بازگشت

الوقائع في طريقه الي سامراء


و في الخرائج: روي يحيي بن هرثمة، قال: دعاني المتوكل، قال: اختر ثلاث



[ صفحه 135]



مائة رجل ممن تريد و اخرجوا الي الكوفة فخلفوا أثقالكم فيها، و اخرجوا طريق البادية الي المدينة، فاحضروا علي بن محمد بن الرضا الي عندي مكرما معظما مبجلا.

قال: ففعلت و خرجنا و كان في أصحابي قائد من الشراة - اي الخوارج - و كان لي كاتب يتشيع و أنا علي مذهب الحشوية و كان ذلك الشاري يناظر ذلك الكاتب كنت استريح الي مناظرتها لقطع الطريق.

فلما صرنا الي وسط الطريق، قال الشاري للكاتب: أليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب أنه ليس من الأرض بقعة الا و هي قبر أو سيكون قبرا؟ فانظر الي هذه التربة أين من يموت فيها حتي يملأ الله قبورا كما يزعمون.

قال: فقلت للكاتب هذا من قولكم؟

قال: نعم. قلت: صدق أين يموت في هذه التربة العظيمة حتي يمتلئ قبورا و تضاحكنا ساعة اذ انخذل الكاتب في أيدينا.

قال: و سرنا حتي دخلنا المدينة، فقصدت باب أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا 7. فدخلت عليه، فقرأ كتاب المتوكل، فقال: انزلوا و ليس من جهتي خلاف.

قال: فلما صرت اليه من الغد و كنا في تموز أشد ما يكون من الحر، فاذا بين يديه خياط و هو يقطع من ثياب غلاظ خفاتين له و لغلمانه. ثم قال للخياط: أجمع عليها جماعة من الخياطين و اعمد علي الفراغ منها يومك هذا و بكر بها الي في هذا الوقت، ثم نظر الي و قال: يا يحيي اقضوا وطركم من المدينة في هذا اليوم و اعمد علي الرحيل غدا في هذا الوقت. قال: فخرجت من عنده و أنا أتعجب من الخفاتين و أقول في نفسي نحن في تموز و حر الحجاز و انما بيننا و بين العراق مسيرة عشرة أيام فما يصنع بهذه الثياب؟

ثم قلت في نفسي: هذا رجل لم يسافر و هو يقدر أن كل سفر يحتاج فيه الي مثل هذه الثياب و العجب من الرافضة حيث يقولون بامامة هذا مع فهمه هذا.

فعدت اليه في الغد في الوقت، فاذا الثياب قد احضرت فقال لغلمانه:



[ صفحه 136]



ادخلوا اخذوا لنا معكم لبابيد و برانس. ثم قال: ارحل يا يحيي.

فقلت في نفسي هذا أعجب من الأول أيخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتي أخذ معه اللبابيد و البرانس؟ فخرجت و أنا استصغر فهمه، فعبرنا حتي اذا وصلنا ذلك الموضع الذي وقعت المناظرة في القبور ارتفعت سحابة و اسودت و أرعدت و أبرقت حتي اذا صارت علي رؤسنا أرسلت علينا بردا مثل الصخور وقد شد علي نفسه و علي غلمانه الخفاتين و لبسوا اللبابيد و البرانس، قال لغمانه: ادفعوا الي يحيي لبادة و الي الكاتب برنسا و تجمعنا و البرد يأخذنا حتي قتل من أصحابي ثماثين رجلا و زالت و رجع الحر كما كان.

فقال لي يا يحيي أنزل من بقي من أصحابك ليدفن من قدمات من أصحابك فهكذا يملأ الله البرية قبورا.

قال: فرميت نفسي عن دابتي و عدوت اليه و قبلت ركابه و رجله و قلت: أنا أشهد أن لا اله الا الله، و أن محمدا عبده و رسوله، و أنكم خلفاء الله في أرضه و قد كنت كافرا و انني الآن قد أسلمت علي يديك يا مولاي.

قال يحيي: و تشيعت و لزمت خدمته الي أن مضي. [1] .


پاورقي

[1] بحار الأنوار، ج 50، ص 144.