بازگشت

امتثال الشجرتين لأمره


1 - الإمام العسكريّ(عليه السلام): قال عليّ بن محمّد(عليها السلام): وأمّا الشجرتان اللتان تلاصقتا، فإنّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) كان ذات يوم في طريق له [ما] بين مكّة والمدينة... وقد كان نظير هذا لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، لمّا رجع من صفّين، وسقي القوم من الماء الذي تحت الصخرة التي قلّبها، ذهب ليقعد إلي حاجته.

فقال بعض منافقي عسكره: سوف أنظر إلي سوأته، وإلي ما يخرج منه، فإنّه يدّعي مرتبة النبيّ لأخبر أصحابه بكذبه.

فقال عليّ(عليه السلام) لقنبر: يا قنبر! اذهب إلي تلك الشجرة، وإلي التي تقابلها - وقد كان بينهما أكثر من فرسخ - فنادهما: إنّ وصيّ محمّد(صلي الله عليه وآله) يأمركما أن تتلاصقا.

فقال قنبر: يا أمير المؤمنين! أو يبلغهما صوتي؟

فقال عليّ(عليه السلام): إنّ الذي يبلغ بصر عينك إلي السماء، وبينك وبينها [مسير] خمسمائة عام، سيبلغهما صوتك.

فذهب فنادي، فسعت إحداهما إلي الأُخري سعي المتحابّين، طالت غيبة أحدهما عن الآخر، واشتدّ إليه شوقه وانضمّتا.

فقال قوم من منافقي عسكره: إنّ علياً يضاهي في سحره رسول الله



[ صفحه 127]



ابن عمّه! ما ذاك رسول الله، ولا هذا إمام، وإنّما هما ساحران! لكنّا سندور من خلفه لننظر إلي عورته وما يخرج منه؛ فأوصل الله عزّ وجلّ ذلك إلي أُذن عليّ(عليه السلام) من قبلهم.

فقال - جهراً -: يا قنبر! إنّ المنافقين أرادوا مكايدة وصيّ رسول الله(صلي الله عليه وآله)، وظنّوا أنّه لا يمتنع منهم إلّا بالشجرتين، فارجع إلي الشجرتين، وقل لهما: إنّ وصيّ رسول الله(صلي الله عليه وآله) يأمركما أن تعودا إلي مكانيكما.

ففعل ما أمره به، فانقلعتا وعدت كلّ واحدة منهما تفارق الأخري، كهزيمة الجبان من الشجاع البطل، ثمّ ذهب عليّ(عليه السلام) ورفع ثوبه ليقعد وقد مضي جماعة من المنافقين لينظروا إليه، فلمّا رفع ثوبه أعمي الله تعالي أبصارهم، فلم يبصروا شيئاً، فولّوا عنه وجوههم، فأبصروا كما كانوا يبصرون؛ ثمّ نظروا إلي جهته فعموا، فما زالوا ينظرون إلي جهته ويعمون، ويصرفون عنه وجوههم ويبصرون، إلي أن فرغ عليّ(عليه السلام) وقام ورجع، وذلك ثمانون مرّة من كلّ واحد منهم.

ثمّ ذهبوا ينظرون ما خرج منه، فاعتقلوا في مواضعهم فلم يقدروا أن يروها، فإذا انصرفوا أمكنهم الانصراف، أصابهم ذلك مائة مرّة، حتّي نودي فيهم بالرحيل [فرحلوا]، وما وصلوا إلي ما أرادوا من ذلك، ولم يزدهم ذلك إلّا عتوّاً وطغياناً، وتمادياً في كفرهم وعنادهم.

فقال بعضهم لبعض: انظروا إلي هذا العجب! من هذه آياته ومعجزاته، يعجز عن معاوية وعمرو ويزيد! فأوصل الله عزّ وجلّ ذلك من قبلهم إلي أُذنه.

فقال عليّ(عليه السلام): يا ملائكة ربّي! ائتوني بمعاوية وعمرو ويزيد.



[ صفحه 128]



فنظروا في الهواء فإذا ملائكة كأنّهم الشرط السودان، [و]قد علّق كلّ واحد منهم بواحد، فأنزلوهم إلي حضرته، فإذا أحدهم معاوية، والآخر عمرو، والآخر يزيد.

[ف]قال عليّ(عليه السلام): تعالوا فانظروا إليهم، أمّا لو شئت لقتلتهم، ولكنّي أنظرهم كما أنظر الله عزّ وجلّ إبليس إلي يوم الوقت المعلوم، إنّ الذي ترونه بصاحبكم ليس بعجز ولا ذلّ، ولكنّه محنة من الله عزّ وجلّ لكم، لينظر كيف تعملون، ولئن طعنتم علي عليّ(عليه السلام) فقد طعن الكافرون والمنافقون قبلكم علي رسول ربّ العالمين.... [1] .


پاورقي

[1] تفسير الإمام العسكريّ(عليه السلام): 163، ح 81 و82. تقدّم الحديث بتمامه في رقم 549.