بازگشت

قضاؤه حوائج الناس


1 - ابن الصبّاغ: إنّ أبا الحسن [«عليه السلام»] كان قد خرج يوماً من سرّ من رأي إلي قرية له لمهمّ عرض له، فجاء رجل من بعض الأعراب يطلبه في داره فلم يجده، وقيل له: إنّه ذهب إلي الموضع الفلاني، فقصده إلي موضعه، فلمّا وصل إليه قال«عليه السلام» له: ما حاجتك؟

فقال له: أنا رجل من أعراب الكوفة المستمسكين بولاء جدّك أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب«عليه السلام»، وقد ركبتني ديون فادحة أثقل ظهري حملها، ولم أر من اقصده لقضائها سواك.

فقال له أبو الحسن«عليه السلام»: كم دينك؟ فقال: نحو العشرة آلاف درهم.

فقال: طب نفساً، وقرّ عيناً، يقضي دينك إن شاءالله تعالي.

ثمّ أنزله، فلمّا أصبح قال له: يا أخا العرب! أُريد منك حاجة لاتعصيني [1] فيها، ولا تخالفني والله والله! فيما آمرك به، وحاجتك تقضي إن شاء الله تعالي.

فقال الأعرابي: لا أُخالفك في شي ء ممّا تأمرني به، فأخذ أبو الحسن ورقة، وكتب فيها بخطّه ديناً عليه للأعرابي بالمذكور.

وقال: خذ هذا الخطّ معك، فإذا حضرت سرّ من رأي، فتراني أجلس مجلساً عامّاً، فإذا حضر الناس واحتفل المجلس، فتعال إليّ بالخطّ وطالبني،



[ صفحه 429]



واغلظ عليّ في القول، ولا عليك والله والله! أن تخالفني في شي ء ممّا أُوصيك به.

فلمّا وصل أبو الحسن«عليه السلام» إلي سرّ من رأي جلس مجلساً عامّاً، وحضر عنده جماعة من وجوه الناس، وأصحاب الخليفة المتوكّل، وأعيان البلد وغيرهم، فجاء ذلك الأعرابي، وأخرج الخطّ، وطالبه بالمبلغ المذكور، وأغلظ عليه في الكلام.

فجعل أبو الحسن يعتذر إليه ويطيب نفسه بالقول، ويعده بالخلاص عن قريب، وكذلك الحاضرون، طلب منه المهلة ثلاثة أيّام.

فلمّا انفكّ المجلس نقل ذلك الكلام إلي الخليفة المتوكّل، فأمر لأبي الحسن«عليه السلام» علي الفور بثلاثين ألف درهم، فلمّا حملت إليه تركها إلي أن جاء الأعرابي.

فقال«عليه السلام» له: خذ هذا المال، فاقض منه دينك، واستعن بالباقي علي وقتك، والقيام علي عايلتك.

فقال الأعرابي: يا ابن رسول الله! والله! إنّ في العشرة آلاف بلوغ مطلبي، ونهاية إربي [2] ، وكفاية لي.

فقال أبو الحسن: والله! لتأخذنّ ذلك جميعه، وهو رزقك الذي ساقه الله إليك، ولو كان أكثر من ذلك ما نقصناه.

فأخذ الأعرابي الثلاثين ألف درهم، وانصرف وهو يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته. [3] .



[ صفحه 430]




پاورقي

[1] في المصدر: لاتعصاني.

[2] الإرب: الحاجة. أقرب الموارد: 1 / 49 (أرب).

[3] الفصول المهمّة: 278، س 7.

عنه إحقاق الحقّ: 12 / 446، س 16، و447، س 21، عن مطالب السؤول. عنه وعن مطالب السؤول، حلية الأبرار: 5 / 41، ضمن ح 1.

كشف الغمّة: 2 / 374، س 17.

عنه الأنوار البهيّة: 283، س 16، والبحار: 50 / 175، ح 55.

مناقب أهل البيت(عليهم السلام): 289، س 1، باختصار.

نور الأبصار: 334، س 19.

ينابيع المودّة: 3 / 128، س 6، قطعة منه.

إحقاق الحقّ: 19 / 605، س 13، عن كتاب الإتحاف بحبّ الأشراف.

الصواعق المحرقة: 207، س 2.

عنه إحقاق الحقّ: 19 / 612، س 9.

قطعة منه في (يمينه«عليه السلام»)، (كان له«عليه السلام» قرية)، و(أحواله«عليه السلام» مع المتوكّل)، و(كتابه«عليه السلام» في دين الأعرابي).