بازگشت

توجيه الكوادر


ان علي رأس الهرم القيادي أن يوجه القاعدة بشكل يضمن



[ صفحه 101]



سلامة العمل و الأفراد، و هذا لا يكون الا حينما تمتلك القيادة (جهاز معلومات) تستطيع من خلاله أن توجه الأفراد بصورة سليمة، تقول الرواية:

«عن علي بن محمد النوفلي قال: قال لي محمد بن الفرج: ان أباالحسن عليه السلام كتب اليه، يا محمد، اجمع أمرك و خذ حذرك، قال: فأنا في جمع أمري ليس أدري ما كتب به الي حتي ورد علي رسول حملني من مصر مقيدا و ضرب علي كل ما أملك و كنت في السجن ثمان سنين، ثم ورد علي منه في السجن كتاب فيه يا محمد، لا تنزل في ناحية الجانب الغربي، فقرأت الكتاب، فقلت: يكتب الي بهذا و أنا في السجن، ان هذا لعجيب!!، فما مكثت حتي خلي عني والحمد لله قال: و كتب الله محمد بن الفرج يسأله عن ضياعه، فكتب اليه، سوف ترد عليك و ما يضرك أن لا ترد عليك، فلما شخص ابن الفرج الي العسكر كتب اليه برد ضياعه و مات قبل ذلك» [1] ، ان هذه الرواية تدلنا علي الحقائق التالية:

1- توجيه (محمد بن الفرج) نحو أخذ الاحتياطات الأمنية و اخفاء القضايا السرية (يا محمد: اجمع أمرك و خذ حذرك).



[ صفحه 102]



2- معرفة الامام عليه السلام بالأمكنة مما يعني أن الامام كان عنده مسح ميداني للمناطق!! «يا محمد: لا تنزل في ناحية الجانب الغربي» أي غربي البلد و ذلك لئلا يتهم بالرفض لأن أكثر أهل الكرخ كانوا من الشيعة، و هذا يدلل علي قوة الاحتياطات الأمنية التي يجب علي الرساليين اتخاذها في أجواء الاستبداد و الدكتاتورية.

3- «ان الامام أباالحسن عليه السلام كان في سامراء، و صاحبه كان في مصر، فربما كان الامام عنده عين توصل الأخبار مع عدم استلزام ذلك لعنصر المعجزة، كأن يكون رئيس الوزراء يتشيع للامام و يكون عينا له.

و قد سبق و أن رأينا في حادثة سابقة كيف أن رئيس الوزراء و هو الفتح بن خاقان يقول له المتوكل: اذهب و خذ المال الذي يأتيك من الطريق الفلاني، فيذهب هذا و يخبر الامام بالأمر.

4- و هي الأهم، تري أن الرجل في السجن و الامام يكتب له رسالة، كيف يوصل له الرسالة، و يعطيه التعليمات؟ ان هذا يدلنا بوضوح علي طبيعة أعمال و أساليب الأئمة عليهم السلام في داخل الأمة الاسلامية، فلم يكونوا يجلسون في زوايا بيوتهم بعيدين عن الأحداث.



[ صفحه 103]



5- و للقضية نهاية و هي: أن الامام عليه السلام قال له: «سيرد عليك أموالك، و ما يضرك ألا ترد عليك»، فالانسان ما دام عنده هدف أسمي في حياتي فما يهمه من أمر المال و سائر متاع الدنيا الزائل، أليست هذه الأشياء غير مهمة بالنسبة له؟!» [2] .

6- يجب علي المؤمن أن ينفذ أوامر القيادة المعصومة فورا حتي و لو لم يعرف الهدف من هذه الأوامر، فالكادر ليس دائما يعرف الهدف من الارشاد القيادي، و هذا ما نلاحظه في قصة (محمد بن الفرج) حيث لم ينفذ أوامر القيادة لأنه لم يعرف الهدف من الأمر!! «قال: فأنا في جمع أمري ليس أدري ما كتب به الي حتي ورد علي رسول حملني من مصر مقيدا و ضرب علي كل ما أملك و كنت في السجن ثمان سنين» فلو نفذ (محمد بن الفرج) أوامر الامام عليه السلام لما وجدت السلطة عنده مستمسكات تدينه، و لما مكث في السجن ثمان سنوات.

و أخيرا - عزيزي القارئ - لعلك اكتشفت بعضا من ملامح العمل السري و التنظيمي في عمل الامام الهادي عليه السلام في ظل أجواء الاستبداد و الدكتاتورية و انعدام الحريات العامة.



[ صفحه 104]



فهل نستفيد من هذه الدروس و نجعلها بمثابة المصباح الذي ينير لنا الطريق في العمل الاسلامي اذا ما توافرت نفس الأسباب و الدوافع التي دفعت بالامام الهادي عليه السلام الي ذلك.

هذا ما يجب أن يكون!



[ صفحه 105]




پاورقي

[1] شرح أصول الكافي، ج 7، ص 30، رقم 5. و كذلك في البحار ج 50، ص 140، رقم 25 مع اختلاف يسير في النص.

[2] التاريخ الاسلامي: ص 395.