بازگشت

معجزته في انتباه شارب الخمر


1 - الحضينيّ(رحمه الله): عن محمّد بن إبراهيم الكوفيّ قال: حدّثني أحمد بن الخصيب بسامرّا وقد سألته عن لعن أبي الحسن«عليه السلام» لفارس بن حاتم بن ماهويه؟

وكان السبب فيه أنّ المتوكّل بعث في يوم دجن [1] والسحاب يلقي رذاذاً [2] وكان في وقت الربيع من الزمان، وقد أمر المتوكّل فزخرفت داره، وأظهر فيها من الجوهر وألوان الطيب، وأفضل ممّا كان يظهر، وأظهر القينات والمغنّين في ألوان التزيين، ووقفوا صفوفاً والملاهي علي صدورهم، وجلس علي السرير ولبس البردة، وجعل التاج علي رأسه، وأنفذ رسلاً إلي



[ صفحه 313]



أبي الحسن«عليه السلام» ودخل معه فارس بن ماهويه، وفي يد المتوكّل كأس مملوء خمراً.

فلمّا انتهي أبو الحسن«عليه السلام» إلي داره في المدينة، فعلي له رتبة وتطاول إليه، ودعا بسفرة فجعلت مع جانبه وأقبل عليه، وقال: يا ابن العمّ ما تري إلي هذه الدنيا وحسن هذا اليوم، واستشعارنا فيه والسرور بك؟

فقال: لله وهو غير باش به، وقال: إنّ سروري أتاني بما أطعتني فيه، رفعت منزلتك وأطعتك فيما تحبّ، وأفضلت علي أهل بيتك ومواليك، وكنت لك كنفسك، وإن خالفتني فيه حملتني علي قطع الرحم بيني وبينك، ومعصيةالله فيك، وقصد أهل ومواليك بما لا تحبّه، فاختر أيّ الحالتين شئت، وأرجوا أن لاتخالفني؛ ثمّ حلف له بغليظ الأيمان المؤكّدة لينفي له ما سمعه منه.

فقال أبو الحسن«عليه السلام»: هذه تباشير خير، سنة شرّ لا خير فيه، فقال: الله الكافي.

فقال المتوكّل للمغنّين: غنّوا واضربوا بالملاهي، وغنّوا وشربوا، وشرب المتوكّل، فقال للخادم: هاته في كأس خمر وادفعه إليه، وأقبل المتوكّل علي أبي الحسن«عليه السلام» وقال: قد سمعت مأمون الأيمان وأنا بها أسألك أن تشرب هذا الكأس.

فقال له أبو الحسن: أستغفر الله من الشيطان الرجيم، فأخاف الله وأخشاه، فإنّي لا أبدّل طاعتك في معصية الله.

فضحك المتوكّل وقال للخادم: هلّمه واسق فارس بن ماهويه، فأخذ فارس الكأس فشربه وخرج مع أبي الحسن.

فقال المتوكّل: لا يسير ابن عمّي في هذا المطر إلّا راكباً؛ فقدّموا إليه



[ صفحه 314]



الطيّارة ليفعلوا ذلك، فجلس«عليه السلام» ومعه فارس، فلمّا سار الطيّار كشف أبوالحسن أستاره وأمر فارس فعل مثل ذلك.

فقال له: يا فارس ورأسه مدلي علي الماء، فانظر إلي الكأس الذي شربته أنا، ثمّ مجّه من فيه في الماء، فإذا هو يجري مع الطيّار لا يختلط بالماء ولاينقطع.

فقال له: خذه يا فارس بيدك واشتمّه وذقه، فمدّ فارس يده وأخذه من الماء واشتمّه وذاقه، فوجده عسلاً ومسكاً!

فقال له: خلّه من يدك، فخلّاه فقال له: مجّ مع الماء ما شربت أنت، فمجّ فارس في الماء فسار مع الطيّار ولم ينقطع ولم يختلط بالماء.

فقال: خذ بيدك واشتمّه، فأخذه بيده واشتمّه.

فقال له: ما هو؟

قال: يا مولاي! خمراً.

قال«عليه السلام» له: ويحك يا فارس! حين لم تستأذننا بلسانك، ولا بطرفك ماتناجينا بقلبك، فيعصمه منه كما عصمت أنا، فكان هذا أوّل ما أنكره علي فارس. [3] .


پاورقي

[1] الدجنة من الغيم: المطّبق تطبيقاً، الريّان المظلم الذي لا مطر فيه. مجمع البحرين: 6 / 245 (دجن).

[2] الرذاذ: المطر الضعيف. مجمع البحرين: 3 / 181، (رذذ).

[3] الهداية الكبري: 317، س 9.

قطعة منه في: (إستغفاره«عليه السلام») و(أحواله«عليه السلام» مع المتوكّل) و(ذمّ فارس بن ماهويه).