دفن الامام علي بن محمد العسكري عليه السلام بعد تشييع عظيم عن جثمانه الطاهر في سامراء، في بيته الشريف الذي كان يسكنه أيام اقامته في سامرا. [1] .

و هذا هو البيت الذي اشتراه من دليل بن يعقوب النصراني بعد أن أخرجه ابن الخضيب من بيته. فسكن الامام ظاهرا من بداية دخوله الي سامراء الي أن استشهد في ثلاثه أمكنه.



[ صفحه 359]



الاولي: خان الصعاليك: أقام الامام في هذا المكان يوما ثم أفرد له المتوكل مكانا آخرا فانتقل اليها. قال في جلاء العيون: فلما وصل اليها تقدم المتوكل بأن بحجب عنه في يومه منزل في خان يقال له: خان الصعاليك و أقام به يومه ثم تقدم المتوكل بافراد دار له فانتقل اليها. [2] .

و هذا المكان كما يظهر من اسمه، كان سكن الضعفاء و الفقراء الذين لا مال لهم لأن الصعلوك هو الفقير الذي لا مال له كما جاء التصريح به في كتب اللغة. [3] .

و قد استغرب صالح بن سعيد من اسكان الامام الهادي في هذا المكان و لذلك لما دخل عليه يوم وروده، قال: فقلت له: جعلت فداك في كل الامور أرادوا اطفاء نورك و التقصير بك حتي انزلوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك.

فقال: هاهنا أنت يا ابن سعيد، ثم أومأ بيده فاذا بروضات أنقات و أنهار جاريات و جنات فيها خيرات عطرات و ولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون، فحار بصري و كثر عجبي، فقال لي: حيث كنا فهذا لنا يابن سعيد، لسنا في خان الصعاليك. [4] .

الثانية: دار ابن الخضيب. يحتمل ان هذا الدار هو الدار الذي انتقل اليه الامام من خان الصعاليك و يحتمل أنه انتقل الي مكان آخر ثم انتقل الي دار ابن الخضيب. الذي كان من أعوان المتوكل العباسي و من بطانته و مقربيه. فلم يذكر لنا التاريخ انه متي انتقل اليها و كم بقي فيها حتي ألح عليه بالخروج من البيت. و تسليمها اليه. فروي ان الامام الهادي عليه السلام دعا عليه و أخذه الله في تلك الأيام بدعاء الامام عليه. قال الطبرسي: و ألح عليه ابن الخضيب في الدار التي قد نزلها



[ صفحه 360]



و طالبه بالانتقال منها و تسليمها اليه، فبعث اليه أبوالحسن عليه السلام، لأقعدن لك من الله مقعدا لا يبقي لك معه باقيه، فأخذه الله في تلك الأيام [5] و يفهم من هذا النص ان هذا البيت لم يكن لابن الخضيب بل أراد ايذاء الامام و اخراجه من البيت و احراجه، فلذلك دعا عليه الامام.

و فيه أيضا عن أبي يعقوب قال: رأيت أباالحسن و ابن الخضيب يتسايران و قد قصر أبوالحسن عليه السلام عنه، فقال له ابن الخضيب: سر جعلت فداك.

فقال له أبوالحسن: أنت المقدم، فما لبثنا الا أربعة أيام حتي وضع الدهق [6] علي ساق ابن الخضيب و قتل. [7] .

الثالثه: داره التي ابتاعها من دليل بن يعقوب النصراني. فلم يدر أيضا متي اشتراها و كم سنة سكن فيها، الا ما جاء عن الخطيب البغدادي في تاريخه قال فيه: و فيه توفي علي بن محمد بن علي بسر من رأي في داره التي ابتاعها من دليل بن يعقوب النصراني. [8] .

فبارك الله في هذا البيت حيث صار روضة من رياض الجنة بوجود الامامين الهمامين المظلومين المهظومين الهادي و العسكري عليه السلام رزقنا الله في الدنيا زيارتهم و في الاخرة شفاعتهم آمين يا رب العالمين.

تم هذا المجلد و سيوافيك فقه الامام الهادي و المأثور عنه في الدعاء و الزيارة و تفسيره و أصحابه في مجلد آخر ان شاء الله