بازگشت

الثورات العلوية و علاقتها بالامام


لقد كانت فترة امامة الامام الهادي من الفترات الطويلة، و من ثم كانت هنا لك ثورات عديدة فجرتها الحركة الرسالية، و قد بدأت بمحمد بن صالح بن موسي بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع).

و كان من فتيان آل أبي طالب و فتاكهم و شجعانهم و طرفائهم و شعرائهم، و كان قد ثار في «سوبقة» و خرجت جموع الناس معه و في تلك السنة كان يحج بصورة رسمية من قبل السلطات العباسية رجل يدعي «أبوالساج» عندما ذهب عم محمد بن صالح بن عبدالله و اسمه موسي بن عبدالله و أفشي بقضايا كثيرة لأنه كان خائفا من نجاح الثورة و من بعدها يصيبه ما يصيبه، فاقتيد محمد بن صالح خدعة الي أبي الساج و من ثم الي المتوكل العباسي و الذي حبسه و الي قبل مماته بسنتين.

و أيضا ثار الحسين بن زيد و معه محمد بن اسماعيل بن زيد في طبرستان و نواحي الديلم فغلب السلطات العباسية المتواجدة هنالك و ربما كان الوحيد الذي انتصر في تلك الفترة، كما ثار محمد بن محمد بن جعفر بالري الا أنه لم يحقق انتصارا فحبسه عبدالله بن طاهر بنيشابور حتي مات.

و كان أحمد بن عيسي قد تواري عن الأنظار بعد هروبه من سجن هارون



[ صفحه 39]



الرشيد فأمر هارون بتفتيش كل داريتهم صاحبها بالرسالية و طلب أحمد، ذلك لأن أحمد بن عيسي بن زيد بن علي بن الحسين (ع) تواري في بغداد و بعدها انتقل الي أماكن عديدة، و هكذا حتي مات في تلك الأيام.

و كان ممن تواروا أيضا عبدالله بن عيسي بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) منذ خلافة المأمون... و لم يزل عبدالله متواريا الي أن مات في أيام المتوكل.

فحدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيي بن الحسن، قال: حدثنا اسماعيل بن يعقوب قال سمعت محمد بن سليمان الزينبي يقول:

«نعي عبدالله بن موسي الي المتوكل صبح أربع عشرة ليلة من يوم مات، و نعي له أحمد بن عيسي فاغتبط بوفاتهما و سر، و كان يخافهما خوفا شديدا و يحذر حركتهما، لما يعلمه من فضلهما، و استنصار الشيعة الزيدية بهما و طاعتهم لهما لو ارادوا الخروج عليه فلما مات أمن و أطمأن، فما لبث بعدها الا اسبوعا حتي قتل.

كما تقدم مسبقا عن زيد بن علي (ع) و انه كان من أولاده الحسين ذو الدمعة و الذي تربي و تفقه علي يد الامام جعفر الصادق (ع)، و ان الحسين ذا الدمعة كان له حفيد يدعي «يحيي بن عمر بن الحسين ذو الدمعة» و ان الاخير حكم الكوفة و مجمل التفصيل حوله، و المراد هنا ان احداث ثورة عيسي بن عمر بن الحسين ذو الدمعة كان في خلافة المتوكل الي خلافة المستعين العباسي حيث كان يحيي قد قام بانتفاضة في أيام المتوكل في خراسان فهزم من قبل عبد



[ صفحه 40]



الله بن طاهر، فأمر المتوكل الي عمر بن الفرج الرخجي فسلم اليه، فكلمه بكلام فيه بعصي الغلظة فرد عليه يحيي و شتمه، فشكي ذلك الي المتوكل فأمر به فضرب دررا و ضرب ثمانية عشر مقرعة، ثم حبسه ببغداد في المطبق، فمكث علي ذلك مدة، ثم اطلق فمضي الي بغداد فلم يزل بها حينا حتي قام بالثورة في الكوفة، فدعا الي الرضا من آل محمد (ص)، و أظهر العدل و حسن السيرة الي أن قتل رضوان الله عليه، و كان رضي الله عنه رجلا فارسا شجاعا، شديد البدن مجتمع القلب، بعيدا من رهق الشباب و ما يعاب به مثله.

و استمر الوضع الي استشهاد الامام الهادي (ع) حيث نشأ ما يزيد علي عشرين تحركا و انتفاضة في المناطق المختلفة.

و اذا ما لاحظنا أصحاب هؤلاء الثورات من هم؟ نجد أن أكثرهم من صنع الامام الهادي و تربيته، كان هذا وجه آخر لا أخير من وجوه قيادة الامام للامة و للحركة الرسالية» [1] .

و هذا يعني ان الامام كان له علاقة وثيقة بالثائرين، بيد انه من غير المعقول ان يقوم الثوار العلويين بالثورة و هم الذين تربوا علي يد الامام الهادي (ع) من غير علمه و موافقته علي ذلك، و لو لم يلاحظ المتوكل العباسي خطرا من الامام لما حبسه في السجن مدة من الزمن، و انما كان الامام يشكل خطرا علي الحكم لانه كان يثور الجماهير ضد النظام.



[ صفحه 41]



«كان الثوار العلويون، عندما يتوسمون في أنفسهم القوة و الاتباع، يرون وجوب التخطيط للثورة و الخروج علي حكامهم المنحرفين، و كانت أغلب الثورات تدعوا الي شعار - الرضا من آل محمد - و يريدون بهذا الشعار الشخص الذي هو أفضل آل محمد، و ليس في اعتقادهم غير الامام الهادي (ع).

و الثوار بشعارهم الفضفاض هذا، يريدون به تكتيكا بارعا لاخفاء اسم الامام (ع) دون ان يضعه - في حال فشل الثورة- موضع التهمة و الحرج تجاه السلطات الحاكمة، و هم يعلمون ان الامام (ع) أمام سمع الدولة و بصرها، و لربما قتلته بعد ان تتهمه باثارة العصيان و التمرد ضدها» [2] .

فالثوار اذن لو لم يكونوا يثورون تحت توجيهات الامام لما رفعوا شعار الرضا من آل محمد، و لو كانوا كاذبين في ذلك لبين الامام (ع) حقيقة كذبهم، و لوضح للامة أنه بعيد عنهم، ولكن الواقع ان هؤلاء الثوار كانوا يثورون تحت توجيهات الامام و ارشاداته، و لقد قال المتوكل ذات مرة: و يحكم قد أعياني أمر ابن الرضا، و يقصد به الامام الهادي (ع)، فالامام (ع) كان هو الذي يقود الحركة الرسالية، و بالتالي فان ما قامت به الحركة الرسالية من تفجير للوضع القائم انما كان من توجيهات الامام (ع).



[ صفحه 45]




پاورقي

[1] التأريخ الاسلامي - ص 380.

[2] الائمة الاثنا عشر - ص 233.