بازگشت

عيد الزهراء


1 - الشيخ حسن الحلّيّ(رحمه الله): الشيخ الفقيه عليّ بن مظاهر الواسطيّ، عن محمّد بن علاء الهمدانيّ الواسطيّ، ويحيي بن جريح البغداديّ قال: تنازعنا في أمر ابن الخطّاب، فاشتبه علينا أمره، فقصدنا جميعاً أحمد بن إسحاق القمّيّ صاحب العسكريّ(عليه السلام) بمدينة قمّ، وقرعنا عليه الباب، فخرجت إلينا من داره صبيّة عراقيّة، فسألناها عنه.

فقالت: هو مشغول بعياله، فإنّه يوم عيد.

فقلنا: سبحان الله! الأعياد عند الشيعة أربعة: الأضحي، والفطر، ويوم الغدير، ويوم الجمعة.

قالت: فإنّ أحمد يروي عن سيّده أبي الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ(عليها السلام): أنّ هذا اليوم يوم عيد، وهو أفضل الأعياد عند أهل البيت(عليهم السلام) وعند مواليهم.

قلنا: فاستأذني لنا بالدخول عليه، وعرّفيه بمكاننا، فدخلت عليه وأخبرته بمكاننا، فخرج علينا وهو متّزر بمئزر له، محتضن [1] لكسائه يمسح وجهه، فأنكرنا ذلك عليه.



[ صفحه 138]



فقال: لا عليكما! فإنّي كنت اغتسلت للعيد.

قلنا: أ وهذا يوم عيد؟! وكان يوم التاسع من شهر ربيع الأوّل.

قال: نعم! ثمّ أدخلنا داره، وأجلسنا علي سرير له.

وقال: إنّي قصدت مولانا أبا الحسن العسكريّ(عليه السلام) مع جماعة من إخوتي بسرّ من رأي، كما قصدتماني، فاستأذنّا بالدخول عليه في هذا اليوم، وهويوم التاسع من شهر ربيع الأوّل. وسيّدنا(عليه السلام) قد أوعز إلي كلّ واحد من خدمه أن يلبس ما له من الثياب الجدد، وكان بين يديه مجمرة وهو يحرق العود بنفسه.

قلنا: بآبائنا أنت وأُمّهاتنا يا ابن رسول الله! هل تجدّد لأهل البيت فرح؟!

فقال: وأيّ يوم أعظم حرمة عند أهل البيت من هذا اليوم؟!

ولقد حدّثني أبي(عليه السلام) أنّ حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم -وهو التاسع من شهر ربيع الأوّل - علي جدّي رسول الله(صلي الله عليه وآله) قال: فرأيت سيّدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين(عليهم السلام) يأكلون مع رسول الله(صلي الله عليه وآله)، ورسول الله يتبسّم في وجوههم(عليهم السلام).

ويقول لولديه الحسن والحسين(عليها السلام): كُلا هنيئاً لكما ببركة هذا اليوم الذي يقبض الله فيه عدوّه وعدوّ جدّكما، ويستجيب فيه دعاء أُمّكما، كُلا! فإنّه اليوم الذي فيه يقبل الله تعالي أعمال شيعتكما ومحبّيكما.

كُلا! فإنّه اليوم الذي يصدّق فيه قول الله: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُواْ). [2] كُلا! فإنّه اليوم الذي تكسر فيه شوكة مبغض جدّكما.



[ صفحه 139]



كُلا! فإنّه اليوم الذي يفقد فيه فرعون أهل بيتي وظالمهم وغاصب حقّهم. كُلا! فإنّه اليوم الذي يعمد الله فيه إلي ما عملوا من عمل فيجعله هباء منثوراً.

قال حذيفة: فقلت: يا رسول الله! وفي أُمّتك وأصحابك من ينتهك هذه الحرمة؟

فقال(صلي الله عليه وآله): يا حذيفة! جبت من المنافقين يترأّس عليهم، ويستعمل في أُمّتي الرياء، ويدعوهم إلي نفسه، ويحمل علي عاتقه درّة الخزي، ويصدّ الناس عن سبيل الله، ويحرّف كتابه، ويغيّر سنّتي، ويشتمل علي إرث ولدي، وينصب نفسه علماً، ويتطاول علي من بعدي، ويستحلّ أموال الله من غير حلّه، وينفقها في غير طاعته، ويكذّب أخي ووزيري، وينحّي ابنتي عن حقّها، فتدعو الله عليه، ويستجيب دعاؤها في مثل هذا اليوم.

قال حذيفة: فقلت: يا رسول الله! فلم لا تدعو ربّك عليه ليهلكه في حياتك؟!

فقال: يا حذيفة! لا أُحبّ أن أجتري ء علي قضاء الله تعالي، لما قد سبق في علمه، لكنّي سألت الله أن يجعل اليوم الذي يقبض فيه، له فضيلة علي سائر الأيّام، ليكون ذلك سنّة يستنّ بها أحبّائي وشيعة أهل بيتي ومحبّوهم، فأوحي إليّ جلّ ذكره، أن يا محمّد! كان في سابق علمي، أن تمسّك وأهل بيتك محن الدنيا وبلاؤها، وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي، من نصحتهم وخانوك، ومحّضتهم وغشوك، وصافيتهم وكاشحوك، وصدّقتهم وكذّبوك، وأنجيتهم وأسلموك، فأنا آليت بحولي وقوّتي وسلطاني لأفتحنّ علي روح من يغصب بعدك عليّاً حقّه ألف باب من النيران من أسفل الفيلوق، ولأصلينّه وأصحابه قعراً يشرف عليه إبليس فيلعنه، ولأجعلنّ



[ صفحه 140]



ذلك المنافق عبرة في القيامة لفراعنة الأنبياء وأعداء الدين في المحشر، ولأحشرنّهم وأولياءهم وجميع الظلمة والمنافقين إلي نار جهنّم زرقاً كالحين، أذلّة خزايا نادمين، ولأخلدنّهم فيها أبد الآبدين.

يا محمّد! لن يرافقك وصيّك في منزلتك إلّا بما يمسّه من البلوي، من فرعونه وغاصبه الذي يجتري عليّ، ويبدّل كلامي، ويشرك بي ويصدّ الناس عن سبيلي، وينصب من نفسه عجلاً لأُمّتك، ويكفر بي في عرشي

إنّي قد أمرت سبع سماواتي لشيعتكم ومحبّيكم أن يتعيّدوا في هذا اليوم الذي أقبضه فيه إليّ، وأمرتهم أن ينصبوا كرسيّ كرامتي حذاء البيت المعمور، ويثنوا عليّ، ويستغفروا لشيعتكم ومحبّيكم من ولد آدم، وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق كلّهم ثلاثة أيّام من ذلك اليوم، ولا يكتبون شيئاً من خطاياهم كرامة لك ولوصيّك.

يا محمّد! إنّي قد جعلت ذلك اليوم عيداً لك ولأهل بيتك، ولمن تبعهم من شيعتهم، وآليت علي نفسي بعزّتي وجلالي وعلوّي في مكاني، لأحبونّ من يعيّد في ذلك اليوم محتسباً ثواب الخافقين، ولأشفعنّه في أقربائه، وذوي رحمه، ولأزيدنّ في ماله إن وسّع علي نفسه وعياله فيه، ولأعتقنّ من النار في كلّ حول في مثل ذلك اليوم ألفاً من مواليكم وشيعتكم، ولأجعلنّ سعيهم مشكوراً، وذنبهم مغفوراً، وأعمالهم مقبولة.

قال حذيفة: ثمّ قام رسول الله(صلي الله عليه وآله) إلي أُمّ سلمة، فدخل. ورجعت عنه، وأنا غير شاكّ في أمر الشيخ، حتّي ترأّس بعد وفاة النبيّ(صلي الله عليه وآله) وأعاد الكفر، وارتدّ عن الدين، شمّر للملك، وحرّف القرآن، وأحرق بيت الوحي،ژوأبدع السنن، وغيّر الملّة، وبدّل السنّة، وردّ شهادة أمير المؤمنين(عليه السلام)، وكذّب فاطمة(عليها السلام)، واغتصب فدكاً، وأرضي المجوس واليهود والنصاري،



[ صفحه 141]



وأسخط قرّة عين المصطفي ولم يرضهم، وغيّر السنن كلّها، ودبّر علي قتل أميرالمؤمنين(عليه السلام)، وأظهر الجور، وحرّم ما أحلّ الله، وأحلّ ما حرّم الله، وألقي إلي الناس أن يتّخذوا من جلود الإبل دنانير، ولطم حرّ وجه الزكيّة، وصعد منبر رسول الله (صلي الله عليه وآله) غصباً وظلماً، وافتري علي أميرالمؤمنين(عليه السلام) وعانده وسفه رأيه.

قال حذيفة: فاستجاب الله دعاء مولاتي(عليها السلام) علي ذلك المنافق، وأجري قتله علي يد قاتله(رحمه الله)، فدخلت علي أمير المؤمنين(عليه السلام) لأُهنّئه بقتله ورجوعه إلي دار الانتقام.

فقال لي: يا حذيفة! أتذكر اليوم الذي دخلت فيه علي سيّدي رسول الله(صلي الله عليه وآله) وأنا وسبطاه نأكل معه، فدلّك علي فضل ذلك اليوم الذي دخلت عليه فيه.

قلت: بلي يا أخا رسول الله(صلي الله عليه وآله)!

فقال: هو والله! هذا اليوم الذي أقرّ الله به عين آل الرسول، وإنّي لأعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسماً.

قال حذيفة: قلت: يا أمير المؤمنين! أحبّ أن تسمعني أسماء هذا اليوم؟

فقال(عليه السلام): هذا يوم الاستراحة، ويوم تنفيس الكربة، ويوم العيد الثاني [3] ، ويوم حطّ الأوزار، ويوم الخيرة، ويوم رفع القلم، ويوم الهدو، [4] .

ويوم العافية، ويوم البركة، ويوم الثارات، ويوم عيد الله الأكبر، ويوم إجابة الدعاء، ويوم الموقف الأعظم، ويوم التوافي، ويوم الشرط، ويوم نزع السواد ويوم ندامة الظالم، ويوم انكسار الشوكة، ويوم نفي الهموم، ويوم القنوع،



[ صفحه 142]



ويوم عرض القدرة، ويوم التصفّح، ويوم فرح الشيعة، ويوم التوبة، ويوم الإنابة، ويوم الزكاة العظمي، ويوم الفطر الثاني، ويوم سيل الشعاب [5] ، ويوم تجرّع الريق، ويوم الرضا، ويوم عيد أهل البيت، ويوم ظفر بني اسرائيل، ويوم قبول الأعمال [6] ، ويوم تقديم الصدقة، ويوم الزيارة، ويوم قتل النفاق، ويوم الوقت المعلوم، ويوم سرور أهل البيت، ويوم الشهود، ويوم القهر للعدوّ، ويوم هدم الضلالة، ويوم التنبيه، ويوم التصريد، ويوم الشهادة، ويوم التجاوز عن المؤمنين، ويوم الزهرة، ويوم التعريف، ويوم الاستطابة ويوم الذهاب، يوم التشديد، ويوم ابتهاج المؤمن، ويوم المباهلة، ويوم المفاخرة، ويوم قبول الأعمال، ويوم التبجيل، ويوم إذاعة السرّ، ويوم النصرة، ويوم زيادة الفتح، ويوم تودّد، ويوم المفاكهة، ويوم الوصول، ويوم التزكية، ويوم كشف البدع، ويوم الزهد، ويوم الورع، ويوم الموعظة، ويوم العبادة، ويوم الاستسلام، ويوم السلم، ويوم النحر، ويوم البقر.

قال حذيقة: فقمت من عنده، وقلت في نفسي: لو لم أدرك من أفعال الخير وماأرجو به الثواب إلّا فضل هذا اليوم لكان مناي.

قال محمّد بن العلاء الهمدانيّ، ويحيي بن جريح: فقام كلّ واحد منّا وقبّل رأس أحمد بن إسحاق بن سعيد القمّيّ، وقلنا: الحمد لله الذي قيّضك [7] لنا حتّي شرّفتنا بفضل هذا اليوم. ثمّ رجعنا عنه، وتعيّدنا في ذلك. [8] .



[ صفحه 143]



2 - النباطيّ البياضيّ(رحمه الله): أسند عليّ بن مظاهر الواسطيّ إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام) أنّه جعل موت عمر يوم عيد [9] .


پاورقي

[1] حَضَنَ المرأة ولدَها: ضمَّته إلي نفسها. أقرب الموارد: 1 / 671 (حضن).

[2] النمل: 27 / 52.

[3] في البحار: يوم الغدير الثاني.

[4] في البحار: يوم الهدي.

[5] في البحار: يوم سيل النغاب.

[6] في البحار: يوم سيل النغاب.

[7] قيضّ الله فلاناً لفلان: جاءَه به وأتاحه له. أقرب الموارد: 4 / 449 (قاض).

[8] المحتضر: 44، س 16. عنه البحار: 31 / 120، س 5، و95 / 351، ح 1، نقلاً عن كتاب زوائد الفوائد للسيّد بن طاووس(رحمه الله)، ومستدرك الوسائل: 3 / 326، ح 3701، قطعة منه، وإثبات الهداة: 2 / 199، ح 1005، قطعة منه. قطعة منه في (أفضل الأعياد عند أهل البيت(عليهم السلام)) و(سروره(عليه السلام) في عيدالزهراء(عليها السلام)) و(خادمه(عليه السلام)) و(ما رواه عن أبيه الجواد(عليها السلام)).

[9] الصراط المستقيم: 3 / 29، س 10.