بازگشت

لماذا من الجواري؟


قد تيبا در الي ذهن القارئ الكريم، أنه لماذا كانت أكثر أمهات الأئمة عليهم السلام من الجواري؟

ألم تكن نساء حرات في المدينة و ألم تتوفر البنات في بني هاشم و آل أبي طالب، فلما ذا لم يتنروج أئمتنا بهن لتحضين بالسعادة الأبدية؟

قلنا أولا ان أمر التسري كان شايعا في ذلك اليوم، فمثلا كان الامام علي عليه السلام و هكذا بقيه المعصومين عندهم الجواري و قد تزوجوا بهن و أولدن، فكثير من أبناء المعصومين كانوا من أبناء الجواري. فلرب جارية كانت خير من غيرها و كان فيها المؤهلات لأن تكون اما لامام و لم تكن هذه المؤهلات في جارية أخري بل حرة أخري و ان كانت ولدتها الأئمه عليهم السلام.

اذا فكان الاصطفاء منهن لعلل منها ايمانها التي رحجتها حتي علي الحرة.

و ثانيا: و لعل هذا الاصطفاء من الجاريات لتاليف القلوب و لجلب المودة المحبة حيث كانت القلوب تشتاق اليهم أكثر فأكثر.

و ثالثا: الأفضل أن نقول و هذه أيضا من الأسرار لأنهم عليهم السلام لم يقدموا علي كل جارية رغم كثرة الجواري في المدينة و بغداد و غيرها من البلدان، فلو تأملنا في قصة أم الهادي و اعطاء الامام الجواد لمحمد بن الفرج مبلغا من المال و أمره بابتياع جارية وصفها له في حين ان الامام لم يكن رآها من قبل و لا عرفها ظاهرا. و هكذا لو تأملنا في قصه شراء ام القائم المهدي عليه السلام، لا تضحت المسئله أكثر فأكثر. و اليك خلاصة ما قاله الامام الهادي عليه السلام لبشر بن سليمان النخاس في شراء ام القائم عليه السلام.

قال بشر: فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رأي و قد مضي هوي من الليل



[ صفحه 25]



اذ قرع الباب قارع فعدوت مسرعا فاذا أنا بكافور الخادم رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام يدعوني اليه، فلبست ثيابي و دخلت عليه فرأيته يحدث ابنه أبا محمد و اخته حكيمة من وراء الستر، فلما جلست قال: يا بشر انك من ولد الأنصار و هذه الولاية لم تزل فيكم يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت و اني مزكيك و مشرفك بفضيلة تسبق بها شأو الشيعة في الموالات بها: بسر أطلعك عليه و أنفذك في ابتياع أمة، فكتب كتابا ملصقا بخط رومي و لغة رومية و طبع عليه بخاتمه، و أخرج شستقة صفراء فيها مأئتان و عشرون دينارا فقال: خذها و توجه بها الي بغداد و أحضر معبر الفرات ضحوة كذا، فاذا وصلت الي جانبك زواريق السبايا و برزن الجواري منها، فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قواد بني العباس و شراذم من فتيان العراق، فاذا رأيت ذلك فأشرف من البعد علي المسمي عمر بن يزيد النخاس عامة نهارك الي أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا كذا لابسة حريرتين صفيقتين تمتنع من السفور و لمس المعترض و الانقياد لمن يحاول لمسها و يشغل نظره بتأمل مكاشفها من وراء الستر الرقيق فيضربها النخاس فتصرخ صرخة رومية، فاعلم أنها تقول: و اهتك ستراه فيقول بعض المبتاعين علي بثلاثمائة دينار فقد زادني العفاف فيها رغبة، فتقول بالعربية: لو برزت في زي سليمان و علي مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبة فأشفق علي مالك، فيقول النخاس: فما الحيلة و لابد من بيعك؟!

فتقول الجارية: و ما العجلة و لابد من اختيار مبتاع يسكن قلبي اليه و الي أمانته و ديانته، فعند ذلك قم الي عمر بن يزيد النخاس و قل له: ان معي كتابا ملصقا لبعض الأشراف كتبه بلغة رومية و خط رومي و وصف فيه كرمه و وفاه نبله و سخاه فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه، فان مالت اليه و رضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك.



[ صفحه 26]



قال بشر بن سليمان النخاس: فامتثلت جميع ماحده لي مولاي أبوالحسن عليه السلام في أمر الجارية، فما نظرت في الكتاب بكت بكاءا شديدا، و قالت لعمر بن يزيد النخاس بعني من صاحب هذا الكتاب و حلفت بالمحرجة المغلظة انه متي امتنع من بيعها منه قتلت نفسها، فما زلت اشاحه في ثمنها حتي استقر الأمر فيه علي مقدار ما كان أصحبنيه مولاي عليه السلام من الدنانير و الشستقة الصفراء، فاستوفاه مني و تسلمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة.... [1] .

تلخص أنه رغم وجود الحرات و الجواري، لكن اصطفاء الائمة عليهم السلام بعضهن لتكون اما لبعض المعصومين عليهم السلام، مسئله مهمة و غامضة لا يسعنا التدخل في ذلك.


پاورقي

[1] كمال الدين، ج 2، ص 417، دلائل الامامة، ص 263، الغيبة، ص 124.