لقد استطاعت الحركة الرسالية بقيادة الامام الهادي (ع) ان تتغلغل في داخل الجهاز الحاكم و علي أعلي المستويات، تقول الرواية: -

«روي صقر الكرخي قال: لما حمل المتوكل سيدنا أباالحسن الهادي (ع) الي سر من رأي أحببت ان أسأل عن خبره فنظر الي الزرافي حاجب المتوكل ثم أمرني بالدخول فلما انفض الناس قال لعلك جئت تسأل عن خبر مولاك قلت و من مولاي؟ مولاي أميرالمؤمنين! قال: اسكت!! مولاك هو الحق فلا تحتشمني فاني علي مذهبك!! فحمدت الله، فقال: أتحب أن تراه؟ قلت: نعم، قال: اجلس حتي يخرج صاحب البريد من عنده، فلما خرج قال لغلام له: خذ بيده و ادخله الحجرة التي فيها العلوي المحبوس، فدخلت فاذا مولاي جالس علي صدر حصير و بحذائه قبر محفور، فسلمت فرد علي السلام و أمرني بالجلوس فلما نظرت الي القبر بكيت فقال: لا عليك لن يصلوا الينا بشي ء الآن فحمد الله ثم



[ صفحه 55]



قال: ودع و أخرج فلا آمن عليك أن تؤخذ» [1] .

ان هذه الرواية تدل علي عدة حقائق هي: -

1- قدرة الحركة الرسالية علي التغلغل داخل الجهاز الحاكم، اذ ان «الزرافي» حاجب المتوكل كان من أعضاء الحركة الرسالية.

2- ممارسة السرية من قبل أعضاء الحركة الرسالية «قال: لعلك جئت تسأل عن خبر مولاك قلت و من مولاي؟ مولاي أميرالمؤمنين - أي المتوكل -!!» و أيضا نلاحظ «فلما انفض الناس قال: لعلك جئت تسأل عن خبر مولاك...» فلم يسأله حينما كان هناك اناس جالسون.

3- دقة التنظيم في عهد الامام الهادي (ع)، حيث نلاحظ في هذه الرواية ان كلا من «صقر الكرخي» و «الزرافي» كانا من أصحاب الامام الهادي (ع) الا ان صقر الكرخي لم يكن يعرف ان «الزرافي» من أصحابه، بينما نلاحظ ان الزرافي كان قد عرف صقر الكرخي، مما يعني ان «الزرافي» كان في مستوي قيادي داخل الحركة الرسالية «قال: اسكت!! مولاك هو الحق فلا تحتشمني فاني علي مذهبك!».

4- الحفاظ علي الكوادر «ثم قال: ودع و أخرج فلا آمن عليك أن تؤخذ» و لا نستبعد ان يكون صاحب البريد من أصحاب الامام (ع) الا ان تأخير «صقر الكرخي» من الدخول و هو موجود عند الامام قد يكون لظروف امنية.



[ صفحه 56]



و حينما نعرف ان الفتح بن خاقان وزير المتوكل كان يوالي الامام الهادي (ع) نعرف عندئذ الي أي مدي وصلت الحركة الرسالية من القوة و الدقة.

«أو رجلا مثل الفتح بن خاقان الذي كان أكبر وزير في العصر العباسي الثاني، هذا الرجل كان معروفا انه يظهر التشيع للامام الهادي (ع).. المهم انك عندما تري مثل هذه الطبقات توالي الامام الهادي (ع)، فانك تستطيع ان تكون فكرة عن الدور القيادي للامام» [2] .