بازگشت

التحرك في الظروف الصعبة


من يحمل قضية أو رسالة يجب عليه أن يتحمل مسؤولياتها حتي و لو كان في أحلك الظروف، و أن يفكر في ابداع وسائل يمكنه من خلالها تأدية رسالته.

و هكذا كان الامام الهادي عليه السلام فبالرغم من أنه عليه السلام قد وضع تحت الرقابة و الاقامة الجبرية في سامراء، الا أن ذلك لم يوقف تحركه و نشاطه، بل كان يتحرك و يعمل بشرك أكبر مما كان في المدينة، و مع ذلك فان السلطات لم تستطع أن تدينه بأي مستمسك ضده، نتيجة للعمل بصورة سرية و منظمة - كما مر الحديث سابقا -.

أما عندما يكون الامام في سامراء - حيث عاصمة الخلافة - فانه يقوم بادارة شؤون القيادة داخل الدولة، فمثلا، في عهد أحد كبار الخلفاء العباسيين و هو المتوكل، و الذي كان أشد من غيره بطشا و تنكيلا بالرساليين، حيث أمر سنة 236 ه بهدم قبر الامام الحسين عليه السلام و ما حوله من الدور، و أصر أن يحرث و يبذر، و يسقي موضع قبره و أن يمنع الناس من زيارته، و أمر



[ صفحه 106]



صاحب الشرطة باقامة مبان علي الطريق المؤدية للقبر، و يكون عملها (أي الشرطة) هو قتل كل من يري أنه آت لزيارة الامام الحسين عليه السلام فحرث ذلك الموضع وزرع ما حوله، ذلك لأن القبر كان بمثابة البركان و الرمز الذي يحافظ علي روح الثورة و رفض الظلم عند الناس.

عاش الامام الهادي عليه السلام في سامراء و مع ذلك كان يأتي في بعض الأوقات الوشاة (و هي كلمة كانت تستخدم قديما للعيون و الجواسيس) الي المتوكل و يقولون: أنت خليفة أم علي بن محمد الجواد، فقد كان قادة الجيش و عامة الناس يميلون اليه، صحيح أنت الذي تصلي بالناس في بعض الأوقات و أنت الخليفة الرسمي، لكن الذي يقود البلاد واقعيا هو الامام علي الهادي عليه السلام» [1] .

فالامام علي الهادي عليه السلام اذن كان يوجه الأمة و يقودها و هو تحت الرقابة و الجواسيس يحيطون به، و لا شك أن هذا العمل ليس بسيطا، بل انه عمل ضخم جدا، و اذا أردت أن تعرف ضخامة هذا العمل فما عليك الا أن تؤدي بعض الأعمال في ظروف أقل خطورة من تلك أيضا، كما لو كنت في السجن مثلا.



[ صفحه 107]



«و كان الامام الهادي يستلم الأموال الطائلة - بالطرق السرية أو العلنية الممكنة من مواليه كالزكاة و الخمس و الخراج، و يصرفها في المصالح الاسلامية العامة لحركته بعيدا عن أعين الحكام و العاصمة العباسية» [2] ، فهل نستفيد من هذا الدرس العظيم؟ اننا نلاحظ أن بعض الأفراد بمجرد أن يلاقوا بعض المشاكل و الظروف الصعبة نتيجة لتحملهم أعباء الدعوة الي رسالة الاسلام و قيمه فانهم يتنازلون عن كل أهدافهم خلال لحظة واحدة!! و يقولون: ما لنا و المشاكل!!!

فهل نقتدي بامامنا الهادي عليه السلام الذي كان يقود الأمة و هو تحت الرقابة المشددة؟؟!

هذا ما ينبغي للمؤمنين فعله في ظل أجواء الكبت و القهر و الاستبداد، أما اذا كان المؤمنون يعيشون في ظل أجواء الحرية و الديمقراطية و احترام حقوق الانسان فينبغي أن يكون العمل الاسلامي قائما علي الوضوح و الشفافية و العلن بعيدا عن السرية و الكتمان التي لا مبرر لها الا في ظل الاستبداد و الدكتاتورية.



[ صفحه 109]




پاورقي

[1] التاريخ الاسلامي: ص 368.

[2] الأئمة الاثناعشر: ص 231.