بازگشت

مقدمة الطبعة الثانية


بسم الله الرحمن الرحيم

«انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا»

سوره ي الأحزاب: الآية 33

أعطي الله عزوجل أئمة أهل البيت عليهم السلام من العلم و الحكمة و الفضل و الشرف ما لم يعط أحدا من العالمين، فأهل البيت هم «شجرة النبوة، و محط الرسالة، و مختلف الملائكة، و معادن العلم، و ينابيع الحكم» كما عبر عن ذلك الامام علي عليه السلام.

و الامام الهادي عليه السلام هو أحد أئمة أهل البيت عليهم السلام، و قد أظهر من العلم و المعرفة ما يبهر العقول، و يدل علي صدق امامته؛ فقد أجاب عليه السلام عن أعقد المسائل العقدية و الفكرية و الفقهية، كما فند النظريات الخاطئة، و الثقافة المنحرفة التي كانت سائدة في زمانه. و قد كان لآرائه العلمية و المعرفية و الكلامية دور مهم و رئيس في توضيح ثقافة الاسلام الأصيلة.

و بالاضافة للدور العلمي و الثقافي المهم الذي قام به الامام الهادي عليه السلام فقد كان له دور سياسي بارز تمثل في موقفه المعارض للحكم العباسي الفاسد، و قاد ميسرة النضال و الكفاح ضد الظلم و الاستبداد و الانحراف و الفساد الذي شاع في الدولة العباسية.



[ صفحه 8]



و قد عاصر الامام الهادي عليه السلام ستة من الخلفاء العباسيين و هم: المعتصم، ثم الواثق، ثم المتوكل، ثم المنتصر، ثم المستعين، ثم المعتز. و كانت البلاد الاسلامية في ظلهم تعاني من المشاكل و الفتن و الظلم و الاستبداد.

و قد ابتلي الامام الهادي عليه السلام بهؤلاء الحكام الفاسدين الذين شوهوا الاسلام، و حرفوا قيمه و مفاهيمه، و أشاعوا الفساد و الموبقات في المجتمع، و تلاعبوا بالمال العام، و نشروا الظلم في كل مكان. فما كان من الامام الهادي الا أن وقف موقف المعارض لحكمهم، و عمل ما باستطاعته من أجل الدفاع عن الاسلام و قيمه، و شجع علي قيام الانتفاضات الشعبية ضد الحكم العباسي الفاسد كي لا ينخدع الناس بتظاهرهم للاسلام في حين أنهم شوهوا مفاهيمه و أحكامه.

و قد أوضحت في هذا الكتاب بشكل مختصر أهم ما قام به الامام الهادي عليه السلام من أعمال في حياته المباركة، ثم تطرقت لطريقة عمل الامام و تحركه في ظل الظروف الصعبة التي عاشها، حيث فرضت عليه الاقامة الجبرية في سر من رأي، كما فرض عليه حصار اقتصادي خانق، و كان تحت المراقبة الشديدة من عيون النظام العباسي. و مع ذلك كان يمارس نشاطه و عمله كامام معصوم، متحملا مسؤولياته كزعيم ديني، و قائد عازم للأمة الاسلامية.



[ صفحه 9]