بازگشت

تكلمه مع الفرس


1 - الراونديّ(رحمه الله): إنّ أحمد بن هارون قال: كنت جالساً أُعلّم غلاماً من غلمانه في فازة داره، - فيها بستان - إذ دخل علينا أبوالحسن«عليه السلام» راكباً علي فرس له، فقمنا إليه فسبقنا فنزل قبل أن ندنو منه، فأخذ بعنان فرسه بيد فعلّقه في طنب من أطناب الفازة، ثمّ دخل وجلس معنا، فأقبل عليّ فقال«عليه السلام»: متي رأيك تنصرف إلي المدينة؟ فقلت: الليلة.



[ صفحه 283]



قال: فأكتب إذا كتاباً معك توصله إلي فلان التاجر؟ قلت: نعم!

قال: يا غلام! هات الدواة والقرطاس. فخرج الغلام ليأتي بهما من دار أخري، فلمّا غاب الغلام صهل الفرس، وضرب بذنبه.

فقال له بالفارسيّة: ما هذا القلق؟ فصهل الثانية فضرب بذنبه.

فقال [له] - بالفارسيّة -: لي حاجة أُريد أن أكتب كتاباً إلي المدينة، فاصبر حتّي أفرغ. فصهل الثالثة وضرب بيديه، فقال له - بالفارسيّة -: إقلع فامض إلي ناحية البستان، وبُل هناك، ورثّ، وارجع فقف هناك مكانك.

فرفع الفرس رأسه، وأخرج العنان من موضعه، ثمّ مضي إلي ناحية البستان، حتّي لا نراه في ظهر الفازة، فبال، وراث، وعاد إلي مكانه.

فدخلني من ذلك ما الله به عليم، ووسوس الشيطان في قلبي، فأقبل إليّ فقال: يا أحمد! لا يعظم عليك ما رأيت إنّ ما أعطي الله محمّداً وآل محمّد أكثر ممّا أعطي داود وآل داود.

قلت: صدق ابن رسول الله(صلي الله عليه و آله وسلم) فما قال لك وما قلت له فما فهمته؟

فقال: قال لي الفرس: قم فاركب إلي البيت حتّي تفرغ عنّي.

قلت: ما هذا القلق؟ قال: قد تعبت.

فقلت: لي حاجة أُريد أن أكتب كتاباً إلي المدينة، فإذا فرغت ركبتك. قال: إنّي أُريد أن أروث، وأبول، وأكره أن أفعل ذلك بين يديك. فقلت له: اذهب إلي ناحية البستان فافعل ما أردت، ثمّ عد إلي مكانك؛ ففعل الذي رأيت.

ثمّ أقبل الغلام بالدواة، والقرطاس، - وقد غابت الشمس - فوضعها بين يديه، فأخذ الكتابة حتّي أظلم [الليل] فيما بيني وبينه، فلم أر الكتاب، وظننت أنّه قد أصابه الذي أصابني، فقلت للغلام: قم فهات بشمعة من



[ صفحه 284]



الدار حتّي يبصر مولاك كيف يكتب؛ فمضي، فقال للغلام: ليس لي إلي ذلك حاجة.

ثمّ كتب كتاباً طويلاً إلي أن غاب الشفق ثمّ قطعه؛ فقال للغلام: أصلحه، فأخذ الغلام الكتاب وخرج من الفازة ليصلحه، ثمّ عاد إليه وناوله ليختمه، فختمه من غير أن ينظر الخاتم مقلوباً، أو غير مقلوب، فناولني [الكتاب] فأخذت فقمت لأذهب فعرض في قلبي - قبل أن أخرج من الفازة - أُصلّي قبل أن آتي المدينة.

قال: يا أحمد! صلّ المغرب، والعشاء الآخرة في مسجد الرسول(صلي الله عليه و آله وسلم)، ثمّ اطلب الرجل في الروضة، فإنّك توافيه إن شاء الله.

قال: فخرجت مبادراً فأتيت المسجد، وقد نودي للعشاء الآخرة، فصلّيت المغرب، ثمّ صلّيت معهم العتمة، وطلبت الرجل حيث أمرني فوجدته فأعطيته الكتاب، فأخذه ففضّه ليقرأه فلم يتبيّن قراءة في ذلك الوقت.

فدعا بسراج فأخذته فقرأته عليه في السراج في المسجد فإذا خطّ مستوٍ، ليس حرف ملتصقاً بحرف، وإذا الخاتم مستوٍ ليس بمقلوب.

فقال لي الرجل: عد إليّ غداً حتّي أكتب جواب الكتاب.

فغدوت فكتب الجواب، فمضيت به إليه.

فقال: أليس قد وجدت الرجل حيث قلت لك؟

فقلت: نعم! قال: أحسنت. [1] .



[ صفحه 285]




پاورقي

[1] الخرائج والجرائح: 1 / 408، ح 14.

عنه مدينة المعاجز: 7 / 480، ح 2478، وإثبات الهداة: 3 / 376، ح 44، والبحار: 50 / 153، ح 40.

الصراط المستقيم: 2 / 204، ح 12، قطعة منه.

قطعة منه في (كتابته«عليه السلام» في ظلمة الليل) و(إخباره«عليه السلام» بما في الضمائر) و(إخباره«عليه السلام» بالوقائع الآتية) و(داره«عليه السلام») و(مركبه«عليه السلام») و(غلمانه«عليه السلام») و(معلّم غلمانه«عليه السلام») و(جلوسه«عليه السلام» مع غلمانه) و(ما أعطي الله محمّداً(صلي الله عليه وآله وسلم) أكثر ممّا أعطي داود«عليه السلام») و(فضل آل محمّد(عليهم السلام) علي آل داود«عليه السلام») و(كتابه«عليه السلام» إلي تاجر بالمدينة).