بازگشت

الي نرجس ام المهدي


1 - الشيخ الصدوق(رحمه الله):... بشر بن سليمان النخّاس... فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسرّ من رأي، وقد مضي هويٌّ من الليل، إذ قرع الباب قارع، فعدوت مسرعاً، فإذا أنا بكافور الخادم، رسول مولانا أبي الحسن عليّ بن محمّد(عليهاالسلام) يدعوني إليه، فلبست ثيابي، ودخلت عليه.

فرأيته يحدّث ابنه أبا محمّد، وأُخته حكيمة من وراء الستر، فلمّا جلست قال: يا بشر! إنّك من ولد الأنصار، وهذه الولاية لم تزل فيكم، يرثها خلف عن سلف، فأنتم ثقاتنا أهل البيت، وإنّي مزكّيك ومشرّفك بفضيلة تسبق بها شاو الشيعة في الموالاة بها، بسرّ أطّلعك عليه، وأنفذك في ابتياع أمة، فكتب كتاباً ملصقاً بخطّ رومّي ولغة روميّة، وطبع عليه بخاتمه، وأخرج



[ صفحه 230]



شستقةً صفراءً فيها مائتان وعشرون ديناراً، فقال: خذها وتوجّه بها إلي بغداد، واحضر معبر الفرات ضحوة كذا، فإذا وصلت، إلي جانبك زواريق السبايا، وبرزن الجواري منها، فستحدق بهم طوائف المبتاعين من وكلاء قوّاد بني العبّاس، وشراذم من فتيان العراق، فإذا رأيت ذلك فأشرف من البعد علي المسمّي عمر بن يزيد النخّاس عامّة نهارك، إلي أن يبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا وكذا، لابسة حريرتين صفيقتين، تمتنع من السفور، ولمس المعترض، والانقياد لمن يحاول لمسها، ويشغل نظره بتأمّل مكاشفها من وراء الستر الرقيق، فيضربها النخّاس فتصرخ صرخة روميّة، فاعلم أنّها تقول: واهتك ستراه.

فيقول بعض المبتاعين: عليّ بثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة، فتقول بالعربيّة: لو برزت في زيّ سليمان، وعلي مثل سرير ملكه، مابدت لي فيك رغبة، فاشفق علي مالك.

فيقول النخّاس: فما الحيلة! ولا بدّ من بيعك.

فتقول الجارية: وما العجلة؟ ولا بدّ من اختيار مبتاع يسكن قلبي [إليه و] إلي أمانته، وديانته، فعند ذلك قم إلي عمر بن يزيد النخّاس، وقل له: إنّ معي كتاباً ملصقاً لبعض الأشراف كتبه بلغة روميّة، وخطّ رومي، ووصف فيه كرمه ووفاه، ونبله وسخاء، فناولها لتتأمّل منه أخلاق صاحبه، فإن مالت إليه ورضيته، فأنا وكيله في ابتياعها منك.

قال بشر بن سليمان النخّاس: فامتثلت جميع ماحدّه لي مولاي أبوالحسن(عليه السلام) في أمر الجارية، فلمّا نظرت في الكتاب بكت بكاءً شديداً، وقالت لعمر بن يزيد النخّاس: بعني من صاحب هذا الكتاب، وحلفت بالمحرّجة المغلظة أنّه متي امتنع من بيعها منه، قتلت نفسها، فما زلت أُشاحه



[ صفحه 231]



في ثمنها حتّي استقرّ الأمر فيه علي مقدار ما كان أصحبنيه مولاي(عليه السلام)، من الدنانير في الشستقة الصفراء، فاستوفاه منّي، وتسلّمت منه الجارية، ضاحكة مستبشرة، وانصرفت بها إلي حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد، فما أخذها القرار حتّي أخرجت كتاب مولاها(عليه السلام) من جيبها، وهي تلثمه، وتضعه علي خدّها، وتطبّقه علي جفنها، وتمسحه علي بدنها؛.... [1] .


پاورقي

[1] إكمال الدين وإتمام النعمة: 417، ح 1. تقدّم الحديث بتمامه في رقم 594.