بازگشت

علمه بالوقائع الآتية


1 - أبو عمرو الكشّيّ(رحمه الله):... قال: قال يوسف بن السخت: كان عليّ بن جعفر وكيلاً لأبي الحسن«عليه السلام»... فسعي به إلي المتوكّل فحبسه، فطال حبسه واحتال من قبل عبيد الله بن خاقان بمال ضمنه عنه ثلاثة آلاف دينار، وكلّمه عبيد الله فعرض جامعة علي المتوكّل.

فقال: يا عبيد الله! لو شككت فيك لقلت أنّك رافضيّ، هذا وكيل فلان وأناعلي قتله.

قال: فتأدّي الخبر إلي عليّ بن جعفر، فكتب إلي أبي الحسن«عليه السلام»: ياسيّدي! الله! الله! فيّ فقد والله خفت أن أرتاب.

فوقّع«عليه السلام» في رقعته: أما إذا بلغ بك الأمر ما أري فسأقصد الله فيك.

وكان هذا في ليلة الجمعة، فأصبح المتوكّل محموماً فازدادت علّته حتّي صرخ عليه يوم الاثنين، فأمر بتخلية كلّ محبوس عرض عليه اسمه حتّي ذكر هو عليّ بن جعفر، فقال لعبيد الله: لِمَ لم تعرض عليّ أمره؟



[ صفحه 197]



فقال: لاأعود إلي ذكره أبداً.

قال: خلّ سبيله الساعة، وسله أن يجعلني في حلّ، فخليّ سبيله وصار إلي مكّة بأمر أبي الحسن«عليه السلام»، فجاور بها وبرأ المتوكّل من علّته. [1] .

2 - الراونديّ(رحمه الله): روي عن يحيي بن هرثمة قال: دعاني المتوكّل، فقال: اختر ثلاثمائة رجل ممّن تريد، واخرجوا إلي الكوفة، فخلّفوا أثقالكم فيها، واخرجوا علي طريق البادية إلي المدينة، فأحضروا عليّ بن محمّد بن الرضا(عليهم السلام) إلي عندي مكرماً معظمّاً مبجّلاً.

قال: ففعلت وخرجنا وكان في أصحابي قائد من الشراة، [2] وكان لي كاتب يتشيّع وأنا علي مذهب الحشويّه، [3] وكان ذلك الشاريّ يناظر ذلك الكاتب، وكنت أستريح إلي مناظرتهما لقطع الطريق.

فلمّا صرنا إلي وسط الطريق قال الشاري للكاتب: أليس من قول صاحبكم عليّ بن أبي طالب: «إنّه ليس من الأرض بقعة إلّا وهي قبر، أو ستكون قبراً». فانظر إلي هذه البريّة أين من يموت فيها حتّي يملأها الله قبوراً كما تزعمون؟

قال: فقلت للكاتب: أهذا من قولكم؟



[ صفحه 198]



قال: نعم! قلت: صدق، أين من يموت في هذه البريّة العظيمة حتّي تمتلي ء قبوراً؟ وتضاحكنا ساعةً إذ انخذل الكاتب في أيدينا.

قال: وسرنا حتّي دخلنا المدينة فقصدت باب أبي الحسن عليّ بن محمّد ابن الرضا(عليهم السلام) فدخلت إليه فقرأ كتاب المتوكّل.

فقال: انزلوا وليس من جهتي خلاف.

قال: فلمّا صرت إليه من الغد، وكنّا في تمّوز أشدّ ما يكون من الحرّ، فإذا بين يديه خيّاط، وهو يقطع من ثياب غلاظ خفاتين له ولغلمانه.

ثمّ قال للخيّاط: أجمع عليها جماعة من الخيّاطين، واعمد علي الفراغ منها يومك هذا، وبكّر بها إليّ في هذا الوقت.

ثمّ نظر إليّ وقال: يا يحيي! اقضوا وطركم من المدينة في هذا اليوم، واعمل علي الرحيل غداً في هذا الوقت.

قال: فخرجت من عنده وأنا أتعجّب منه من الخفاتين، وأقول في نفسي: نحن في تمّوز وحرّ الحجاز، وإنّما بيننا وبين العراق مسيرة عشرة أيّام، فمايصنع بهذه الثياب.

ثمّ قلت في نفسي: هذا رجل لم يسافر وهو يقدّر أنّ كلّ سفر يحتاج فيه إلي هذه الثياب، وأتعجّب من الرافضة حيث يقولون بإمامة هذا مع فهمه هذا!

فعدت إليه في الغد في ذلك الوقت، فإذا الثياب قد أُحضرت، فقال لغلمانه: ادخلوا وخذوا لنا معكم لبابيد وبرانس.

ثمّ قال: ارحل يا يحيي! فقلت في نفسي: وهذا أعجب من الأوّل، أيخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق، حتّي أخذ معه اللبابيد والبرانس؟

فخرجت وأنا أستصغر فهمه! فسرنا حتّي وصلنا إلي موضع المناظرة في القبور ارتفعت سحابة، واسودّت، وأرعدت، وأبرقت، حتّي إذا صارت علي



[ صفحه 199]



رؤوسنا أرسلت علينا برداً مثل الصخور، وقد شدّ علي نفسه وعلي غلمانه الخفاتين، ولبسوا اللبابيد، والبرانس.

وقال لغلمانه: ادفعوا إلي يحيي لُبّادةً، وإلي الكاتب برنساً، وتجمعنا والبرد يأخذنا حتّي قتل من أصحابي ثمانين رجلاً، وزالت ورجع الحرّ كما كان.

فقال لي: يا يحيي! أنزل أنت من بقي من أصحابك، ليدفن من [قد]مات من أصحابك. [ثمّ قال]: فهكذا يملأ الله هذه البريّة قبوراً.

قال يحيي: فرميت بنفسي عن دابّتي وعدوت إليه، فقبّلت ركابه ورجله وقلت: أنا أشهد أن لا اله إلّا الله، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّكم خلفاءالله في أرضه، وقد كنت كافراً وإنّني الآن قد أسلمت علي يديك يامولاي!

قال يحيي: وتشيّعت ولزمت خدمته إلي أن مضي. [4] .

3 - ابن شهر آشوب (رحمه الله): المعتمد في الأُصول قال عليّ بن مهزيار: وردت العسكر وأنا شاكّ في الإمامة، فرأيت السلطان قد خرج إلي الصيد في يوم من الربيع إلّا أنّه صائف، والناس عليهم ثياب الصيف، وعلي أبي الحسن«عليه السلام» لبّاد، وعلي فرسه تجفاف لبود، وقد عقد ذنب الفرس،



[ صفحه 200]



والناس يتعجّبون منه، ويقولون: ألا ترون إلي هذا المدنيّ وما قد فعل بنفسه؟

فقلت في نفسي: لو كان هذا إماماً ما فعل هذا؟

فلمّا خرج الناس إلي الصحراء، لم يلبثوا أن ارتفعت سحابة عظيمة هطلت، فلم يبق أحد إلّا ابتلّ حتّي غرق بالمطر، وعاد«عليه السلام» وهو سالم من جميعه.

فقلت في نفسي: يوشك أن يكون هو الإمام، ثمّ قلت: أُريد أن أسأله عن الجنب إذا عرق في الثوب.

فقلت في نفسي: إن كشف وجهه فهو الإمام، فلمّا قرب منّي كشف وجهه. ثمّ قال: إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام، لايجوز الصلاة فيه وإن كانت جنابته من حلال، فلا بأس، فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة. [5] .

4 - ابن شهر آشوب (رحمه الله): وجّه المتوكّل عتاب بن أبي عتاب إلي المدينة يحمل عليّ بن محمّد(عليهماالسلام) إلي سرّ من رأي، وكان الشيعة يتحدّثون أنّه يعلم الغيب، فكان في نفس عتاب من هذا شي ء.

فلمّا فصل من المدينة رآه وقد لبس لبّادة والسماء صاحية، فما كان أسرع من أن تغيّمت وأمطرت.

وقال عتاب: هذا واحد! ثمّ لمّا وافي شطّ القاطول [6] رآه مقلق القلب.



[ صفحه 201]



فقال له: مالك يا أبا أحمد؟

فقال: قلبي مقلق بحوايج التمستها من أمير المؤمنين.

قال له: فإنّ حوائجك قد قضيت، فما كان بأسرع من أن جاءته البشارات بقضاء حوائجه.

قال: الناس يقولون إنّك تعلم الغيب وقد تبيّنت من ذلك خلّتين. [7] .

5 - ابن حمزة الطوسيّ(رحمه الله): عن الطيّب بن محمّد بن الحسن بن شمّون قال: ركب المتوكّل ذات يوم وخلفه الناس، وركب آل أبي طالب إلي أبي الحسن«عليه السلام» ليركبوا بركوبه، فخرج في يوم صائف شديد الحرّ والسماء صافية، ما فيها غيم، وهو«عليه السلام» معقود ذنب الدابّة بسرج جلود طويل، وعليه ممطر وبرنس.

فقال زيد بن موسي بن جعفر لجماعة آل أبي طالب: انظروا إلي هذا الرجل يخرج مثل هذا اليوم، كأنّه وسط الشتاء.

قال: فساروا جميعاً، فما جاوزوا الجسر ولا خرجوا عنه حتّي تغيّمت السماء وأرخت عزاليها [8] كأفواه القرب، وابتلّت ثياب الناس فدنا منه زيد ابن موسي بن جعفر، وقال: يا سيّدي! أنت قد علمت أنّ السماء قد تمطر فهلاّ أعلمتنا فقد هلكنا وعطبنا. [9] .



[ صفحه 202]



6 - الإربليّ(رحمه الله): محمّد بن الفضل البغداديّ قال: كتبت إلي أبي الحسن: إنّ لنا حانوتين [10] خلّفهما لنا والدنا(رضي الله عنه)، وأردنا بيعهما وقد عسر علينا ذلك؛ فادع الله لنا يا سيّدنا أن يتيسّر الله لنا بيعهما باصلاح الثمن، ويجعل لنا في ذلك الخيرة.

فلم يجب فيهما بشي ء؛ وانصرفنا إلي بغداد والحانوتان قد احترقا. [11] .

7 - البحرانيّ(رحمه الله): حدّث أبو الفتح غازي بن محمّد الطرائفيّ بدمشق سلخ شعبان سنة تسع وتسعين وثلاثمائة قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن عبدالله الميموني قال: حدّثني أبو الحسين محمّد بن عليّ بن معمّر قال: حدّثني عليّ بن يقطين بن موسي الأهوازيّ قال: كنت رجلاً أذهب مذاهب المعتزلة، وكان يبلغني من أمر أبي الحسن عليّ بن محمّد(عليهماالسلام) ما أستهزي ء به ولا أقبله، فدعتني الحال إلي دخولي بسرّ من رأي للقاء السلطان فدخلتها.

فلمّا كان يوم وعد السلطان للناس أن يركبوا الميدان، فلمّا كان من الغد ركب الناس في غلائل [12] القصب، بأيديهم المراوح، وركب أبو الحسن صلوات الله عليه علي زيّ الشتاء، وعليه لُبّادة وبرنس، و[علي] سرجه بخناق [13] طويل، وقد عقد ذنب دابّته، والناس يهزؤن به وهو يقول:



[ صفحه 203]



(إِنَ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ). [14] .

فلمّا توسّطوا الصحراء وجاءوا بين الحائطين ارتفعت سحابة وأرخت السماء عزاليها [15] ، وخاضت الدوابّ إلي ركبها في الطين ولوّثتهم أذنابها، فرجعوا في أقبح زيّ ورجع أبو الحسن صلوات الله عليه في أحسن زيّ، ولم يصبه شي ء ممّا أصابهم. فقلت: إن كان الله عزّ وجلّ اطّلعه علي هذا السرّ فهو حجّة، (وجعلت في نفسي أن أسأله عن عرق الجنب وقلت: إن هو أخذ البرنس عن رأسه وجعله علي قربوس سرجه ثلاثاً، فهو حجّة). ثمّ إنّه لحي إلي بعض الشعاب، فلمّا قرب نحّي البرنس وجعله علي قربوس سرجه ثلاث مرّات، ثمّ التفت إليّ وقال: إن كان من حلال فالصلاة في الثوب حلال، وإن كان من حرام فالصلاة في الثوب حرام، فصدّقته وقلت بفضله ولزمته«عليه السلام». فلمّا أردت الانصراف جئت لوداعه، فقلت: زوّدني بدعوات، فدفع إليّ هذا الدعاء وأوّله «اللهمّ! إنّي أسألك وجلاً من انتقامك، حذراً من عقابك» والدعاء طويل. [16]



[ صفحه 204]




پاورقي

[1] رجال الكشّيّ: 606، رقم 1129.

يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 907.

[2] الشُراة: الخوارج، سمّوا بذلك لأنّهم غضبوا ولجّوا، وأمّا هم فقالوا: نحن الشراة لقوله عزّوجلّ: «ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله». لسان العرب: 14 / 429 (شري).

[3] الحَشَويّة والحَشْوية: طائفة من أصحاب الحديث تمسكّوا بالظواهر، ويذهب الحشويّة إلي أنّ طريق معرفة الحقّ هو التقليد، فهم يمنعون من تأويل الآيات في الصفات ويقولون بالجمود علي الظواهر. معجم الفرق الإسلاميّة: 97 و98.

[4] الخرائج والجرائح: 1 / 393، ح 2.

عنه إثبات الهداة: 3 / 372، ح 38، والبحار: 50 / 142، ح 27.

الثاقب في المناقب: 551، ح 494. عنه وعن الخرائج، مدينة المعاجز: 7 / 466، ح 2471.

كشف الغمّة: 2 / 390، س 11.

كتاب ألقاب الرسول وعترته(عليهم السلام) ضمن المجموعة النفيسة: 230، س 2.

الصراط المستقيم: 2 / 202، ح 2.

قطعة منه في: (غلمانه«عليه السلام») و(تهيئة اللباس لغلمانه«عليه السلام») و(تقبيل الناس رجله وركابه«عليه السلام»)، (خادمه«عليه السلام») و(أحواله«عليه السلام» مع المتوكّل) و(إخباره«عليه السلام» بما في الضمائر).

[5] المناقب: 4 / 413، س 21. عنه مدينة المعاجز: 7 / 498، ح 2490، والبحار: 50 / 173، ضمن ح 53، و 77 / 117 ح 5.

قطعة منه في: (إخباره«عليه السلام» بما في الضمائر) و(لباسه«عليه السلام») و(مركبه«عليه السلام»)، و(حكم عرق الجنابة) و(الصلاة في الثوب الذي فيه عرق الجنب من الحرام).

[6] في المصدر: القاطون، والصحيح: القاطول كما في بقيّة المصادر، وهو اسم نهر كأنّه مقطوع من دجلة. وهو نهرٌ كان في موضع سامرّا قبل أن تعمّر. معجم البلدان: 4 / 297.

[7] المناقب: 4 / 413، س 14. عنه البحار: 50 / 173، ضمن ح 53.

ومدينة المعاجز: 7 / 505، ح 2498، وإثبات الهداة: 3 / 387، ح 88.

إثبات الوصيّة: 234، س 16.

قطعة منه في: (إخباره«عليه السلام» بالوقائع العامّة) و(لباسه«عليه السلام») و(أحواله«عليه السلام» مع المتوكّل).

[8] أنزلت السماء عزاليها: إشارة إلي شدّة وقع المطر. أقرب الموارد: 3 / 541 (عزل).

[9] الثاقب في المناقب: 540، ح 481. عنه مدينة المعاجز: 7 / 499، ح 2491.

قطعة منه في: (أحوال عمّ أبيه«عليه السلام» زيد بن موسي بن جعفر) و(مركبه«عليه السلام») و(لباسه«عليه السلام») و(أحواله«عليه السلام» مع المتوكّل).

[10] الحانوت: الدكّان. المنجد: 157 (حنت).

[11] كشف الغمّة: 2 / 385، س 15.

عنه إثبات الهداة: 3 / 381، ح 54، والبحار: 50 / 176، ضمن ح 55.

[12] والغلائل: الدروع، وقيل: بطائن تلبس تحت الدروع، وقيل: هي مَسامير الدروع التي تجمع بين رؤوس الحَلَق لأنّها تغلّ فيها أي تدخل، واحدتها غليلة. لسان العرب: 11 / 502 (غلل).

[13] البُخْنُق: بُرقع يغشّي العنق والصدر، والبرنص الصغير يُسمّي بخنقاً. لسان العرب (بخنق).

[14] هود: 11 / 81.

[15] العزلا: مصبّ الماء من القربة ونحوها. المنجد: 504. (العزلا).

[16] مدينة المعاجز: 7 / 496، ح 2489.

البحار: 50 / 187، ح 65، عن الكتاب العتيق للغروي، و 87 / 142، س 6، عن كتاب مجموع الدعوات للتلعكبري.

قطعة منه في (إخباره«عليه السلام» بما في الضمائر) و(لباسه«عليه السلام») (مركبه«عليه السلام») و(حكم الصلاة في الثوب الذي أصابه عرق الجنابة) و(سورة هود: 11 / 81) و(تعليمه«عليه السلام» الدعاء لعليّ بن يقطين بن موسي الأهوازيّ).