بازگشت

في بيان شي ء مما ظهر من علمه و أخباره بالمغيبات و في شهادته


لأبي اسود الكندي:



أمفندي في حب آل محمد

حجر بفيك فدع ملامك اوزد



من لم يكن بحبالهم مستمسكا

فليعرفن بولادة لم تشهد



يقول الصاحب بن عباد:



حبي محض لنبي المصطفي

بذاك قد تشهد اضماري



و لا مني جازي في حبهم

فقلت بعدا لك من جاري



و الله مالي عمل صالح

ارجو به العتق من النار



الا موالاة نبي المصطفي

آل الرسول الخالق الباري



و لما ذكرنا سابقا في حالات أبي الحسن الهادي (ع) و بيان اسمائه و ألقابه بان أحد ألقابه العالم و الفقيه ينبغي أن نذكر شيئا من علومه و أخباره بالمغيبات في (المناقب) لما سم المتوكل نذرلله ان رزقه الله العافية أن يتصدق بمال كثير فلما عوفي اختلف العلماء في المال الكثير فقال له الحسن حاجبه ان اتيتك يا أميرالمؤمنين بالصواب فمالي عندك قال عشرة آلاف درهم و الا ضربتك مأة مقرعة قال قد رضيت فأني أباالحسن (ع)



[ صفحه 301]



فسأله عن ذلك فقال قل له يتصدق بثمانين درهما فاخبر المتوكل فسأله ما العلة فاتاه فسأله قال ان الله تعالي قال لنبيه (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) فعددنا مواطن رسول الله (ص) فبلغت ثمانين موطنا فرجع فاخبره ففرح فاعطاه عشرة آلاف درهم و فيه ايضا عن جعفر بن رزق الله قال قدم الي المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأراد ان يقيم عليه الحد فاسلم فقال يحيي بن اكثم الأيمان يمجو ما قبله و قال بعضهم يضرب ثلاثة حدود و كتب المتوكل الي علي بن محمد النقي يسأله فلما قرأ الكتاب كتب يضرب حتي يموت فأنكر الفقهاء ذلك فكتب اليه يسأله عن العلة فقال بسم الله الرحمن الرحيم (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده و كفرنا بما كنا به مشركين) السورة فأمر المتوكل فضرب حتي مات و قال المتوكل لأبن السكيت اسأل ابن الرضا (ع) مسألة عوصا بحضرتي فسأله فقال لم بعث الله موسي بالعصا و بعث عيسي بابراء الاكمه و الأبرص و احياء الموتي و بعث محمدا صلي الله عليه و آله بالقرآن و السيف فقال أبوالحسن (ع) بعث الله موسي بالعصاء و اليد البيضاء في زمان الغالب علي أهله السحر فاتاهم من ذلك ما قهر سحرهم و بهرهم و أثبت الحجة عليهم و بعث عيسي بابراء الاكمه و الأبرص و احياء الموتي بأذن الله فقهرهم و بهرهم و بعث محمدا بالقرآن و السيف في زمان الغالب علي أهله السيف و الشعر فأتاهم من القرآن الزاهر و السيف القاهر ما بهر به شعرهم و قهر سيفهم و أثبت الحجة عليهم فقال ابن السكيت فما الحجة الآن قال العقل يعرف به الكاذب علي الله فيكذب فقال يحيي بن اكثم ما لأبن السكيت و مناظرته و انما هو صاحب نحو و شعر و لغة و رفع قرطاسا فيه مسائل و أرسل الي أبي الحسن الهادي (ع)



[ صفحه 302]



علي بد ابن السكيت فأملي أبوالحسن (ع) علي ابن السكيت جوابها و أمره أن يكتب منها قال (ع) سألت عن قول الله تعالي قال الذي عنده علم من الكتاب فهو (آصف بن برخيا) و لم يعجز سليمان عن معرفة ما عرفه اصف ولكنه أحب ان يعرف امته من الجن و الانس انه الحجة من بعده و ذلك من علم سليمان اودعه اصف بأمر الله ففهمه ذلك لئلا يختلف في امامته و ولايته من بعده و لتأكيد الحجة علي الخلق و أما سجود يعقوب لولده يوسف فان السجود لم يكن ليوسف و انما كان ذلك من يعقوب و ولده طاعة الله تعالي و تحية ليوسف كما ان السجود من الملائكة لم يكن لآدم فسجد يعقوب و ولده و سجد يوسف معهم شكرا لله تعالي باجتماع الشمل ألم تر انه يقول في شكره في ذلك الوقت (رب قد أتيتني من الملك) الآية و أما قوله تعالي (فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسأل الذين يقرؤن الكتاب) فان المخاطب بذلك رسول الله و لم يكن في شك مما أنزل الله اليه ولكن قالت الجهلة كيف لم يبعث الله نبيا من الملائكة و لم لم يفرق بينه و بين الناس في الاستغناء عن المأكل و المشرب و المشي في الأسواق فاوحي الله الي نبيه فاسئل الذين يقرؤن الكتاب بمحضر من الجهلة هل بعث الله نبيا قبلك ألا و هو يأكل الطعام و يشرب الشراب و لك بهم اسوة يا محمد (ص) و انما قال فان كنت في شك و لم يكن لنصفه الي آخر المسائل التي تركناها خوفا من الاطالة فلما قرأ ابن اكثم قال للمتوكل ما نحب ان تسأل هذا الرجل عن شي ء بعد مسائلي هذه فانه لا يرد عليه شي ء بعدها الا دونها و في ظهور علمه تقوية للرافضة و فيه قال علي بن محمد النوفلي سمعت أباالحسن (ع) يقول اسم الله الأعظم ثلاثة و سبعون



[ صفحه 303]



حرفا و انما كان عند آصف حرف واحد فتكلم به و انخرق له الأرض فيما بينه و بين سبا فتناول عرش بلقيس حتي صيره الي سليمان ثم انبسطت الأرض في أقل من طرفة عين و عندنا منه أثنان و سبعون حرفا و حرف واحد عندالله مستأثر به في علم الغيب في (الخرايج) قال فتح بن يزيد الجرجاني ضمني و أباالحسن (ع) الطريق عند منصرفي من مكة الي وطني و هو خراسان و الامام (ع) صائر الي العراق فاردت الأستفادة من علمه و الأستماع الي كلماته و الأزدياد في اليقين فعلم ما في قلبي فقال (ع) يا فتح من اتقي الله يتقي و من طاع الله يطاع قال فتلطفت الي الوصول اليه فسلمت عليه فرد علي السلام و أمرني بالجلوس و أول ما ابتدأني به ان قال يا فتح من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوقين و من أسخط الخالق فايقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق و ان الخالق لا يوصف الا بما وصف به نفسه و اني يوصف الخالق الذي يعجز الحواس أن تدركه و الأوهام أن تناله و الخطرات أن تحده و الأبصار عن الأحاطة به جل عما يصفه الواصفون و تعالي عما ينعته الناعتون نأي في قربه و قرب في نائه قهو في نائه قريب و في قربه بعيد كيف الكيف فلا يقال كيف و أين الاين فلا يقال أين اذ هو منقطع الكيفية و الاينية هو الواحد الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد) فجل جلاله بل كيف يوصف بكنهه محمد (ص) و قد قرنه الجليل باسمه و شركه في اعطائه واجب لمن أطاعه جزءا طاعته اذ يقول (و ما نقموا الا أن أغناهم الله و رسوله من فضله) و قال تعالي يحكي قول من ترك طاعته و هو يعذبه بين أطباق نيرانها و سرابيل قطرانها يا ليتنا أطعنا الله و أطعنا الرسول أم كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث



[ صفحه 304]



قال (أطيعوا الله و أطيعو الرسول و أولي الأمر منكم) و قال (و لو ردوه الي الرسول و الي أولي الأمر منهم) و قال (ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الي أهلها) و قال (فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) يا فتح كما لا يوصف الجليل جل جلاله و الرسول و الخليل و ولد البتول فكذلك لا يوصف المؤمن المسلم لأمرنا فنبينا أفضل الانبياء و خليلنا أفضل الاخلاء و أكرم الأوصياء و اسمهما أفضل الاسماء و كنيتهما أفضل الكني و أحلاها لو لم يجالسنا الا كفوء لم يجالسنا أحد و لو لم يزوجنا الا كفوء لم يزوجنا أحد أشد الناس تواضعا أعظمهم حلما و أنداهم كفا و أمنعهم كتفا ورث عنهما اوصياؤهما علمهما فاردد اليهما الأمر و سلم اليهم أماتك الله مماتهم و أحياك حياتهم اذا شئت رحمك الله الحديث طويل فليراجع في محله و قد اكتفينا بما ذكرنا استشهادا لما كنا بصدده في بيان ما ظهر من علمه و اخباره بالمغيبات نسأل من الله التوفيق و المعرفة بكمالاتهم و مقاماتهم و الأهتداء الي الوصول بحقايقهم و أرجو من فضله علينا ان يحيينا حياتهم و يميتنا مماتهم و يرزقنا شفاعتهم و يحشرنا في زمرتهم.

في (البحار) عن محمد بن اسماعيل عن أبيه قال كنت بسر من رأي أسير في درب الحصا فرأيت طبيبا نصرانيا يقال له (يزداد تلميذ بختيشوع) و كان يعرفني و أنا أعرفه فسايرني و يمشي معي و هو يحدثني حتي اذا صرنا بفناء دار أبي الحسن الهادي (ع) فقال لي أتري هذا الجدار تدري من صاحبه قلت و من صاحبه قال هذا الفتي العلوي الحجازي يعني علي بن محمد الرضا (ع) و كنا نسير في فناء داره قلت فما شأنه؟ قال ان كان مخلوق يعلم الغيب فهو قلت فكيف ذلك قال أخبرك باعجوبة عنه لم تسمع أنت



[ صفحه 305]



و لا غيرك من الناس بمثلها ابدا قلت اخبرني قال نعم اعلمك اني لقيته منذ أيام و هو علي فرس أدهم و عليه ثياب سود و عمامة سوداء و هو أسود اللون فلما بصرت به وقفت اعظاما له و قلت في نفسي لا و حق المسيح ما خرجت من فمي الي أحد من الناس قلت في نفسي ثياب سوداء و دابة سوداء و رجل أسود (سواد في سواد) فلما بلغ الي نظر الي و أحد النظر و قال قلبك اسود مما تري عيناك من سواد في سواد في سواد قال فسقطت علي وجهي فلم أحر جوابا قلت له فما أبيض قلبك لما شاهدت قال الله أعلم قال أبي فلما اعتل (يزداد الطبيب) بعث الي فحضرت عنده فقال ان قلبي قد ابيض بعد سواد فانا (أشهد أن لا اله الا الله و حده لا شريك له و ان محمدا رسول الله (ص) و ان علي بن محمد حجة الله علي خلقه و ناموسه الأعظم) ثم مات في مرضه ذلك و حضرت الصلاة عليه رحمه الله (مشارق الأنوار) عن محمد بن داود القمي و محمد الطلحي قالا حملنا مالا من خمس و نذر و هدايا و جواهر اجتمعت في قم و بلادها و خرجنا نريد بها سيدنا أباالحسن الهادي (ع) فجاءنا رسوله في الطريق ان ارجعوا فليس هذا وقت الوصول فرجعنا الي قم و أحرزنا ما كان عندنا فجاءنا أمره بعد أيام ان قد أنفذنا اليكم ابلا وعيرا فاحملوا عليها ما عندكم و خلوا سبيلها قال فحملناها و أودعناها الله فلما كان من قابل قدمنا عليه فقال انظروا الي ما حملتم الينا فنظرنا فاذا المنايح كما هي في (البحار) كان (ع) جالسا علي باب داره و معه جماعة اذ مر به قائد من قواد السلطان و معه خلع و جمع كثير من القواد و الرجالة و الشاكرية و غيرهم و هو في غاية الزينة فلما ان مضي قال لهم أبوالحسن (ع) هذا فرح بما هو فيه و غدا يدفن قبل



[ صفحه 306]



الصلاة قال الراوي فعجبنا من ذلك فقمنا من عنده و قلنا هذا علم الغيب فتعاهدنا ثلاثة ان لم يكن ما قال ان نقتله و نستريح فاني في منزلي و قد صليت الفجر اذ سمعت غلبة فقمت الي الباب فاذا خلق كثير من الجند و غيرهم و هم يقولون مات فلان القايد البارحة سكر و عبر من موضع الي موضع فوقع و اندقت عنقه فقلت أشهد ان لا اله الا الله و خرجت احضره و اذا الرجل كان كما قال أبوالحسن ميت في أعلام الوري عن جعفر ابن القاسم الهاشمي قال كنت بسر من رأي و حدث لبعض اولاد الخليفة وليمة فدعانا فيها و دعا أباالحسن معنا فدخلنا فلما رأوه أنصتوا اجلالا له و جعل شاب في المجلس لا يوقره و جعل يلفظ و يضحك فأقبل عليه أبوالحسن (ع) و قال له يا هذا تضحك ملأ فيك و تذهل عن ذكر الله و أنت بعد ثلاثة من أهل القبور قال فأمسك الفتي و كف عما هو عليه و طعمنا و خرجنا فلما كان بعد يوم اعتل الفتي و مات في اليوم الثالث و دفن في آخره و ايضا قال سعيد اجتمعنا في وليمة لبعض أهل سر من رأي و أبوالحسن معنا فجعل رجل يعبث و يمرح و لا يري له جلالة فأقبل (ع) علي رجل من الحاضرين و قال أما انه لا يأكل من هذا الطعام و سوف يرد عليه من خبر أهله ما ينغص عليه عيشه قال فقدمت المائدة قال الراوي فو الله لقد غسل الرجل يده و أهوي الي الطعام فاذا غلامه قد دخل من باب البيت يبكي و قال له الحق أمك فقد وقعت من فوق البيت و هي بالموت قال الراوي كنت واقفيا و أقول بالوقف فتبصرت و قلت و الله لا وقفت بعد هذا و من اخباره (ع) بالمغيبات عن فاطمة ابنة الهيثم قالت كنت في دار أبي الحسن الهادي (ع) في الوقت الذي ولد فيه جعفر فرأيت أهل الدار قد سروا



[ صفحه 307]



به فقلت يا سيدي مالي أراك غير مسرور به فقال يهون عليك أمره فسيضل به خلق كثير منها كان ليحيي بن زكريا حمل فكتب اليه ان لي حملا فادع الله أن يرزقني ابنا فكتب اليه رب ابنة خير من ابن فولدت لي ابنة و من كتاب (دلائل الحميري) من أخباره بالمغيبات عن الحسن بن علي الوشا قال حدثتني أم محمد مولاة أبي الحسن الهادي (ع) قالت جاء أبوالحسن الهادي و هو طفل صغير قد رعب حتي جلس في حجر أمه فقالت له مالك فقال لها مات أبي و الله الساعة فقالت له لا تقل هذا قال هو و الله كما أقول لك فكتبنا ذلك اليوم فجاءت وفاة أبي جعفر (ع) في ذلك اليوم عن أبي هاشم الجعفري قال كان أبوالحسن (ع) راكبا دابته فمر به قائد من قواد جيش الخليفة و هو رجل تركي فكلمه أبوالحسن بالتركية فنزل عن فرسه فقبل حافر دابته قال فخلفت التركي و قلت له ما قال لك الرجل؟ قال هذا نبي قلت ليس هذا بنبي قال دعاني باسم سميت به في صغري في بلاد الترك ما علمه أحد الي الساعة الطبرسي عن أبي هاشم قال: دخلت علي أبي الحسن (ع) فكلمني بالهندية فلم أحسن ان أرد عليه و كان بين يديه ركوة ملي ء حصا فتناول حصاة واحدة و وضعها في فيه فمصها مليا ثم رمي بها الي فوضعتها في فمي فو الله ما برحت من عنده حتي تكلمت بثلاثه و سبعين لسانا أولها الهندية في (البحار) عن أبي هاشم الجعفري قال أصابتني ضيقة شديدة فصرت الي أبي الحسن علي بن محمد الهادي (ع) فأذن لي فلما جلست قال يا أباهاشم أي نعم الله عزوجل عليك؟ تريد أن تؤدي شكرها قال أبوهاشم فوجمت فلم أدر ما أقول له فابتدأ (ع) فقال رزقك الايمان فحرم به بدنك علي النار و رزقك العافية فاعانتك علي



[ صفحه 308]



الطاعة و رزقك القنوع فصانك عن التبذل يا أباهاشم انما ابتدأتك بهذا لأني ظننت انك تريد أن تشكو لي من فعل بك هذا و قد أمرت لك بمأة دينار فخذها في (البحار) قال علي بن مهزيار وردت العسكر و أنا شاك في الأمامة فرأيت السلطان قد خرج الي الصيد في يوم الربيع الا انه صائف و الناس عليهم ثياب الصيف و علي أبي الحسن (ع) لباد و علي فرسه تجفاف لبود و قد عقد ذنب فرسه و الناس يتعجبون منه و يقولون ألا ترون الي هذا المدني و ما قد فعل بنفسه فقلت في نفسي لو كان هذا اماما ما فعل هذا فلما خرج الناس الي الصحراء لم يلبثوا الا ان ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد الا ابتل حتي غرق بالمطر و عاد (ع) و هو سالم من جميعه فقلت في نفسي يوشك أن يكون هو الأمام ثم قلت أريد أن اسأله عن الجنب اذا عرق في الثوب فقلت في نفسي ان كشف وجهه فهو الأمام فلما قرب مني كشف وجهه ثم قال ان كان عرق الجنب في الثوب و جنابته من حرام لا يجوز الصلاة فيه و ان كان جنابته من حلال فلا بأس فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة بانه الأمام فقلت في نفسي هذا و الله امام امام ولكن بلا شيعة و لا بمصلي و لا منبر نعم امام ولكن ما ساعدهم الزمان حتي يأخذوا بحقوقهم و يقيموا بوظائفهم بل و جلسوا مظلومين مغمومين مهمومين مكروبين صابرين علي البأساء والضراء منتظرين لأمر الله منهم امامنا أبوالحسن الهادي (ع) جلس روحي فداه لازما بيته كاظما غيظه و صبر علي ما مسه من الأذي من هذه الأيادي الجائرة و الطغاة المتمردة حتي قضي نحبه و لقي ربه خرج من الدنيا مظلوما و مضي شهيدا مسموما قال ابن شهرآشوب في (المناقب) في آخر ملك المعتمد



[ صفحه 309]



استشهد مظلوما مسموما و قال (ابن بابويه) و سمه المعتمد و قال المسعودي و كانت وفاة أبي الحسن (ع) في خلافة المعتز بالله و ذلك في يوم الاثنين لأربع بقين من جمادي الآخرة سنة 354 و هو ابن اربعين سنة و سمع في جنازته جارية تقول ماذا لقينا في يوم الاثنين قديما و حديثا و صلي عليه احمد بن المتوكل علي الله في شارع أبي أحمد في داره بسامراء و دفن هناك انتهي أقول أشارت الجارية بهذه الكلمة الي يوم وفاة النبي (ص) و جلافة المنافقين الطغام و البيعة التي عم شؤمها الأسلام و أخذت الجارية هذه عن عقيلة الهاشميين زينب بنت أميرالمؤمنين (ع) في ندبتها علي الحسين (ع) بابي من أضحي عسكره يوم الأثنين نهبا و قال المسعودي في (اثبات الوصية) حدثنا جماعة كل واحد منهم يحكي انه دخل الدار يعني دار أبي الحسن الهادي (ع) يوم وفاته و قد اجتمع فيها جل بني هاشم من الطالبيين و العباسيين و اجتمع خلق كثير من الشيعة و لم يكن ظهر عندهم أمر أبي محمد (ع) يعني أمر امامته و لا عرف خبره الا الثقات الذين نص أبوالحسن (ع) عندهم عليه فحكوا انهم كانوا في مصيبة و حيرة و هم في ذلك اذ خرج من الدار الداخلة خادم فصاح بخادم آخر يا رياش خذ هذه الرقعة و امض بها الي دار أميرالمؤمنين و ادفعها الي فلان و قل له هذه رقعة الحسن بن علي فاستشرف الناس لذلك ثم فتح من صدر الرواق باب و خرج خادم أسود ثم خرج بعده أبومحمد (ع) حاسرا مكشوف الرأس مشقوق الثياب و عليه مبطنة ملحم بيضاء و كان وجهه وجه أبيه يحظي منه شيئا و كان في الدار أولاد المتوكل و بعضهم ولاة العهد فلم يبق أحد الاقام علي رجله و وثب اليه أبواحمد الموفق فقصده أبومحمد (ع)



[ صفحه 310]



فعانقه ثم قال له مرحبا يا ابن العم و جلس بين بابي الرواق و الناس كلهم بين يديه و كانت الدار كالسوق بالأحاديث فلما خرج و جلس أمسك الناس فما كنا نسمع شيئا الا العطسة و السعلة و خرجت جارية تندب أباالحسن (ع) فقال أبومحمد (ع) ما ههنا من يكفي مؤنة هذه الجارية فبادر الشيعة اليها فدخلت الدار ثم خرج خادم فوقف بحذاء أبي محمد فنهض صلي الله عليه و اخرجت الجنازة و خرج يمشي حتي أخرج بها الي الشارع الذي بازاء دار موسي بن بغاء و قد كان أبومحمد (ع) صلي عليه قبل أن يخرج الي الناس و صلي عليه لما أخرج المعتمد و دفن صلي الله عليه في دار من دوره الي أن قال و تكلمت الشيعة في شق ثيابه (ع) و قال بعضهم رأيتم احدا من الأئمة شق ثوبه في مثل هذه الحال فوقع الي من قال ذلك يا أحمق ما يدريك ما هذا قد شق موسي علي هرون عليهماالسلام يعني و كيف لا أشق ثوبي و أنا قد أصبت بوالدي و أبي أقول فاذا شق الأمام ثوبه علي أبيه اذا لا تلام زينب الكبري لما نظرت الي رأس أخيها في طشت من الذهب بين يدي يزيد و اللعين بيده قضيب الخيزران و هو يضرب به ثنايا أبي عبدالله شقت جيبها و نادت يا حسيناه يا حبيب قلب الخ و كان أبوالحسن (ع) يقول قبري أمان لأهل الخافقين من زاره كان كمن زار رسول الله صلي الله عليه و آله يقول الشاعر:



يا راكب الشهباء تعمد علبة

سلم علي قبر بسامراء



قبر الأمام العسكري و ابنه

و سمي احمد خاتم الخلفاء





[ صفحه 311]