بازگشت

مواعظه وحكمه


وفيه تسعة موضوعات

إنّ من أهمّ الأساليب التربويّة التي تبنّتها الشرائع السماويّة وأكّدتها، هي الموعظة، فالإنسان يتعلّم من الموعظة ما لا يتعلّمه من غيرها، ويستفيد منها أشياء كثيرة، تنفعه في حياته الدنيا، وتبقي رصيداً له في الآخرة.

ولأهمّيّة الموعظة في حياتنا الإيمانيّة راحت آيات من القرآن الكريم تبيّن لنا ضرورتها ومنافعها، وأقسامها، فكما تكون هناك موعظة حسنة محمودة، هناك موعظة سيّئة، ومع ذاك فإنّ الإنسان كما ينتفع بالأولي، يعتبر بالموعظة الأخري، ويبتعد عن أسبابها وما آلت إليه، فكلاهما إذن نافعتان، وبهما يستطيع الإنسان أن يحقّق هذا، وأنّ دعوة الأنبياء والرسل والصالحين جميعاً كانت قائمة علي الموعظة الحسنة، كأهمّ وأفضل وسيلة اتّبعوها لتعبيد الناس للّه تعالي وحده، ونبذ عبادة غيره، وللالتزام بشرائعه من



[ صفحه 8]



أوامر ونواهٍ، وحتّي التبشير والإنذار (وَمَآ أَرْسَلْنَكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)، [1] .

وهما أُسلوبا الدعوة إلي توحيد الله، وعدم الشرك به،لايتحقّقان ولايتركان أثرهما علي قلوب الناس ونفوسهم إلّا إذا كانا مقترنين بالموعظة، وهذا ما نجده واضحاً جليّاً في آيات كثيرة منبثّة في كتاب الله الكريم، ففيما يتعلّق الأمر بنبيّ الله موسي ودعوته، تأتي الآية لتقول (وَكَتَبْنَا لَهُ و فِي الأَْلْوَاحِ مِن كُلِ ّ شَيْ ءٍ مَّوْعِظَةً)، [2] وكذلك بالنسبة لعيسي(عليه السلام) (وَءَاتَيْنَهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُديً... وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ)، [3] وفيما يخصّ رسول الله(صلي الله وآله وسلم) نجد أنّ الله سبحانه وتعالي يأمره بأن يجعل الموعظة الحسنة إحدي الطرق التي عليه إتّباعها للدعوة إلي الإيمان بالله، فجاءت الآية الكريمة لتقول له: (ادْعُ إِلَي سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ...) [4] .

فبعد هذه الإطلاقات القرآنيّة، بقي علينا أن نتعرّض لبعض معاني الموعظة لغةً:

يقول الراغب: الوعظ زجر مقترن بتخويف، وقد تأتي بمعني التذكير بالخير فيما يرقّ له القلب. [5] .

والموعظة: بمعني الوصيّة بالتقوي، والحثّ علي الطاعات، والتحذير عن المعاصيّ، والإغترار بالدنيا وزخارفها، أو هي النصح والتذكير بالعواقب. [6] .



[ صفحه 9]



وقال بعض المتقدّمين: الوعظ: تذكير مشتمل علي زجر وتخويف، وحمل علي طاعة الله بلفظ يرقّ له القلب، والاسم الموعظة. [7] .

وبعد هذا الاستعراض المختصر، نأتي لنضع بين يديك أيّها القاري ء الكريم ما عثرنا عليه من التراث القيّم الذي تركه لنا الإمام الهادي(عليه السلام) في الوعظ والموعظة.


پاورقي

[1] الإسراء: 17 / 105، وآيات أُخري.

[2] الأعراف: 7 / 145.

[3] المائدة: 5 / 46.

[4] النحل:16 / 125.

[5] مفردات ألفاظ القرآن: 876.

[6] انظر مجمع البحرين:4 / 292، ولسان العرب: 7 / 466.

[7] البحار: 70 / 275ح 26.