بازگشت

تسليم الجبال والصخور والأحجار عليه


1 - الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال عليّ بن محمّد(عليها السلام): وأمّا تسليم الجبال والصخور والأحجار عليه، فإنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) لمّا ترك التجارة



[ صفحه 63]



إلي الشام، وتصدّق بكلّ ما رزقه الله تعالي من تلك التجارات، كان يغدو كلّ يوم إلي حراء يصعده وينظر من قلله إلي آثار رحمة الله، وأنواع عجائب رحمته، وبدائع حكمته، وينظر إلي أكناف السماء، وأقطار الأرض، والبحار، والمفاوز، والفيافي، فيعتبر بتلك الآثار، ويتذكّر بتلك الآيات، ويعبد الله حقّ عبادته.

فلمّا استكمل أربعين سنة [و]نظر الله عزّ وجلّ إلي قلبه فوجده أفضل القلوب، وأجلّها، وأطوعها، وأخشعها، وأخضعها، أذن لأبواب السماء ففتحت، ومحمّد(صلي الله عليه وآله) ينظر إليها، وأذن للملائكة فنزلوا، ومحمّد(صلي الله عليه وآله) ينظر إليهم، وأمر بالرحمة فأُنزلت عليه من لدن ساق العرش إلي رأس محمّد وغمرته، ونظر إلي جبرئيل الروح الأمين، المطوّق بالنور، طاووس الملائكة، هبط إليه وأخذ بضبعه [1] وهزّه [2] ، وقال: يا محمّد! إقرأ. قال:وما أقرأ؟

قال: يا محمّد! (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ - خَلَقَ الْإِنسَنَ مِنْ عَلَقٍ - إلي قوله - مَا لَمْ يَعْلَمْ) [3] ثمّ أوحي [إليه] ما أوحي إليه ربّه عزّ وجلّ، ثمّ صعد

إلي العلوّ، ونزل محمّد(صلي الله عليه وآله) من الجبل، وقد غشيه من تعظيم جلال الله، وورد عليه من كبير شأنه، ما ركبه به الحمّي والنافض [4] يقول: وقد اشتدّ عليه ما يخافه من تكذيب قريش في خبره، ونسبتهم إيّاه إلي الجنون، [وأنّه] يعتريه شيطان [5] ، وكان من أوّل أمره أعقل خليقة الله، وأكرم



[ صفحه 64]



براياه، وأبغض الأشياء إليه الشيطان، وأفعال المجانين وأقوالهم؛ فأراد الله عزّوجلّ أن يشرح صدره، ويشجّع قلبه، فأنطق الجبال، والصخور، والمدر، وكلّما وصل إلي شي ء منها ناداه: [السلام عليك يا محمّد]، السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا حبيب الله، أبشر فإنّ الله عزّ وجلّ قد فضّلك، وجمّلك، وزيّنك، وأكرمك فوق الخلائق أجمعين، من الأوّلين والآخرين، لايحزنك قول قريش إنّك مجنون، وعن الدين مفتون، فإنّ الفاضل من فضّله [الله] ربّ العالمين، والكريم من كرّمه خالق الخلق أجمعين، فلا يضيقنّ صدرك من تكذيب قريش وعتاة العرب لك، فسوف يبلّغك ربّك أقصي منتهي الكرامات، ويرفعك إلي أرفع الدرجات.

وسوف ينعّم ويفرّح أولياءك بوصيّك عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).

وسوف يبثّ علومك في العباد والبلاد بمفتاحك، وباب مدينة علمك، عليّ بن أبي طالب(عليه السلام).

وسوف يقرّ عينك ببنتك فاطمة(عليها السلام).

وسوف يخرج منها ومن عليّ: الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة4القبيلةشباب أهل الجنّة، 4.

وسوف ينشر في البلاد دينك.

وسوف يعظّم أجور المحبّين لك ولأخيك.

وسوف يضع في يدك لواء الحمد فتضعه في يد أخيك عليّ، فيكون تحته كلّ نبيّ، وصديق، وشهيد، يكون قائدهم أجمعين إلي جنّات النعيم.

فقلت في سرّي: يا ربّ من عليّ بن أبي طالب الذي وعدتني به - وذلك بعد ماولد عليّ(عليه السلام) وهو طفل - أو هو ولد عمّي؟

وقال بعد ذلك لمّا تحرّك عليّ(عليه السلام) قليلاً وهو معه، أ هو هذا؟ ففي كلّ مرّة



[ صفحه 65]



من ذلك أنزل عليه ميزان الجلال، فجعل محمّد(صلي الله عليه وآله) في كفّة منه، ومثّل له عليّ(عليه السلام) وسائر الخلق من أُمّته إلي يوم القيامة [في كفة]، فوزن بهم فرجّح.

ثمّ أُخرج محمّد(صلي الله عليه وآله) من الكّفة، وترك عليّ(عليه السلام) في كفّة محمّد(صلي الله عليه وآله) التي كان فيها، فوزن بسائر أُمّته فرجّح بهم، فعرفه رسول الله(صلي الله عليه وآله) بعينه وصفته.

ونودي في سرّه: يا محمّد! هذا عليّ بن أبي طالب صفيّي الذي أؤيّد به هذا الدين، يرجّح علي جميع أُمّتك بعدك، فذلك حين شرح الله صدري بأداء الرسالة، وخفّف عنّي مكافحة [6] الأُمّة، وسهّل عليّ مبارزة العتاة الجبابرة من قريش. [7] .


پاورقي

[1] الضبع: وسط العضد بلحمه، يكون للانسان وغيره وقيل: العضد كلّها. أقرب الموارد: (ضبع).

[2] هزّبه: حرّكه، اهتزّ: تحرّك وطال. أقرب الموارد: 5 / 687 (هزّ).

[3] العلق: 96 / 5 - 1.

[4] أخذته حمّي بنافض: ذهب بعض لونه من حمرة أو صفرة. أقرب الموارد: 5 / 459 (نفض).

[5] في البحار: شياطين.

[6] المكافحة: وهي المدافعة تلقاء الوجه. مجمع البحرين: 2 / 407 (كفح).

[7] تفسير الإمام العسكريّ(عليه السلام): 156، ح 78. عنه البحار: 17 / 307 ضمن ح 14، و 18 / 205، ح 36، وحلية الأبرار: 1 / 65، ح 1، ومدينة المعاجز: 1 / 444، ح 298.قطعة منه في (إنّ عليّاً(عليه السلام) مفتاح علوم النبيّ(صلي الله عليه وآله)) و(سورة العلق: 96 / 5 - 1) و(ما رواه من الأحاديث القدسيّة) و(ما رواه(عليه السلام) عن جبرائيل) و(ما رواه(عليه السلام) عن رسول الله(صلي الله عليه وآله)).