بازگشت

اراءة الأشجار والأنهار في صحراء قفر


1 - الراونديّ(رحمه الله): روي أبو محمّد البصريّ، عن أبي العبّاس خال شبل كاتب إبراهيم بن محمّد قال: كنّا أجرينا ذكر أبي الحسن«عليه السلام» فقال لي: ياأبامحمّد! لم أكن في شي ء من هذا الأمر وكنت أعيب علي أخي، وعلي أهل هذا القول عيباً شديداً بالذمّ، والشتم إلي أن كنت في الوفد الذين أوفد المتوكّل إلي المدينة في إحضار أبي الحسن«عليه السلام»، فخرجنا إلي المدينة.

فلمّا خرج وصرنا في بعض الطريق طوينا المنزل، وكان يوماً صائفاً شديد الحرّ، فسألناه أن ينزل.

قال: لا! فخرجنا ولم نطعم ولم نشرب.

فلمّا اشتدّ الحرّ والجوع والعطش فينا، ونحن إذ ذاك في [أرض] ملساء [1] لا نري شيئاً ولا ظلّ، ولا ماء نستريح إليه، فجعلنا نشخص بأبصارنا نحوه.

فقال«عليه السلام»: ما لكم أحسبكم جياعاً وقد عطشتم؟ فقلنا إي والله، وقد عيينا يا سيّدنا!

قال: عرّسوا [2] ! وكلوا، واشربوا! فتعجّبت من قوله، ونحن في صحراء



[ صفحه 301]



ملساء، لا نري فيها شيئاً نستريح إليه، ولا نري ماءاً ولا ظلّاً.

قال: ما لكم عرّسوا، فابتدرت إلي القطار لأنيخ، ثمّ التفتّ، إذا أنا بشجرتين عظيمتين يستظلّ تحتهما عالَم من الناس، وإنّي لأعرف موضعهما، إنّه أرض براح [3] قفر، وإذا [أنا] بعين تسيح علي وجه الأرض أعذب ماء وأبرده.

فنزلنا، وأكلنا، وشربنا، واسترحنا، وأنّ فينا من سلك ذلك الطريق مراراً، فوقع في قلبي ذلك الوقت أعاجيب، وجعلت أحدّ النظر إليه وأتأمّله طويلاً، وإذا نظرت إليه تبسّم وزوي وجهه عنّي.

فقلت في نفسي: والله لأعرفنّ هذا كيف هو، فأتيت من وراء الشجرة فدفنت سيفي، ووضعت عليه حجرين، وتغوّطت في ذلك الموضع، وتهيّأت للصلاة.

فقال أبوالحسن: استرحتم؟ قلنا: نعم!

قال: فارتحلوا علي اسم الله. فارتحلنا، فلمّا أن سرنا ساعة رجعت علي الأثر، فأتيت الموضع، فوجدت الأثر والسيف كما وضعت والعلامة، وكأنّ الله لم يخلق [ثَمّ] شجرة، ولا ماء [وظلالاً] ولا بللاً، فتعجّبت [من ذلك]، ورفعت يدي إلي السماء، فسألت الله بالثبات علي المحبّة والإيمان به، والمعرفة منه، وأخذت الأثر ولحقت القوم، فالتفت إليّ أبوالحسن«عليه السلام»، وقال: يا أبا العبّاس! فعلتها؟

قلت: نعم، يا سيّدي! لقد كنت شاكّاً ولقد أصبحت، وأنا عند نفسي من أغني الناس بك في الدنيا والآخرة.



[ صفحه 302]



فقال: هو كذلك، هم معدودون معلومون لا يزيد رجل ولا ينقص [رجل]. [4] .

2 - ابن حمزة الطوسيّ(رحمه الله): عن يحيي بن هرثمة قال: أنا صحبت أباالحسن«عليه السلام» من المدينة إلي سرّ من رأي في خلافة المتوكّل، فلمّا صرنا ببعض الطريق عطشنا عطشاً شديداً فتكلّمنا، وتكلّم الناس في ذلك.

فقال أبوالحسن«عليه السلام»: ألآن نصير إلي ماء عذب فنشربه؛ فما سرنا إلّا قليلاً حتّي صرنا إلي تحت شجرة ينبع منها ماء عذب بارد، فنزلنا عليه وارتوينا وحملنا معنا وارتحلنا، وكنت علّقت سيفي علي الشجرة فنسيته.

فلمّا صرت غير بعيد في بعض الطريق ذكّرته، فقلت لغلامي: ارجع حتّي تأتيني بالسيف، فمرّ الغلام ركضاً فوجد السيف وحمله ورجع متحيّراً، فسألته عن ذلك؟

فقال لي: إنّي رجعت إلي الشجرة، فوجدت السيف معلّقاً عليها، ولإ؛»، ع ًًًًًًًًظف عين ولا ماء ولا شجر، فعرفت الخبر، فصرت إلي أبي الحسن«عليه السلام» فأخبرته بذلك.

فقال: احلف أن لا تذكر ذلك لأحد، فقلت: نعم!. [5] .



[ صفحه 303]




پاورقي

[1] ملساء: لا نبات فيها. المنجد: 773، (ملس).

[2] عرّس القوم: نزلوا من السفر للإستراحة. المنجد: 496، (عرّس).

[3] البراح، بالفتح: المتّسع من الأرض، لا زرع فيه ولا شجر. لسان العرب: 2 / 409 (برح).

[4] الخرائج والجرائح: 1 / 415، ح 20. عنه مدينة المعاجز: 7 / 486، ح 2481، وإثبات الهداة: 3 / 378، ح 47، والبحار: 50 / 156، ح 45.

الصراط المستقيم: 2 / 205، ح 16، باختصار.

إثبات الوصيّة: 233، س 24، بتفاوت. عنه إثبات الهداة: 3 / 387، ح 89.

قطعة منه في: (ضحكه«عليه السلام» التبسّم) و(أحواله«عليه السلام» مع المتوكّل) و(موعظته«عليه السلام» في الإبتداء ببسم الله الرحمن الرحيم).

[5] الثاقب في المناقب: 531، ح 466.

مدينة المعاجز: 7 / 492، ح 2484.

الظاهر اتّحاد القضيّة في الروايتين، فأفردناهما بالذكر تبعاً لبعض المؤلّفين.

قطعة منه في: (الأمر بكتمان معجزاته(عليهم السلام)).