بازگشت

سيرته


اذا ذكر أئمة أهل البيت عليهم السلام تبادر الذهن الي العبادة والورع و التقي و الكرم و الشجاعة والخلق الرفيع، الي غير ذلك من مكارم الأخلاق و معالي الصفات، فهم مجمع الفضائل، و أصول المكارم، اليهم تنتهي كل فضيلة، و بهم تتصل كل مكرمة.

و مما تميزوا به عليهم السلام عن غيرهم، هي سيرتهم المحمدية، و خلقهم العلوي، حتي استطاعوا بذلك أن يرجعوا شطرا من المسلمين الي النهج القويم، و يأخذوا بأيديهم الي طريق الحق.

نسجل في هذه الصفحات مقتطفات من سيرة الامام الهادي عليه السلام.

1- قال المسعودي: واتبعه في خروجه الي سامراء بريحة العباسي - صاحب الصلاة في الحرمين - مشيعا، فلما صار في بعض الطريق قال له بريحة: قد علمت وقوفك علي أني كنت السبب في حملك، و علي حلف بايمان مغلظة لئن شكوتني الي أميرالمؤمنين، أو الي أحد من خاصته و أبنائه، لأجمرن نخلك، و لأقتلن مواليك، و و لأغورن عيون ضيعتك، و لأفعلن، و لأصنعن.

والتفت اليه أبوالحسن فقال له: ان أقرب عرضي اياك علي الله البارحة و ما كنت لأعرضك عليه، ثم لأشكوك الي غيره من خلقه.

فانكب عليه برحية و ضرع اليه و استعفاه.

فقال له: قد عفوت عنك [1] .



[ صفحه 216]



2 - قال علي بن حمزة: رأيت أباالحسن الثالث عليه السلام يعمل في أرض و قد استنقعت قدماه في العرق، فقلت له: جعلت فداك أين الرجال؟

فقال علي: عمل بالمسحاة من هو خير مني و من أبي في أرضه.

فقلت له: من هو؟

فقال: رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أميرالمؤمنين عليه السلام، و آبائي كلهم عليهم السلام عملوا بأيديهم، و هو من عمل النبيين و المرسلين، و الأوصياء الصالحين [2] .

3 - خرج عليه السلام من (سر من رأي) لمهم عرض له، فجاء رجل من الأعراب يطلبه فقيل له: قد ذهب الي الموضع الفلاني، فقصده فلما وصل اليه قال له: ما حاجتك؟

فقال: أنا رجل من أعراب الكوفة، المتمسكين بولاية جدك علي بن أبي طالب، و قد ركبني دين فادح أثقلني حمله، و لم أر من أقصده لقضائه سواك.

فقال له أبوالحسن: طب نفساً، و قر عيناً.

ثم أنزله، فلما أصبح ذلك اليوم قال له أبوالحسن: أريد منك حالة الله الله أن تخالفني فيها.

فقال الأعرابي: لا أخالفك.

فكتب أبوالحسن ورقة بخطه، معترفاً فيها أن عليه للأعرابي مالا عينه فيها يرجح علي دينه و قال: خذ هذا الخط فاذا وصلت الي (سر من رأي) احضر الي و عندي جماعة فطالبني به، و اغلظ القول علي في ترك ايفائك اياه، الله الله في مخالفتي.

فقال: أفعل، و أخذ الخط.

فلما وصل أبوالحسن الي (سر من رأي) و حضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة و غيرهم، حضر ذلك الرجل، و أخرج الخط و طالبه، و قال كما أوصاه.



[ صفحه 217]



فألان أبوالحسن له القول و رفعه، و جعل يتعذر اليه، و وعده بوفائه، و طيب نفسه.

فنقل ذلك الي الخليفة المتوكل، فأمر أن يحمل الي أبي الحسن ثلاثون ألف درهم.

فلما حملت اليه تركها الي أن جاء الرجل؛ فقال: خذ هذا المال فاقض منه دينك، و انفق الباقي علي عيالك و أهلك و اعذرنا.

فقال له الأعرابي: يا ابن رسول الله و الله ان أملي كان يقصر عن ثلث هذا، ولكن الله أعلم حيث يجعل رسالته.

و أخذ المال و انصرف [3] .

4 - قال محمد بن الريان بن الصلت: كتبت الي أبي الحسن أستأذنه في كيد عدو، فنهاني عن ذلك [4] .

5 - قال يعقوب بن ياسر: كان المتوكل يقول: ويحكم قد أعياني أمر ابن الرضا، و جهدت أن يشرب معي أو ينادمني فامتنع، وجهدت أن أجد فرصة في هذا المعني فلم أجدها [5] .

6 - قال عليه السلام لبعض أصحابه: ان الله تعالي علم منا أن لا نلجأ في المهمات الا اليه، و لا نتوكل في الملمات الا عليه، و عودنا اذا سألناه الاجابة، و نخاف أن نعدل فيعدل بنا [6] .



[ صفحه 218]




پاورقي

[1] اثبات الوصية 225.

[2] سيرة الامام العاشر علي الهادي 48.

[3] سفينة البحار2 / 240 . الدمعة الساكبة 3 / 133. كشف الغمة 291. نورالابصار 140. الفصول المهمة 264. سبائك الذهب 75. مطالب السؤول 88.

[4] الدمعة الساكبة 3 / 126. كشف الغمة 296.

[5] أعلام الوري 209. أصول الكافي 1 / 502 . المجالس السنية 442 / 5. نورالابصار للحائري 294. الارشاد 303. كشف الغمة 293. الدمعة الساكبة 3 / 123.

[6] بحارالأنوار 12 / 129 .