بازگشت

صفات الله و أسماؤه عزوجل


1 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله): الحسين بن محمّد، عن معلّي بن محمّد [1] قال: سئل العالم(عليه السلام) كيف علم الله؟

قال(عليه السلام): علم وشاء وأراد وقدّر وقضي وأمضي، فأمضي ما قضي، وقضي ماقدّر، وقدّر ما أراد، فبعلمه كانت المشيئة، وبمشيئته كانت الإرادة، وبإرادته كان التقدير، وبتقديره كان القضاء، وبقضائه كان الإمضاء، والعلم



[ صفحه 9]



متقدّم علي المشيئة، والمشيئة ثانية، والإرادة ثالثة، والتقدير واقع علي القضاء بالإمضاء.

فلله تبارك وتعالي البداء فيما علم متي شاء، وفيما أراد لتقدير الأشياء، فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء، فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشيئة في المنشأ قبل عينه، والإرادة في المراد قبل قيامه، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عياناً ووقتاً.

والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات، ذوات الأجسام المدركات بالحواسّ، من ذوي لون وريح، ووزن وكيل، وما دَبّ ودرج من إنس وجنّ، وطير وسباع، وغير ذلك مما يدرك بالحواسّ.

فلله تبارك وتعالي فيه البداء ممّا لا عين له، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلابداء، والله يفعل ما يشاء.

فبالعلم علم الأشياء قبل كونها، وبالمشيئة عرف صفاتها وحدودها، وأنشأها قبل إظهارها، وبالإرادة ميّز أنفسها في ألوانها وصفاتها، وبالتقدير قدّر أقواتها وعرف أوّلها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس أماكنها، ودلّهم عليها وبالإمضاء شرح عللها، وأبان أمرها، وذلك تقدير العزيز العليم.

[2] .

2 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... أحمد بن إسحاق قال: كتبت إلي أبي الحسن الثالث(عليه السلام): أسأله عن الرؤية، وما اختلف فيه الناس.



[ صفحه 10]



فكتب(عليه السلام): لا تجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائيّ والمرئيّ هواء [لم] ينفذه البصر، فإذا انقطع الهواء عن الرائيّ والمرئيّ لم تصحّ الرؤية، وكان في ذلك الإشتباه، لأنّ الرائي متي ساوي المرئيّ في السبب الموجب بينهما في الرؤية، وجب الإشتباه، وكان ذلك التشبيه، لأنّ الأسباب لابدّ من اتّصالها بالمسبّبات. [3] .

3 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... بشر بن بشّار النيسابوريّ قال: كتبت إلي الرجل(عليه السلام): إنّ من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد، فمنهم من يقول: (هو) جسم، ومنهم من يقول: (هو) صورة.

فكتب(عليه السلام) إليّ: سبحان من لا يحدّ ولا يوصف، ولا يشبهه شي ء، وليس كمثله شي ء وهو السميع البصير. [4] .

4 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... حمزة بن محمّد قال: كتبت إلي أبي الحسن(عليه السلام) أسأله عن الجسم والصورة.

فكتب(عليه السلام): سبحان من ليس كمثله شي ء، لا جسم، ولا صورة. [5] .

5 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... محمّد بن عيسي قال: كتبت إلي أبي الحسن عليّ بن محمّد(عليها السلام): جعلني الله فداك يا سيّدي!

قد روي لنا: أنّ الله في موضع دون موضع علي العرش استوي، وأنّه



[ صفحه 11]



ينزل كلّ ليلة في النصف الأخير من الليل إلي السماء الدنيا.

وروي: أنّه ينزل عشيّة عرفة ثمّ يرجع إلي موضعه.

فقال بعض مواليك في ذلك: إذا كان في موضع دون موضع، فقد يلاقيه الهواء، ويتكنّف عليه، والهواء جسم رقيق يتكنّف علي كلّ شي ء بقدره، فكيف يتكنّف عليه جلّ ثناؤه علي هذا المثال؟

فوقّع(عليه السلام): علم ذلك عنده، وهو المقدّر له بما هو أحسن تقديراً، واعلم أنّه إذا كان في السماء الدنيا فهو كما هو علي العرش، والأشياء كلّها له سواء علماً وقدرة وملكاً وإحاطة. [6] .

6 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... محمّد بن الفرج الرخجيّ قال: كتبت إلي أبي الحسن(عليه السلام) أسأله عمّا قال هشام بن الحكم في الجسم وهشام بن سالم في الصورة.

فكتب(عليه السلام): دع عنك حيرة الحيران، واستعذ بالله من الشيطان، ليس القول ما قال الهشامان. [7] .

7 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... عليّ بن محمّد النوفليّ، عن أبي الحسن صاحب العسكر(عليه السلام) قال: سمعته يقول: اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً، كان عند آصف حرف،... وعندنا منه اثنان وسبعون حرفاً، وحرف عندالله مستأثر به في علم الغيب. [8] .



[ صفحه 12]



8 - محمّد بن يعقوب الكلينيّ(رحمه الله):... عبد العظيم بن عبد الله قال: سمعت أبا الحسن(عليه السلام) يخطب بهذه الخطبة:

الحمد لله العالم بما هو كائن من قبل أن يدين له من خلقه دائن، فاطر السماوات والأرض، مؤلّف الأسباب بما جرت به الأقلام، ومضت به الاحتام، من سابق علمه ومقدّر حكمه،.... [9] .

9 - المسعوديّ(رحمه الله): روي الحميريّ قال: حدّثني أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ، عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ [10] قال: ضمّني وأباالحسن(عليه السلام) الطريق لمّا قدم به المدينة، فسمعته في بعض الطريق يقول: من اتّقي الله يتّقي، ومن أطاع الله يطاع.

فلم أزل أدلف [11] حتّي قربت منه ودنوت، فسلّمت عليه وردّ عليّ السلام، فأوّل ما ابتدأني أن قال لي: يا فتح! من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوقين، ومن أسخط الخالق فليوقن أن يحلّ به سخط المخلوقين.

يافتح! إنّ الله جلّ جلاله لا يوصف إلّا بما وصف به نفسه، فأنّي يوصف الذي يعجز الحواسّ أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحدّه، والأبصار أن تحيط به، جلّ عمّا يصفه الواصفون، وتعالي عمّا ينعته الناعتون، نأي [12] في قربه وقرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، وفي قربه بعيد، كيّف الكيف فلايقال: كيف. وأيّن الأين. فلايقال: أين، إذ هو منقطع الكيفيّة



[ صفحه 13]



والأينيّة، الواحد الأحد جلّ جلاله؛ بل كيف يوصف بكنهه محمّد(صلي الله عليه وآله)، وقد قرن الجليل اسمه باسمه، وأشركه في طاعته، وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته، فقال: (وَمَا نَقَمُواْ [13] إِلآَّ أَنْ أَغْنَل-هُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ و مِن فَضْلِهِ ي) [14] .

وقال تبارك اسمه - يحكي قول من ترك طاعته: (يَلَيْتَنَآ أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) [15] أم كيف يوصف من قرن الجليل طاعته بطاعة رسول الله(صلي الله عليه وآله) حيث يقول: (أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنكُمْ). [16] .

يا فتح! كما لايوصف الجليل جلّ جلاله، ولا يوصف الحجّة، فكذلك لايوصف المؤمن المسلّم لأمرنا، فنبيّنا(صلي الله عليه وآله) أفضل الأنبياء ووصيّنا(عليه السلام) أفضل الأوصياء.

ثمّ قال لي - بعد كلام -: فأورد الأمر إليهم وسلّم لهم، ثمّ قال لي: إن شئت.

فانصرفت منه. فلمّا كان في الغد تلطّفت [17] في الوصول إليه، فسلّمت فردّالسلام.

فقلت: يا ابن رسول الله! تأذن لي في كلمة اختلجت [18] في صدري ليلتي الماضية؟



[ صفحه 14]



فقال لي: سل واصخ إلي جوابها سمعك، فإنّ العالم والمتعلّم شريكان في الرشد، مأموران بالنصيحة، فأمّا الذي اختلج في صدرك فإن يشأ العالم أنبأك الله، إنّ الله لم يظهر علي غيبه أحداً إلّا من ارتضي من رسول، وكلّ ما عند الرسول فهو عند العالم، وكلّ ما اطّلع الرسول عليه فقد اطّلع أوصياؤه عليه.

يا فتح! عسي الشيطان أراد اللبس عليك، فأوهمك في بعض ما أوردت عليك، وأشكّك في بعض مأ أنبأتك؛ حتّي أراد إزالتك عن طريق الله وصراطه المستقيم. فقلت: متي أيقنت أنّهم هكذا، فهم أرباب. معاذ الله! إنّهم مخلوقون مربوبون، مطيعون داخرون راغمون؛ فإذا جاءك الشيطان بمثل ما جاءك به فاقمعه بمثل ما نبّأتك به.

قال فتح: فقلت له: جعلني الله فداك! فرّجت عنّي، وكشفت ما لبس الملعون عليّ، فقد كان أوقع في خلدي [19] أنّكم أرباب. قال: فسجد(عليه السلام) فسمعته يقول في سجوده: «راغماً [20] لك يا خالقي داخراً خاضعاً». ثمّ قال: يا فتح! كدت أن تهلك، وما ضرّ عيسي(عليه السلام) أن هلك من هلك، إذا شئت رحمك الله. قال: فخرجت وأنا مسرور بما كشف الله عنّي من اللبس.

فلمّا كان في المنزل الآخر دخلت عليه وهو متّكي ء، وبين يديه حنطة مقلّوة يعبث بها، وقد كان أوقع الشيطان (لعنه الله) في خلدي أنّه لا ينبغي أن يأكلوا ولا يشربوا. فقال: اجلس يا فتح! فإنّ لنا بالرسل أُسوة. كانوا يأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق، وكلّ جسم متغذٍّ إلّا خالق الأجسام الواحد الأحد، منشي ء الأشياء، ومجسّم الأجسام، وهو السميع



[ صفحه 15]



العليم، تبارك الله عمّا يقول الظالمون، وعلا علوّاً كبيراً. ثمّ قال: إذا شئت رحمك الله.

[21] .

10 - السيّد ابن طاووس(رحمه الله): ودعا [عليّ بن محمّد الهادي](عليها السلام) في قنوته: «يامن تفرّد بالربوبيّة، وتوحّد بالوحدانيّة، يا من أضاء باسمه النهار وأشرقت به الأنوار، وأظلم بأمره حندس الليل.... أسألك اللهمّ باسمك الذي خشعت له السماوات والأرض، وأحييت به موات الأشياء، وأمتّ به جميع الأحياء...». [22] .

11 - ابن شعبة الحرّانيّ(رحمه الله): قال الحسن بن مسعود: دخلت علي أبي الحسن عليّ بن محمّد(عليها السلام)،... فقال(عليه السلام): يا حسن!... إنّ الله هو المثيب



[ صفحه 16]



والمعاقب، والمجازي بالأعمال عاجلاً وآجلاً؟.... [23] .

12 - الشيخ الصدوق(رحمه الله): حدّثنا محمّد بن موسي بن المتوكّل(رحمه الله) قال: حدّثنا عليّ بن إيراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الصقر بن (أبي) دلف قال: سألت أبا الحسن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسي الرضا(عليهم السلام) عن التوحيد، وقلت له: إنّي أقول بقول هشام بن الحكم، فغضب(عليه السلام)، ثمّ قال: مالكم ولقول هشام 2 ام، 4، إنّه ليس منّا من زعم أنّ الله عزّ وجلّ جسم، ونحن منه برآء في الدنيا والآخرة، يا ابن (أبي) دلف! إنّ الجسم محدث، والله محدثه ومجسّمه. [24] .

13 - الشيخ الصدوق(رحمه الله): حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق(رحمه الله) قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكيّ قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن بردة قال: حدّثني العبّاس بن عمرو الفقيميّ، عن أبي القاسم إبراهيم بن محمّد العلويّ، عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ قال: لقيته [25] (عليه السلام) علي الطريق عند منصرفي من



[ صفحه 17]



مكّة إلي خراسان، وهو سائر إلي العراق فسمعته يقول: من اتّقي الله، يتّقي، ومن أطاع الله، يطاع، فتلطّفت في الوصول إليه، فوصلت فسلّمت، فردّ عليّ السلام.

ثمّ قال:يا فتح! من أرضي الخالق لم يبال بسخط المخلوق، ومن أسخط الخالق فَقَمِنٌ [26] أن يسلّط عليه سخط المخلوق، وأنّ الخالق لا يوصف إلّا بما وصف به نفسه، وأنّي يوصف الذي تعجز الحواسّ أن تدركه، والأوهام أن تناله، والخطرات أن تحدّه، والأبصار عن الإحاطة به، جلّ عمّا وصفه الواصفون، وتعالي عمّا ينعته الناعتون، نأي في قربه، وقرب في نأيه، فهو في بعده قريب، وفي قربه بعيد، كيّف الكيف، فلا يقال له كيف، وأيّن الأين، فلايقال له أين، إذ هو مبدع الكيفوفيّة والأينونيّة.

يافتح! كلّ جسم مغذّي بغذاء إلّا الخالق الرزّاق، فإنّه جسّم الأجسام، وهو ليس بجسم ولا صورة، لم يتجزأ ولم يتناه، ولم يتزايد ولم يتناقص، مبرّء من ذات ما ركّب في ذات من جسّمه، وهو اللطيف الخبير، السميع البصير، الواحد الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، منشي ء الأشياء، ومجسّم الأجسام، ومصوّر الصور، لو كان كما يقول المشبّهة، لم يعرف الخالق من المخلوق، ولا الرازق من المرزوق، ولا المنشي ء من المنشأ، لكنّه المنشي ء، فرّق بين من جسّمه وصوّره، و شيّئه وبيّنه، إذ كان لايشبهه شي ء.



[ صفحه 18]



قلت: فالله واحد، والإنسان واحد، فليس قد تشابهت الوحدانيّة؟

فقال: أحلت ثبّتك الله! إنّما التشبيه في المعاني، فأمّا في الأسماء فهي واحدة، وهي دلالة علي المسمّي، وذلك أنّ الإنسان وإن قيل واحد، فإنّه يخبر أنّه جثّة واحدة وليس باثنين، والإنسان نفسه ليس بواحد، لأنّ أعضاءه مختلفة، وألوانه مختلفة غير واحدة، وهو أجزاء مجزّاة ليس سواء، دمه غير لحمه، ولحمه غير دمه، وعصبه غير عروقه، وشعره غير بشره، وسواده غير بياضه، وكذلك سائر جميع الخلق، فالإنسان واحد في الإسم، لا واحد في المعني، والله جلّ جلاله واحد لاواحد غيره، ولا اختلاف فيه، ولا تفاوت، ولا زيادة، ولا نقصان.

فأمّا الإنسان المخلوق المصنوع المؤلّف، فَمِن أجزاٍء مختلفة، وجواهر شتّي، غيرأنّه بالاجتماع شي ء واحد.

قلت: فقولك اللطيف فسّره لي، فإنّي أعلم أنّ لطفه خلاف لطف غيره للفصل غير أنّي أُحبّ أن تشرح لي.

فقال(عليه السلام): يا فتح! إنّما قلت اللطيف للخلق اللطيف، ولعلمه بالشي ء اللطيف، ألاتري إلي أثر صنعه في النبات اللطيف، وغير اللطيف، وفي الخلق اللطيف من أجسام الحيوان، من الجرجس، والبعوض، وماهو أصغر منهما، ممّا لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأُنثي، والمولود من القديم، فلمّا رأينا صغر ذلك في لطفه واهتدائه للسفاد [27] ، والهرب من الموت، والجمع لمايصلحه بما في لجج البحار، وما في لحاء [28] .



[ صفحه 19]



الأشجار، والمفاوز [29] والقفار [30] ، وإفهام بعضها عن بعض منطقها، وما تفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها، ثمّ تأليف ألوانها حمرة مع صفرة، وبياض مع حمرةٌ، علمنا أنّ خالق هذا الخلق لطيف، وأنّ كلّ صانع شي ء، فمِنْ شي ء صَنَعَ، والله الخالق اللطيف الجليل خَلَقَ، وصَنَعَ لا من شي ء.

قلت: جعلت فداك، وغير الخالق الجليل خالق؟

قال: إنّ الله تبارك وتعالي يقول: (تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَلِقِينَ) [31] .

فقدأخبر أنّ في عباده خالقين، منهم: عيسي بن مريم خلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله، فنفخ فيه فصار طائراً بإذن الله؛ والسامري خلق لهم عجلاً جسداً له خوار.

قلت: إنّ عيسي خلق من الطين طيراً دليلاً علي نبوّته، والسامري خلق عجلاً جسداً لنقض نبوّة موسي(عليه السلام)، وشاء الله أن يكون ذلك كذلك، إنّ هذا لهو العجب؟

فقال: ويحك يا فتح! إنّ لله إرادتين ومشيّتين، إرادة حتم، وإرادة عزم، ينهي وهو يشاء، ويأمر وهو لا يشاء، أ وما رأيت أنّه نهي آدم(عليه السلام) وزوجته عن أن يأكلا من الشجرة، وهو شاء ذلك، ولو لم يشأ لم يأكلا، ولو أكلا لغلبت مشيّتهما مشيّة الله، وأمر إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل(عليها السلام) و شاء أن لا يذبحه، ولو لم يشأ أن لايذبحه لغلبت مشيّة إبراهيم مشيئة الله عزّوجلّ.

قلت: فرّجت عنّي فرّج الله عنك، غير أنّك قلت: السميع البصير



[ صفحه 20]



سميع بالأُذن، وبصير بالعين؟

فقال: إنّه يسمع بما يبصر، ويري بما يسمع، بصير لا بعين مثل عين المخلوقين، وسميع لا بمثل سمع السامعين، لكن لمّا لم يخف عليه خافية من أثر الذرّة السوداء علي الصخرة الصمّاء في الليلة الظلماء تحت الثري والبحار، قلنا: بصير لا بمثل عين المخلوقين، ولمّا لم يشتبه عليه ضروب اللغات، ولم يشغله سمع عن سمع، قلنا: سميع لامثل سمع السامعين.

قلت: جعلت فداك، قد بقيت مسألة. قال: هات لله أبوك.

قلت: يعلم القديم الشي ء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون؟

قال: ويحك! إنّ مسائلك لصعبة، أما سمعت الله يقول: (لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) [32] وقوله: (وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَي بَعْضٍ) [33] وقال: يحكي قول أهل النار (أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَلِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) [34] وقال: (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ) [35] فقد علم الشي ء الذي لم يكن، أن لو كان كيف كان يكون.

فقمت لأُقبّل يده ورجله، فأدني رأسه، فقبّلت وجهه ورأسه وخرجت وبي من السرور والفرح ما أعجز عن وصفه لما تبيّنت من الخير والحظّ. [36] .



[ صفحه 21]



14 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ قال: كتبت إلي الرجل يعني أبا الحسن(عليه السلام): أنّ من قبلنا من مواليك قد اختلفوا في التوحيد. فمنهم من يقول: جسم. ومنهم من يقول: صورة.

فكتب(عليه السلام) بخطّه: سبحان من لا يحدّ ولا يوصف، ليس كمثله شي ء وهو السميع العليم - أو قال البصير -. [37] .



[ صفحه 22]



15 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... محمّد بن عليّ القاسانيّ قال: كتبت إليه(عليه السلام): أنّ من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد.

قال: فكتب(عليه السلام): سبحان من لا يحدّ ولا يوصف، ليس كمثله شي ء وهو السميع البصير. [38] .

16 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... محمّد بن عيسي بن عبيد اليقطينيّ قال: كتب عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسي الرضا(عليهم السلام) إلي بعض شيعته ببغداد: بسم الله الرحمن الرحيم، عصمنا الله وإيّاك من الفتنة،... وليس الخالق إلّا الله وما سواه مخلوق،.... [39] .

17 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ(عليها السلام) يقول:... أنّ في علم الله السابق أنّه إذا خرج القائم(عليه السلام)، لا يبقي مؤمن في زمانه إلّا رجمه [أي إبليس] بالحجارة.... [40] .

18 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... محمّد بن عيسي بن عبيد قال: سألت أباالحسن عليّ بن محمّد العسكريّ(عليها السلام)، عن قول الله عزّ وجلّ: (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ و يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَالسَّمَوَتُ مَطْوِيَّتُ بِيَمِينِهِ ي).

فقال(عليه السلام): ذلك تعيير الله تبارك وتعالي لمن شبّهه بخلقه، ألا تري أنّه



[ صفحه 23]



قال: (وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ي) ومعناه إذ قالوا: إنّ الأرض جميعاً قبضته يوم القيمة والسموات مطويّات بيمينه كما قال عزّ وجلّ: (وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ي إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ عَلَي بَشَرٍ مِّن شَيْ ءٍ) ثمّ نزّه عزّ وجلّ نفسه عن القبضة واليمين، فقال: (سُبْحَنَهُ و وَتَعَلَي عَمَّا يُشْرِكُونَ). [41] .

19 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... سهل بن زياد، عن أبي الحسن عليّ بن محمّد(عليها السلام)، أنّه قال: إلهي!... فأنت في المكان الذي لا يتناهي، ولم تقع عليك عيون بإشارة ولا عبارة، هيهات، ثمّ هيهات، يا أُولي، يا وحدانيّ، يافردانيّ، شمخت في العلوّ بعزّ الكبر، وارتفعت من وراء كلّ غورة ونهاية بجبروت الفخر. [42] .

20 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... عن الطيّب يعني عليّ بن محمّد وعن أبي جعفر الجواد(عليها السلام) أنّهما قالا: من قال بالجسم، فلا تعطوه من الزكاة، ولاتصلّوا وراءه. [43] .

21 - الخزّاز القمّيّ(رحمه الله):... عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ قال: دخلت علي سيّدي عليّ بن محمّد(عليها السلام)،... فقلت له: يا ابن رسول الله(صلي الله عليه وآله)! إنّي أُريد أن أعرض عليك ديني،... إنّي أقول إنّ الله تبارك وتعالي واحد ليس كمثله شي ء، خارج من الحدّين، حدّ الإبطال وحدّ التشبيه، وأنّه



[ صفحه 24]



ليس بجسم ولاصورة، ولا عرض ولا جوهر، بل هو مجسّم الأجسام، ومصوّر الصور، وخالق الأعراض والجواهر، وربّ كلّ شي ء ومالكه، وجاعله ومحدثه،....

فقال عليّ بن محمّد(عليها السلام): يا أبا القاسم! هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده،.... [44] .

22 - أبو منصور الطبرسيّ(رحمه الله): سئل أبو الحسن(عليه السلام) عن التوحيد فقيل له: لم يزل الله وحده لا شي ء معه، ثمّ خلق الأشياء بديعاً واختار لنفسه الأسماء، ولم تزل الأسماء والحروف له معه قديمه.

فكتب(عليه السلام): لم يزل الله موجوداً ثمّ كوّن ما أراد، لا رادّ لقضائه، ولامعقّب لحكمه... فهو بالموضع الذي لا يتناهي، وبالمكان الذي لم يقع عليه عيون بإشارة ولا عبارة، هيهات، هيهات!. [45] .


پاورقي

[1] هو معلّي بن محمّد البصريّ المعنون في رجال النجاشي: 418 رقم 1117، وعدّه السيّد البروجردي من الطبقة السابعة. الموسوعة الرجاليّة: 4 / 363، فالمراد من العالم، هو الهادي(عليه السلام) ان كان السائل معاصراً له وإلّا فيحتمل غير الهادي(عليه السلام) أيضاً.

[2] الكافي:1 / 148، ح 16. عنه الوافي: 1 / 517، ح 420. التوحيد: 334، ح 9، بتفاوت. عنه البحار: 5 / 102، ح 27، والفصول المهمّة للحرّالعاملي:1 / 159،ح 88. مختصر بصائر الدرجات: 142، س 7. قطعة منه في (البداء).

[3] الكافي: 1 / 97، ح 4. يأتي الحديث بتمامه في ج 3 رقم 826.

[4] الكافي: 1 / 102، ح 9. يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 855.

[5] الكافي: 1 / 104، ح 2.

يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 877.

[6] الكافي:1 / 126، ح 4. يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 987.

[7] الكافي: 1 / 105، ح 5. يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 996.

[8] الكافي: 1 / 230، ح 3. يأتي الحديث بتمامه في رقم 553.

[9] الكافي: 5 / 372، ح 6. يأتي الحديث بتمامه في رقم 674.

[10] يأتي ترجمته في رقم 703.

[11] يقال: دَلَف الشيخ: إذا مشي وقارب الخطو. مجمع البحرين: 5 / 59 (دلف).

[12] نأي فلاناً، ونأي عنه ينأي نأياً: بعد عنه. أقرب الموارد: 5 / 324 (نأي).

[13] في المصدر: وما نقموا منه، وكلمة (منه) ليست من القرآن.

[14] التوبة: 9 / 74.

[15] الأحزاب: 33 / 66.

[16] النساء: 4 / 59.

[17] لطف الشي ءغ يلطف لطافة من باب قرب: صغر حجمه، واللطف في العمل: الرفق به. مجمع البحرين: 5 / 120 (لطف).

[18] اختلج العضو: اضطرب ومنه الاختلاج. مجمع البحرين: 2 / 295 (خلج).

[19] الخلد، بالتحريك: البال، والقلب، والنفس، وجمعه أخلاد. لسان العرب: 3 / 165 (خلد).

[20] رَغِمَ أنفي لله أي ذلّ وانقاد. مجمع البحرين: 6 / 74 (رغم).

[21] إثبات الوصيّة: 235، س 3. عنه مستدرك الوسائل: 12 / 208، ح 13898، قطعة منه.

كشف الغمّة: 2 / 386، س 3، بتفاوت. عنه إثبات الهداة: 1 / 137، ح 269، قطعة منه، و3 / 382، ح 58، قطعة منه، و766 ح 76، قطعة منه، والبحار: 50 / 177، ح 56، و75 / 366، ح 2.

إحقاق الحقّ: 12 / 455، س 6، قطعة منه.

الكافي: 1 / 137، ح 3، قطعة منه. عنه الوافي: 1 / 432، ح 355.

قطعة منه في (إخباره(عليه السلام) بما في الضمائر) و(سيرته(عليه السلام) في ردّ السلام) و(سجوده(عليه السلام)) و(كيفيّة جلوسه(عليه السلام)) و(رسول الله(صلي الله عليه وآله) أفضل الأنبياء) و(أمير المؤمنين أفضل الأوصياء) و(إنّ الإئمّة يسيرون بسيرة الأنبياء(عليهم السلام)) و(طاعة الأئمّة(عليهم السلام)) و(علم الأئمّة(عليهم السلام))، و(أن الأئمّه(عليهم السلام) مخلوقون مربوبون، مطيعون) و(سورة النساء: 4 / 59)، (سورة التوبة: 9 / 74)، (سورة الأحزاب: 33 / 66)، و(دعاؤه(عليه السلام) في السجود) و(موعظته(عليه السلام) في طاعة الله وطاعة المخلوق) و(موعظته(عليه السلام) في التقوي) و(موعظته(عليه السلام) في السؤال وأجر العالم والمتعلّم) و(مدح فتح بن يزيد الجرجانيّ).

[22] مهج الدعوات: 82، س 19. يأتي الحديث بتمامه في رقم 725.

[23] تحف العقول: 482، س 9. يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 768.

[24] التوحيد: 104، ح 20. عنه البحار: 54 / 81، ح 58.أمالي الصدوق: 228، ح 2، بتفاوت يسير. عنه وعن التوحيد، البحار: 3 / 291، ح 10، والفصول المهمّة للحرّ العاملي: 1 / 147 ح 57، قطعة منه. قطعة منه في (غضبه(عليه السلام) علي من زعم أنّ الله عزّ وجلّ جسم) و(ذمّ هشام بن الحكم).

[25] صرّح المحقّق التستري والسيّد الخوئي بأنّ ضمير «لقيته» يرجع إلي أبي الحسن الهادي(عليه السلام) حيث إنّه الذي أشخصه المتوكّل (لع) من المدينة إلي العراق وأمّا الرضا(عليه السلام)، فانّما أشخصه المأمون من المدينة إلي خراسان. راجع قاموس الرجال: 8 / 371 رقم 5873، طبعةجماعة المدرّسين، ومعجم رجال الحديث: 13 / 249 رقم 9300، وفيه: وأمّا الرضا(عليه السلام) فهو لم يأت العراق وإنّما أشخصه المأمون إلي خراسان، ولكن الصدوق 1 رواها في عيون أخبارالرضا(عليه السلام) وهو يشعر بكون المراد من أبي الحسن هو الرضا(عليه السلام).

[26] قمن: أي حري، خليق وجدير. لسان العرب: 13 / 347، (قمن).

[27] سِفاداً بالكسر: نزو الذكر علي الأُنثي. مجمع البحرين: 3 / 70، (سفد).

[28] اللحاء: قشر العود أو الشجر. المنجد: 717 (لحي).

[29] المفازة: التي لا ماء فيها. لسان العرب: 5 / 393، (فوز).

[30] القفر: مفازة لا نبات بها ولا ماء. لسان العرب: 5 / 110، (قفر).

[31] المؤمنون: 23 / 14.

[32] الأنبياء: 21 / 22.

[33] المؤمنون: 23 / 91.

[34] فاطر: 35 / 37.

[35] فاطر: 35 / 37.

[36] التوحيد: 60، ح 18، و185، ح 1، قطعة منه، وفيه: محمّد بن عليّ ماجيلويه قال: حدّثنا عليّ ابن إبراهيم بن هاشم، عن المختار بن محمّد بن المختار الهمدانيّ، عن الفتح. عنه نور الثقلين: 1 / 710، ح 47، و3 / 418، ح 28، و550، ح 108، و4 / 420، ح 72، و368، ح 105، قطعة منه، ووسائل الشيعة: 16 / 155، ح 21230، والبحار: 4 / 82، ح 10،قطعة منه، و139، ح 5، قطعة منه، و147، ح 1، قطعة منه، و290، ح 21، و5 / 101، ح 26، قطعة منه، والفصول المهمّة للحرّ العاملي: 1 / 256، ح 263، وتعليقة مفتاح الفلاح للخواجوئي:741، س 8، قطعة منه، وفيه: عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام). مختصر بصائر الدرجات: 141، س 9. الكافي: 1 / 137، ح 3، قطعة منه، و118، ح 1، قطعة منه. عنه نور الثقلين: 1 / 755، ح 228، قطعة منه، و62، ح 120، قطعة منه، و2 / 103 ح 374، قطعة منه، والفصول المهمّة للحرّالعاملي: 1 / 206، ح 1، والوافي: 1 / 481، ح 393. تحف العقول: 482، س 3، قطعة منه. عنه البحار: 68 / 182، ح 41، و4 / 303، ح 30. عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 1 / 127، ح 23، قطعة منه، بتفاوت. عنه وعن التوحيد، البحار: 4 / 173، ح 2، والبرهان: 4 / 363، ح 2. الكافي: 1 / 151، ح 4، قطعة منه. عنه الفصول المهمّة للحرّ العاملي: 1 / 230، ح 209، والوافي: 1 / 522، ح 426، ونور الثقلين: 4 / 76، ح 15، قطعة منه، و5 / 297، ح 103، قطعة منه، و354، ح 32، قطعة منه، و383، ح 27، و709، ح 61، ووسائل الشيعة: 16 / 155، س 14، مثله. قطعة منه في (تواضعه(عليه السلام) لمن رام تقبيل يده ورجله بتقريب رأسه إليه) و(سيرته(عليه السلام) في ردّ السلام) و(سورة المؤمنون: 23 / 14، و91) و(سورة الأنبياء: 21 / 22) و(سورة فاطر: 35 / 37) و(سورة الأنعام: 6 / 28) و(دعاؤه(عليه السلام) لفتح بن يزيد الجرجانيّ) و(موعظته(عليه السلام) في التقوي) و(موعظته(عليه السلام) في رضي الله) و(مدح فتح بن يزيد الجرجانيّ).

[37] التوحيد: 100، ح 9.يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 811.

[38] التوحيد: 101، ح 12. يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 927.

[39] الأمالي: 438، ح 14. يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1017.

[40] معاني الأخبار: 139، ح 1. يأتي الحديث بتمامه في رقم 714.

[41] التوحيد: 160، ح 1.يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 715.

[42] التوحيد: 66، ح 19. يأتي الحديث بتمامه في رقم 721.

[43] التوحيد: 101، ح 11. يأتي الحديث بتمامه في رقم 627.

[44] كفاية الأثر: 282، س 5. يأتي الحديث بتمامه في رقم 558.

[45] الاحتجاج: 2 / 485، ح 325.يأتي الحديث بتمامه في ج 3، رقم 1041.