بازگشت

احواله مع خلفاء زمانه


وفيه ستّة موضوعات

كانت لأئمّة أهل البيت(عليهم السلام) أدوار متعدّدة ومختلفة تجاه السلطات السياسيّة الحاكمة في أزمنتهم، حتّي تكاد أنشطتهم ومواقفهم تبدو للمتتبّع في وهلتها الأولي، وكأنّها متضادّة، ففي الوقت الذي نري الإمام الحسين«عليه السلام» يقاتل أئمّة الظلم حتّي الرمق الأخير من حياته المباركة، نجد الإمام الحسن«عليه السلام» قبله يهادن معاوية، ويبرم معه وثيقة الصلح المعروفة، فيما نجد الإمام الرابع زين العابدين«عليه السلام» يلوذ بمدرسته القيّمة مدرسة الدعاء لتربية الناس وإعدادهم روحيّاً عبر هذه الوسيلة، وأنشطة تربويّة أُخري بعيدة عن الأضواء.

وأمّا الإمام الباقر«عليه السلام» ومن بعد الإمام الصادق«عليه السلام» فقد راحا يؤسسّان لمشروع علميّ إنتهي بإيجاد الجامعيّة الإسلاميّة الكبري في مسجد الكوفة، التي تضمّ بين جدرانها طلّاباً تجاوز عددهم أربعة آلاف طالب، كلّ منهم يقول: حدّثني جعفر الصادق«عليه السلام»، وهكذا بقيّة الأئمّة(عليهم السلام)، فنجد أحدهم يقبل ولاية العهد فيما يرفض الآخر الخلافة التي عرضت عليه، إذن فهذه المواقف تستدعي من الباحث القدير أن يقف عندها، ويدرس ظروفها دراسة موضوعيّة، وعندئذ سيخرج حتماً بنتيجة أنّ لأئمّة أهل البيت(عليهم السلام)



[ صفحه 452]



هدفاً واحداً اختلفت وسائله، وتعدّدت آلياته، وبالتالي فلا تضادّ بين مواقفهم، وهي بعيدة عن التناقض لأنّها انطلقت من الواقع السياسيّ والإجتماعيّ الذي يعيشه كلّ إمام في عصره، بغية تحقيق مصلحة الإسلام العليا.

والإمام الهادي«عليه السلام» الذي عاصر ستّة من الخلفاء العبّاسييّن وهم: المعتصم، والواثق، والمتوكّل، والمنتصر، والمستعين، والمعتزّ [1] ، كان واحداً من أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، الذين تعرّضوا لواقع سياسيّ واجتماعيّ مرير، واضطهاد أزلام السلطة ومضايقاتهم، ومع هذا كلّه فقد سجّل دوراً مهمّاً عبر مواقفه التي اتّسمت بالحزم والحكمة، وعبر أنشطته العلميّة التي كان هدفها تقويض الآراء والأفكار المنحرفة، التي اتّسعت رقعتها في عهده، وترسيخ الاعتقادات الصحيحة، والدفاع عنها، وهو مانراه فيما أوردناه هنا.


پاورقي

[1] الفصول المهمّة: 283، س 11.