بازگشت

دعاء الامام علي المتوكل


لما علا و اشتد طغيان المتوكل و أمر بسبب الامام و قتله بعد ثلاثة أيام، دعا عليه الامام بدعاء سريعا لاجابة فما دخل اليوم الثالث حتي هجم المنتصر و معه بغا و وصيف و الأتراك علي المتوكل فقتلوه و قطعوه و الفتح بن خاقان جميعا قطعا، حتي لم يعرف أحدهما من الآخر و أزال الله نعمته و مملكته و الدعاء ما رواه ابن طاووس في مهج الدعوات كما يلي: حدثنا الشريف أبوالحسن محمد بن محمد بن الحسن بن يحيي بن الرضا... حدثني أبوروح النسائي عن أبي الحسن علي بن



[ صفحه 329]



محمد عليهم السلام انه دعا علي المتوكل فقال... اللهم اني و فلان بن فلان عبدان من عبيدك نواصينا بيدك، تعلم مستقرنا و مستودعنا، و تعلم منقلبنا و مثوانا، و سرنا و علانيتنا، و تطلع علي نياتنا و تحيط بضمائرنا. علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه و معرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره، و لا ينطوي عنك شي من امورنا، و لا يستتر دونك حال من أحوالنا.

و لا لنا منك معقل يحصننا و لا حرز يحرزنا، و لا هارب يفوتك منا، و يمتتع الظالم منك بسلطانه و لا يجاهدك عنه جنوده، و يغالبك مغالب بمنعة، و لا يعازك متعزز بكثرة، أنت مدركه أين ما سلك، و قادر عليه أين لجا، فمعاذ المظلوم منا بك و توكل المقهور منا عليك و رجوعه اليك. و يستغيث بك اذا خذله المغيث، و يستصرخك اذا قعد عنه النصير، و يلوذ بك اذا نفته الأفنية، و يطرق بابك اذا أغلقت دونه الأبواب المرتحة، و يصل اليك اذا احتجبت عنه الملوك الغافله، تعلم ما حل به قبل أن يشكوه اليك، و تعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له، فلك الحمد سمعيا بصيرا لطيفا قديرا.

أللهم انه قد كان في سابق علمك و محكم قضاءك، و جاري قدرك، و ماضي حكمك، و نافذ مشيئتك في خلقك أجمعين، سعيدهم و شقيهم و برهم و فاجرهم، ان جعلت لفلان بن فلان علي قدرة فظلمني بها و بغي علي لمكانها و تعزز علي بسلطانه الذي خولته اياه و تجبر علي بعلو حاله التي جعلتها له و غرة املاءك له و اطفاه حلمك عنه.

فقصدين بمكروه عجزت عن الصبر عليه، و تغمدني بشر ضعفت عن احتماله، و لم أقدر علي الانصار منه لضعفي، و الانتصاف منه لذلي، فوكلته اليك و توكلت في أمره عليك، و توعدته بعقوبتك و خدرته سطوتك و خوفته نقمتك.

فظن أن حلمك عنه من ضعف، و حسب ان املاك له من عجز، و لم تنهه واحدة



[ صفحه 330]



عن اخري و لا انزجر، عن ثانية باولي، ولكنه تمادي في غيه و تتابع في ظلمه و لج في عدوانه و استشري في طغيانه، جرأة عليك يا سيدي، و تعرضا لسخطك الذي لا ترده عن الظالمين، و قلة اكثرات ببأسك الذي لا تحبسه عن الباغين.

فها أنا ذا يا سيدي مستضعف في يديه، مستضام تحت سلطانه، مستذل بعنائه، مغلوب مبغي علي مغضوب و جل خائف مروع مقهور، قد قل صبري و ضاقت حيلتي، و انغلقت علي المذاهب الا اليك، و انسدت علي الجهات الا جهتك، و التبست علي اموري في دفع مكروهه عني.

و اشتبهت علي الآراء في ازالة ظلمه، و خذلني من استنصرته من عبادك، و أسلمني من تعلقت به من خلقك طرا، و استشرت نصيحي فشار الي بالرغبة اليك، و استرشدت دليلي فلم يدلني الا عليك، فرجعت اليك يا مولاي صاغرا راغما مستكينا، عالما، انه لا فرج الا عندك، و لا خلاص لي الا بك انتجز وعدك في نصرتي و اجابة دعائي.

فانك قلت و قولك الحق الذي لا يرد و لا يبدل و من عاقب بمثل ما عوقب به. ثم بغي عليه لينصرنه الله و قلت جل جلالك و تقدست أسماءك «ادعوني أستجب لكم» و أنا فاعل ما أمرتني به لا منا عليك، و كيف أمن به و أنت عليه دللتني.

فصل علي محمد و آل محمد فاستجب لي كما وعدتني، يا من لا يخلف الميعاد، و اني لأعلم يا سيدي ان لك يوما تننقم فيه من الظالم للمظلوم، و أتيقن لك وقتا تاخذ فيه من الغاصب للمغصوب، لأنك لا يسبقك معاند، و لا يخرج عن قبضتك منابذ و لا تخاف فوت فائت، ولكن جزعي وهلعي لا يبلغان بي الصبر علي اناك و انتظار حلمك. فقدرتك علي يا سيدي و مولاي فوق كل قدرة، و سلطانك غالب علي كل سلطان، و معاد كل أحد اليك و ان أمهلته، و رجوع كل ظالم اليك و ان أنظرته، و قد أضرني يا رب حلمك عن فلان بن فلان، و طول أناتك



[ صفحه 331]



له و امهالك اياه و كاد القنوط يستولي علي لولا الثقة بك و اليقين بوعدك. فان كان في قضاءك النافذ و قدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب أو يرجع عن ظلمي، و يكف مركوهه عني و ينتقل عن عظيم ما ركب مني.

فصل اللهم علي محمد و آل محمد، و أوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة، قبل ازالة نعمتك التي أنعمت بها علي، و تكديره معروفك الذي صنعته عندي، و ان كان في علمك به غير ذلك من مقام علي ظلمي.

فأسئلك يا ناصر المظلوم المبغي عليه اجابة دعوتي، فصل علي محمد و آل محمد و خذه من مأمنه أخذ عزيز مقتدر، و أفجائه في غفلته مفاجاة مليك منتصر به و اسلبه نعمته و سلطانه، و افضض عنه جموعه و أعوانه، و مزق ملكه كل ممزق، و فرق أنصاره كل مغرق، و أعره من نعمتك التي لم يقابلها بالشكر، و انزع عنه سربال عزك الذي لم يجازه بالاحسان.

و اقصمه يا قاصم الجبابرة، و اهلكه يا مهلك القرون، و أبره يا ميير الامم الظالمة، و اخذل يا خاذل الفئات الباغية، و ابتره عمره، و ابتز ملكه، و عف اثره، و اقطع خبره، و اطف ناره و اظلم نهاره و كور شمسه و ازهق نفسه و اهشم شدته وجب سنامه و ارغم أنفه و عجل حتفه. و لا تدع له جنة الا هتكتها و لا دعامة الا قصمتها، و لا كلمة مجتمعة الا فرقتها و لا قائمة علو الا وضعتها، و لا ركنا الا وهنته و لا سببا الا قطعته، و أرنا أنصاره و جنده و أحبائه و أرحامه عباديد بعد الالفة، و شتي بعد اجتماع الكلمة و مقنعي الرؤس بعد الظهور علي الامة، و اشف بزوال أمره القلوب المنقلبة الوجلة و الأفئدة اللهفة و الأمة المتحيرة و البرية الضايعة.

و أول ببواره الحدود المعطلة، و الأحكام المهملة، و السنن الداثرة، و المعالم المغيرة و التلاوات المتغيرة، و الآيات المحرفة و المدارس المهجورة، و المحاريب المجفوة و المساجد المهدومة، و أرح به الأقدام المتعبة و أشبع به الخماص



[ صفحه 332]



الساغبة، و أرو به اللهوات اللاغيه، و الأكباد الظامية و أرح به الأقدام المتعبة.

و اطرق بليلة لا اخت لها و ساعة لا شفاء منها، و بنكبة لا انتعاش معها، و بعثرة الا اقالة منها، و أبح حريمه و نغص نعيمه، و أره بطشتك الكبري، و نقمتك المثلي و قدرتك التي هي فوق كل قدرة، و سلطانك الذي هو أغرق من سلطانه، و اغلبه لي بقوتك القوية و مما لك الشديد، و امنعني منه بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل.

و ابتله بفقر لا تجبره و بسوء لا تستره وكله الي نفسه فيما يريد، انك فعال لما تريد و ابرئه من حولك و قوتك، و أحوجه الي حوله و قوته و أذل مكره بمكرك، و ادفع مشيئته بمشيئتك و اسقم جسده و أيتم ولده و انقص أجله و خيب أمله.

و أزل دولته، و أطل عولته، و اجعل شغله في بدنه، و لا تفكه من حزنه و صير كيده في ضلال و أمره الي زوال، و نعمته الي انتقال، و جده في سقال، و سلطانه في اضمحلال، و عاقبته الي شر مال، و أمته بغيظه اذا أمته و أبقه لحزنه ان أبقيته، و قني شره و همزه و لمزه و سطوته و عداوته، و ألمحه لمحة تدمرها عليه، فانك أشد بأسا و أشد تنكيلا، و الحمد لله رب العالمين. [1] .


پاورقي

[1] مهج الدعوات، ص 265 و عنه مسند الامام الهادي، ص 188.