع) كتابا جيدا يعرفه انه قد اشتاق اليه و سأله القدوم عليه و قدم يحيي المدينة و بدا ببريحة و أوصل الكتاب اليه ثم ركبا جميعا الي أبي الحسن (ع) و أوصلا اليه كتاب المتوكل فاستأجلهما ثلاثة أيام فلما كان بعد ثلاثة أيام أقبلا اليه فوجد الدواب مسرجة و الأثقال مشدودة قد فرغ منها فخرج (ع) متوجها الي العراق و معه يحيي بن هرثمة فلما نزل بسر من رأي كان المتوكل يجهد في ايقاع حيلة بابي الحسن (ع) و يعمل علي الوضع من قدره في عيون الناس بكل ما يمكنه فلا يتمكن من ذلك و له معه أحاديث و قضايا يطول بذكرها الكتاب فيها آيات له (ع) و دلالات فلا بأس بذكر بعضها تبصرة للمتبصرين.

و منها في (البحار) عن زرارة حاجب المتوكل قال جاء رجل مشعبد مشعوذ من ناحية الهند الي المتوكل يلعب بالحق لم ير مثله و كان المتوكل



[ صفحه 291]



لعابا فاراد أن يخجل علي بن محمد الهادي (ع) فقال لذلك الرجل ان أنت أخجلته أعطيتك الف دينار ذهب قال المشعبذ تقدم بان يخبز رقاق خفاف و اجعلها علي المائدة و أقعدني الي جنبه ففعل و احضر علي بن محمد (ع) و جلس و جاؤا بالمائدة و وضعوها و قدم الطعام و جلس اللاعب الي جانب أبي الحسن (ع) فمد أبوالحسن (ع) يده الي دقاقة فطيرها المشعبذ في الهواء فمد (ع) يده الي أخري فطيرها فتضاحك الناس و ضحك المتوكل حتي استلقي علي قفاه و كانت للمتوكل مسورة عن يساره عليها صورة أسد.

و روي انه كان علي باب من الأبواب ستر و عليه صورة فضرب علي بن محمد (ع) يده علي تلك الصورة التي علي المسورة و قال خذ عدو الله فوثبت تلك الصورة من المسورة فابتلعت الرجل اللاعب و عادت في المسورة كما كان فتحير الجميع فنهض علي بن محمد (ع) ليمضي فقال له المتوكل سألتك بالله الا جلست ورددت هذا الرجل فقال (ع) و الله لا يري بعدها ابدا أتسلط أعداء الله علي أولياء الله و خرج من عنده فلم ير الرجل بعد ذلك و من قضاياه مع أبي الحسن (ع) قال في (البحار) روي ان المتوكل أمر العسكر و هم تسعون الف فارس من الأتراك الساكنين بسر من رأي ان يملأ كل واحد مخلاة فرسه من الطين الاحمر و يجعل بعضه علي بعض في وسط البادية ووسطه برية واسعة هناك فلما فعلوا ذلك صار مثل جبل عظيم و اسمه (تل المخالي) صعد فوقه و استدعي اباالحسن (ع) و استصعده و قال استحضرتك لنظارة خيولي و قد كان أمرهم أن يلبسوا التجافيف و يحملوا الأسلحة و قد عرضوا



[ صفحه 292]



باحسن زينة و أتم عدة و أعظم هيبة و كان غرضه أن يكسر قلب كل من يخرج عليه و كان خوفه من أبي الحسن (ع) أن يأمر احدا من أهل بيته أن يخرج علي الخليفة فقال له أبوالحسن (ع) و هل أعرض عليك عسكري قال نعم فدعا الله سبحانه فاذا بين السماء و الارض من المشرق و المغرب ملائكة مدججون شاكون في السلاح فغشي علي الخليفة فلما أفاق قال له أبوالحسن (ع) نحن لا ننافسكم في الدنيا نحن مشتغلون بأمر الآخرة فلا عليك مني مما تظن بأس و من قضاياه مع أبي الحسن (ع) هو ما رواه القطب الراوندي عن أبي سعيد سهل بن زياد قال حدثنا أبوالعباس فضل بن احمد بن اسرائيل الكاتب و نحن في داره بسامراء فجري ذكر أبي الحسن (ع) فقال يا أباسعيد اني احدثك بشي ء حدثني به أبي قال كنا مع المعتز و كان أبي كاتبه فدخلنا الدار و اذا المتوكل علي سريره قاعد فسلم المعتز و وقف و وقفت خلفه و كان عهدي به اذا دخل رحب به و يأمر بالقعود فاطال القيام و جعل المعتز يرفع رجلا و يضع أخري و هو لا يأذن له بالقعود و نظرت الي وجهه يتغير ساعة و يقبل علي (الفتح ابن خاقان) و يقول هذا الذي تقول فيه ما تقول و يرد عليه القول و الفتح مقبل عليه يسكته و يقول مكذوب عليه يا أميرالمؤمنين و هو يتلظي و يقول و الله لأقتلن هذا المرأتي الزنديق و هو الذي يدعي الكذب و يطعن في دولتي ثم قال جئني باربعة من الخزر جلاف لا يفقهون فجي ء بهم و دفع اليهم اربعة أسياف و أمرهم أن يرطنوا بالسنتهم و يقبلوا عليه باسيافهم فيخبطوه و هو يقول و الله لأحرقنه بعد القتل و أنا منتصب قائم خلف المعتز من وراء الستر فما علمت الا بأبي الحسن قد دخل و قد بادر الناس قدامه و قالوا



[ صفحه 293]



قد جاء و التفت فاذا اتي به وشفتاه تتحركان و هو غير مكروب و لا جازع فلما بصر به المتوكل رمي بنفسه عن السرير اليه و سبقه و انكب عليه فقبل ما بين عينيه و يديه و سيفه بيده و هو يقول يا سيدي يا ابن رسول الله يا خير خلق الله يا ابن عمي يا مولاي يا أباالحسن و أبوالحسن (ع) يقول أعيذك يا أميرالمؤمنين بالله اعفني من هذا فقال ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت قال (ع) جاءني رسولك فقال المتوكل يدعوك فقال كذب ابن الفاعلة ارجع يا سيدي من حيث شئت يا فتح و يا عبيدالله و يا معتز شيعوا سيدكم و سيدي فلما بصر به الخزر خروا سجدا مذعنين فلما خرج دعاهم المتوكل ثم أمر الترجمان أن يخبره بما يقولون ثم قال لهم لم لم تفعلوا ما أمرتكم به قالوا شدة هيبته رأينا حوله أكثر من مأة سيف لم نقدر أن نتأملهم فمنعنا ذلك عما أمرت به و امتلات قلوبهم من ذلك رعبا فقال المتوكل يا فتح هذا صاحبك و ضحك الفتح في وجهه فقال الحمدلله الذي بيض وجهه و أنار حجته و من قضاياه معه كما في (الخرايج) عن زرارة حاجب المتوكل قال أراد المتوكل أن يمشي علي بن محمد الرضا (ع) يوم السلام فقال له وزيره ان في هذا شناعة عليك و سوء قالة فلا تفعل قال لابد من هذا قال فان لم يكن بد من هذا فتقدم بان يمشي القواد و الأشراف كلهم حتي لا يظن الناس انك قصدته بهذا دون غيره ففعل و ركب المتوكل مع وزيره الفتح بن خاقان و مشي الاشراف و الوزراء و القواد في ركابهما و بين أيديهما منهم الامام أبوالحسن الهادي (ع) و كان يوما قائظا شديد الحر و شق عليه ما لقيه من الحر و الزحمة و قد عرق قال زرارة فاقبلت اليه و قلت له يا سيدي يعز و الله علي ما تلقي من هذه



[ صفحه 294]



الطغاة و ما قد تكلفه من المشقة و أخذته بيدي و أجلسته و مسحت وجهه بمنديل و خبر قال له ان ابن عمك لم يقصدك بهذا دون غيرك فلا تجد عليه في قلبك قال ايها يا زرارة ما ناقة صالح عندالله يا كرم مني ثم قال (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب) الي أن نزل المتوكل من الركوب و أمر الناس بالانصراف فانصرفوا و انصرف الأمام الي داره بتعب شديد قال زرارة و كان عندي معلم يتشيع و كنت كثيرا ما أمازحه بالرافضي فانصرفت الي منزلي وقت العشاء و قلت تعال يا رافضي حتي احدثك بشي ء سمعته اليوم من امامكم قال لي و ما سمعته فاخبرته بما قال فقال أقول لك فأقبل نصيحتي قلت هاتها قال ان كان علي بن محمد (ع) قال بما قال فاحترز و اخزن كل ما تملكه فان المتوكل يموت أو يقتل بعد ثلاثة أيام فتأهب لأمرك كي لا تهلك أموالكم بهلاك هذا الرجل بحادثة تحدث أو سبب يجري أما قرأت القرآن في قصة الناقة و قوله تعالي (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب) قال زرارة فغضبت عليه و شتمته و طردته من بين يدي فخرج فلما خلوت بنفسي تفكرت و قلت ما يضرني ان أخذ بالحزم فان كان من هذا شي ء كنت قد أخذت بالحزم و ان لم يكن لم يضرني ذلك فركبت الي دار المتوكل فأخرجت كل ما كان لي فيها و فرقت كل ما كان في داري الي عند أقوام أثق بهم و لم أترك في داري الا حصيرا أقعد عليه فو الله لما كانت الليلة الرابعة هجم المنتصر و معه الأتراك علي المتوكل و قتلوه و قطعوه و الفتح بن خاقان جميعا قطعا قطعا حتي لم يعرف أحدهما من الآخر و سلمت أنا و مالي فلقيت الامام أباالحسن (ع) بعد ذلك و عرفته ما جري مع المؤدب فقال (ع) صدق انه لما



[ صفحه 295]



بلغ مني الجهد رجعت الي كنوز نتوارثها من آبائنا و هي أعز من الحصون و السلاح و هو دعاء المظلوم علي الظالم فدعوت به عليه فاهلكه الله قال زرارة و تشيعت عند ذلك فصرت اليه و لزمت خدمته و سألته أن يدعو لي و تواليته حق الولاية فقلت يا سيدي ان رأيت أن تعلمنيه فعلمنيه أقول هذا الأمام لما بلغ منه الجهد ما بلغ و أصابته الشدة و المشقة فزع الي أن يشكو بثه و حزنه الي الله و دعا بدعاء المظلوم و كان من شأنه ما كان و زين العابدين (ع) مع ما أصابه من الشدة و المشقة و الأذي و الضر من أشرار بني أمية صبر و تحمل و هو ايضا قد ورث من تلك الكنوز ولكن ما ادعي عليهم بل صبر حتي وضعوا الجامعة في عنقه و قيدوا رجليه من تحت بطن الناقة:



قيدوه من حلمه بقيود

رب حلم يقيد الضر غاما



و من قضاياه معه طرحه الي السباع و ذلك كما في (المناقب) ان زينب الكذابة تزعم انها بنت علي بن أبي طالب (ع) فاحضرها المتوكل و قال لها اذكري نسبك فقالت أنا زينب بنت علي حملت الي الشام فوقعت في بادية لبني (كليب) فأقمت بين أظهرهم فقال لها المتوكل ان زينب بنت علي قديمة و أنت شابة فقالت لحقني دعاء رسول الله بان يرد شبابي في كل خمسين سنة فدعا المتوكل وجوه آل أبي طالب و قال كيف يعلم كذبها فقال الفتح بن خاقان وزيره لا يخبرك بهذا الا أبوالحسن ابن الرضا (ع) فأمر باحضاره و قص عليه القصة فقال (ع) ان في ولد علي علامة قال و ما هي قال ان الله تعالي حرم لحومهم علي السباع مر بان يطرحوها بين السباع فان لم تتعرض لها فهي صادقة فامر بطرحها فقالت الله الله يا أميرالمؤمنين



[ صفحه 296]



انما أراد قتلي و أقرت بالكذب و ركبت الحمار و جعلت تنادي ألا انتي زينب الكذابة و في رواية طرحت للسباع فأكلتها فقال علي بن جهم جرب هذا علي قائله يعني أبي الحسن علي بن محمد و أطرحه الي السباع فاجيعت السباع ثلاثة أيام ثم دعي بالأمام فاخرجت السباع فلما رأته لاذت به و بصبصت بأذنابها فلم يلتفت الأمام اليها و صعد السقف و جلس عند المتوكل ثم نزل من عنده و السباع تلوذ به و تبصبص حتي خرج (ع) و من قضاياه ما في (الكافي) عن يعقوب بن ياسر قال كان المتوكل يقول و يحكم قد أعياني أمر ابن الرضا (ع) وجهدت ان يشرب معي و ينادمني فامتنع وجهدت أن آخذ فرصة في هذا المعني فلم أجدها فقالوا له فان لم تجد من ابن الرضا ما تريده في هذه الحالة فهذا أخوه موسي قصاف غراف يأكل و يشرب و يتعشق قال ابعثوا اليه و جيئوا به حتي نموه به علي الناس و نقول ابن الرضا فاحضره و أشهره فان الخبر يسمع عن ابن الرضا و لا يفرق في فعلهما فأمر اللعين باشخاص موسي من المدينة فكتب اليه و أشخصه مكرما و أمر له بصلات و اقطاع و تلقاه جميع بني هاشم و القواد و الناس فلما وافي موسي تلقاه أبوالحسن الهادي (ع) في (قنطرة وصيف) فسلم عليه و عانقه و قال له يا أخي ان هذا الرجل قد احضرك ليهتكك و يضع منك فلا تقر له انك شربت نبيذا قط و اتق الله يا أخي ان ترتكب محظورا فقال موسي فاذا كان دعاني لهذا فما حيلتي قال (ع) فلا تضع من قدرك و لا تفعل فانما أراد هتكك فابي عليه موسي و كرر أبوالحسن عليه القول و الوعظ و هو مقيم علي خلافه فلما رأي انه لا يجيب قال (ع) أما ان الذي تريد الاجتماع معه عليه لا تجتمع عليه أنت و هو



[ صفحه 297]



ابدا فاقام موسي ثلاث سنين بسر من رأي يبكر كل يوم الي باب المتوكل و يروح فيقال له قد سكر و قد شرب دواء حتي قتل المتوكل و في (عمدة الطالب) ان موسي هذا هو موسي المبرقع ابن محمد الجواد و هو لأم ولد مات بقم و قبره بها و يقال لولده الرضويون و هم بقم و هو اول من انتقل من الكوفة الي قم من السادات الرضوية و كان ذلك في سنة ست و خمسين و مأتين للهجرة و كان يسدل علي وجهه برقعا دائما فأرسلت اليه العرب أن اخرج من مدينتنا و جوارنا فرفع البرقع عن وجهه فلم يعرفوه فانتقل عنهم الي (كاشان) فعرفوه و أكرمه احمد بن عبدالعزيز بن دلف العجلي فرحب به و ألبسه خلعا فاخرة و أفراسا جيادا و وظفه في كل سنة الف مثقال من الذهب و فرسا مسرجا فدخل بقم بعض رؤساء العرب و اخبروهم بان هذا موسي المبرقع و هو ابن الأمام محمد الجواد (ع) و أخو الأمام أبي الحسن الهادي (ع) فأرسلوا رؤساء العرب لطلب موسي و ردوه الي قم و اعتذروا منه و أكرموه و اشتروا من مالهم له دارا و وهبوا له سهاما من بعض القري و أعطوه عشرين الف درهم و اشتري ضياعا كثيرة فاتته أخواته زينب و أم محمد و ميمونة بنات الجواد (ع) و نزلن عنده فلما متن دفن عند فاطمة بنت الأمام موسي بن جعفر (ع) و أقام موسي بقم حتي مات ليلة الاربعاء لثمان ليال بقين من ربيع الآخر سنة ست و تسعين و مأتين للهجرة و دفن في داره و هو المشهد المعروف اليوم.

و من قضاياه مع أبي الحسن (ع) عزمه علي قتله في (الخرايج) روي أبوسليمان عن ابن ارومة قال خرجت أيام المتوكل الي سر من رأي فدخلت علي سعيد الحاجب و دفع المتوكل أباالحسن اليه ليقتله فلما دخلت



[ صفحه 298]



عليه يعني علي سعيد الحاجب و قال اتحب ان تنظر الي الهك قلت سبحان الله الذي لا تدركه الأبصار قال هذا الذي تزعمون انه امامكم قلت ما اكره ذلك قال قد أمرت بقتله و أنا فاعله غدا و عنده صاحب البريد فاذا خرج فادخل اليه و لم ألبث ان خرج قال ادخل فدخلت الدار التي كان فيها محبوسا فاذا بجياله قبر يحفر فدخلت و سلمت و بكيت بكاء شديدا فقال ما يبكيك قلت لما أري قال لا بتلك لذلك لا يتم لهم ذلك فسكن ما كان بي فقال انه لا يلبث اكثر من يومين حتي يسفك الله دمه و دم صاحبه الذي رأيته قال فو الله ما مضي غير يومين حتي قتل المتوكل قال قلت يا سيدي حديث يروي عن الني (ص) لا أعرف معناه قال و ما هو؟ فقلت قوله لا تعادوا الأيام فتعاديكم ما معناه قال نعم ان لحديث رسول الله (ص) تأويلا نحن الأيام ما قامت السماوات و الأرضون فالسبت اسم رسول الله و الأحد كناية عن أميرالمؤمنين (ع) و الأثنين الحسن و الحسين (ع) و الثلاثاء علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و الاربعاء موسي بن جعفر و علي بن موسي و محمد بن علي و أنا علي بن محمد و الخميس ابني الحسن بن علي (ع) و الجمعة القائم منا أهل البيت.

(و في البحار) عن الصقر بن أبي دلف الكرخي مثله الا انه قال و الجمعة أبن ابني و اليه تجمع عصابة الحق و هو الذي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا فهذا معني الأيام فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة ثم قال ودع و اخرج فلا أمن عليك أقول بابي هم و أمي من هذه الشفقة كانوا يخافون علي شيعتهم كما يخافون علي أنفسهم و يحفظون شيعتهم اكثر من محافظتهم لأنفسهم و يدفعون عنهم كل محذور



[ صفحه 299]



كما يدفعون عن أنفسهم و يحبونهم اكثر من حب الوالد لولده و من غاية حبهم بايعتهم كانوا يدعون لهم في كل يوم و ليلة في كتاب «منتخب التواريخ» قال الباقر لزوجته أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر أم الصادق (ع) و كانت من أتقي نساء زمانها يا أم فروة اين لأدعو لمذنبي شيعتنا في اليوم و الليلة الف مرة لأنا نصبر علي ما نعلم من الثواب و هم يصبرون علي مالا يعلمون و قال الصادق (ع) نحن صبر و شيعتنا أصبر منا قلت جعلت فداك كيف صاروا أصبر منكم قال (ع) لأنا نصبر علي ما نعلم من الثواب و شيعتنا يصبرون علي مالا يعلمون من غاية حبهم لشيعتهم يفدون شيعتهم بنفوسهم كما في (منتخب التواريخ) نقلا عن (المناقب) في سنة ثلاث و ثمانين و مأة للهجرة قبض موسي بن جعفر (ع) ببغداد فداء للشيعة لأنه روي ان الله غضب علي الشيعة بافشائهم أسرار الأئمة و أراد أن يستأصلهم بالعذاب فأخبر موسي بن جعفر (ع) باني مستأصل شيعتك هذه السنة فقال يا رب أحب ان أفدي شيعتي بنفسي و تبقيهم علي الأرض فأماته الله شهيدا تلك السنة فداء للشيعة أقول لا يلومني أحد اذا قلت بان الحسين (ع) قد فدي شيعته بنفسه و بأهل بيته و باصحابه و بشانه كأني به (ع) كان يناجي ربه و يقول بلسان الحال:



تركت الخلق طرا في هو اكا

و أيتمت العيال لكي أراكا



فلو قطعتني في الحب اربا

لما حن الفؤاد الي سواكا



قيل كان (ع) يناجي ربه و يقول الهي و فيت بعهدي فأوف بعهدك يعني اريد شيعتي فجاءه نداء حبيبي طب نفسا و قر عينا فأنا اولي بالوفاء منك يعني لأعطيك من مذنبي شيعتك و أشفعك فيهم حتي ترضي فقال



[ صفحه 300]



الآن طاب لي الموت قال هلال بن نافع فوقفت عليه و انه ليجود بنفسه فو الله ما رأيت قتيلا مضمخا بدمه انور و لا أحسن وجها من الحسين (ع) و لقد شغلني نور وجهه و جمال هيأته عن الفكرة في قتله فاستسقي في تلك الحالة جرعة من الماء الخ:



ما ضاق طعم فراتهم حتي قضي

عطشا و غسل بالدماء القانيه