بازگشت

تشييع جنازته


1 - الحضينيّ(رحمه الله): حدّثني أبو الحسين بن يحيي الخرقيّ،...وعبد الحميد بن محمّد السراج جميعاً في مجالس شتّي، أنّهم حضروا وقت وفاة أبي الحسن ابن محمّد بن عليّ بن موسي بن جعفر الصادق صلوات الله عليهم، والصلاة بسرّ من رأي، فإنّ السلطان لمّا عرف خبر وفاته، أمر سائر أهل المدينة



[ صفحه 94]



بالركوب إلي جنازته، وأن يحمل إلي دار السلطان حتّي صلّي عليه،....

فلمّا خرج النعش وعليه أبو الحسن، خرج أبو محمّد حافي القدم، مكشوف الرأس، محللّ الأزرار خلف النعش، مشقوق الجيب، مخضلّ اللحية بدموع علي عينيه، يمشي راجلاً خلف النعش، مرّةً عن يمين النعش، ومرّةً عن شمال النعش، ولا يتقدّم النعش إليه.

وخرج جعفر أخوه خلف النعش بدراريع يسحب ذيولها معتمّ محتبك الأزرار، طلق الوجه علي حمارٍ يماني يتقدّم النعش، فلمّا نظر إليه أهل الدولة وكبراء الناس، والشيعة، ورأوا زيّ أبي محمّد وفعله، ترجّل الناس وخلعوا أخفافهم، وكشفوا عمائمهم، ومنهم من شقّ جيبه وحلّل أزراره ولم يمش بالخفاف، ولا الأُمراء، وأولياء السلطان أحد، فاكثروا اللعن والسبّ لجعفرالكذّاب وركوبه وخلافه علي أخيه لمّا تلا النعش إلي دار السلطان سبق بالخبر إليه، فأمر بأن يوضع علي ساحة الدار علي مصطبة عالية كانت علي باب الديوان، وأمر أحمد بن فتيان وهو المعتمد، بالخروج إليه والصلاةعليه،.... [1] .

2 - المسعوديّ(رحمه الله): حدّثنا جماعة كلّ واحد منهم يحكي أنّه دخل الدار، وقداجتمع فيها جملة بني هاشم، من الطالبيّين والعبّاسيّين واجتمع خلق من الشيعة، ولم يكن ظهر عندهم أمر أبي محمّد«عليه السلام»، ولا عرف خبره إلّا الثقات الذين نصّ أبو الحسن«عليه السلام» عندهم عليه، فحكوا أنّهم كانوا في مصيبة وحيرة. فهم في ذلك إذ خرج من الدار الداخلة خادم فصاح بخادم



[ صفحه 95]



آخر: يا ريّاش! خذ هذه الرقعة وامض بها إلي دار أمير المؤمنين وأعطها إلي فلان وقل له: هذه رقعة الحسن بن عليّ. فاستشرف الناس لذلك، ثمّ فتح من صدر الرواق باب، وخرج خادم أسود ثمّ خرج بعده أبو محمّد«عليه السلام»، حاسراً [2] مكشوف الرأس، مشقوق الثياب، وعليه مبطنة بيضاء، وكان وجهه وجه أبيه«عليه السلام»، لا يخطي ء منه شيئاً وكان في الدار أولاد المتوكّل وبعضهم ولاة العهود فلم يبق أحد إلّا قام علي رجله. ووثب إليه أبومحمّد الموفّق [3] فقصده أبو محمّد«عليه السلام» فعانقه ثمّ قال له: مرحباً بابن العمّ. وجلس بين بابي الرواق والناس كلّهم بين يديه، وكانت الدار كالسوق بالأحاديث. فلمّا خرج وجلس أمسك الناس، فما كنّا نسمع شيئاً إلّا العطسة والسعلة [4] وخرجت جارية تندب أبا الحسن«عليه السلام».

فقال أبو محمّد«عليه السلام»: ما هاهنا من يكفي مؤونة هذه الجاهلة؟!

فبادر الشيعة إليها فدخلت الدار ثمّ خرج خادم فوقف بحذاء أبي محمّد«عليه السلام»، فنهض (صلّي الله عليه) وأُخرجت الجنازة وخرج يمشي حتّي أُخرج بها إلي الشارع الذي بإزاء دار موسي بن بقا. وقد كان أبو محمّد«عليه السلام» [صلّي عليه] [5] قَبل أن يخرج إلي الناس وصلّي عليه لمّا أخرج المعتمد، ثمّ دفن في دار من دوره. واشتدّ الحرّ علي أبي محمّد«عليه السلام» وضغطه الناس في طريقه ومنصرفه من الشارع بعد الصلاة عليه. فصار في طريقه



[ صفحه 96]



إلي دكّان بقّال رآه مرشوشاً [6] فسلّم واستأذنه في الجلوس فأذن له وجلس، ووقف الناس حوله. فبينا نحن كذلك، إذ أتاه شابّ حسن الوجه، نظيف الكسوة، علي بغلة شهباء [7] ، علي سرج ببرذون أبيض قد نزل عنه، فسأله أن يركبه، فركب حتّي أتي الدار ونزل، وخرج في تلك العشيّة إلي الناس ما كان يحزم عن أبي الحسن«عليه السلام» حتّي لم يفقدوا منه إلّا الشخص. وتكلّمت الشيعة في شقّ ثيابه وقال بعضهم: هل رأيتم أحداً من الأئمّة شقّ ثوبه في مثل هذه الحال؟

فوقّع إلي من قال ذلك: يا أحمق! ما يدريك ما هذا؟ قد شقّ موسي علي هارون(عليهماالسلام). [8] .


پاورقي

[1] الهداية الكبري: 248، س 15.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 531.

[2] رجل حاسرٌ: لا عمامة علي رأسه. لسان العرب: 4 / 187 (حسر).

[3] في الأنوار البهيّة: أبو أحمد الموفّق.

[4] السُعال: حركة تدفع بها الطبيعة مادّة مؤذية عن الرئة والأعضاء التي تتّصل بها. أقرب الموارد.(سعل).

[5] في المصدر: صلّي الله عليه. وما أثبتناه هو الصحيح بقرينة سائر المصادر.

[6] الرَشّ: المطر القليل. أرض مرشوشة: أصابها الرَشّ. أقرب الموارد: 2 / 382 (رشّ).

[7] الشهْب والشُّهْبة: لونُ بياض يصدعه سواد في خلاله. لسان العرب: 1 / 508 (شهب).

[8] إثبات الوصيّة: 243، س 1. عنه الأنوار البهيّة: 298، س 12، بتفاوت، ومستدرك الوسائل: 2 / 456، ح 2457.

قطعة منه في (إظهار أبي محمّد تأثّره عند شهادة أبيه(عليهماالسلام))، و(مدفنه«عليه السلام»)، و(الصلاة علي جنازته«عليه السلام»)، و(أحوال ابنه أبي محمّد(عليهماالسلام)).