بازگشت

النص علي امامته


ولي الهادي سلام الله عليه مقاليد الامامة بعد وفاة أبيه سنة 220 هجرية، وله من العمر ثمان سنوات، أو أقل من ذلك بحسب الاختلاف بين المؤرخين في تاريخ ولادته.

و مع صغر سنه الا أن الشيعة الأمامية أجمعت علي امامته كما ينقل ذلك الشيخ المفيد أعلي الله مقامه قال في الارشاد:

و في اجماع العصابة علي امامة أبي الحسن، و عدم يدعيها سواه في وقته ممن يتوجه الأمر فيه غني عن ايراد الأخبار



[ صفحه 20]



والنصوص علي التفصيل.

ولكن نذكر هنا جملة من النصوص الدالة علي امامته، و التي سلم بها الشيعة الامامية في ذلك الوقت، و هي تنقسم الي ثلاث طوائف:

1-في النص عليه بالاسم و علي نحو التعيين.

2-في الوصية له من أبيه الامام الجواد.

3-في اجتماع الشيعة لمدارسة الأمر بعد وفاة أبيه الجواد و اقرار هم بامامته.

و المعلوم أن الامام الجواد استشهد شابا و عمره خمس و عشرون، عام 220 هجرية فلم يترك الناس في حيرة من أمرهم بل عين الخلف من بعده.

اننا نجد النصوص الواضحة فيمن يتولي الأمر من بعده لخاصة شيعته كما في رواية اسماعيل بن مهران و هو ممن يعي أمر الامامة كغيره من الشيعة المدركين أن الأرض لا تخلو من حجة و يدرك أمر الخلف بعد الامام الجواد.

1-و قد روي اسماعيل نص الامام الجواد علي ابنه الهادي عليه السلام أثناء خروجه من المدينة

قال:

لما خرج أبوجعفر (الجواد) عليه السلام من المدينة الي بغداد في



[ صفحه 21]



الدفعة الأولي من خرجتيه قلت له عند خروجه: جعلت فداك اني أخاف عليك هذا الوجه، فالي من الأمر بعدك؟

فكر بوجهه الي ضاحكا و قال: ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة.

فلما استدعي به الي المعتصم صرت اليه فقلت: جعلت فداك أنت خارج فالي من هذا الأمر من بعدك؟

فبكي حتي أخضلت لحيته ثم التفت الي فقال: عند هذا يخاف علي، الأمر من بعدي الي ابني علي.

2-و نقل الصقر بن دلف قال: سمعت أباجعفر محمد بن علي الرضا عليهماالسلام يقول:

ان الامام بعدي ابني علي، أمره أمري، و قوله قولي، و طاعته طاعتي، و الامامة بعده في ابنه الحسن

3-و نجد في النص الثالث عن الامام الجواد أيضا أنه يحدد الامام بعده، ضمن ظروف صعبة، و قاسية، بسبب الجو المفروض الامام الجواد في بغداد آنذاك حيث ينقل الخيراني عن أبيه أنه قال:

كنت ألزم باب أبي جعفر عليه السلام للخدمة التي و كلت بها، و كان أحمد بن محمد بن عيسي الأشعري يجي ء في السحر في آخر كل ليلة ليتعرف خبر علة أبي جعفر عليه السلام، و كان الرسول الذي



[ صفحه 22]



يختلف بين أبي جعفر و بين الخيراني اذا حضر قام احمد و خلا به، قال الخيراني فخرج ذات ليلة، و قام احمد بن محمد بن عيسي عن المجلس، و خلا به الرسول، و استدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام، فقال الرسول: مولاك يقرئك السلام و يقول: اني ماض و الأمر صائر الي ابني علي، وله عليكم ما كان لي بعد أبي. ثم مضي الرسول، و رجع أحمد الي موضعه فقال لي ما الذي قال لك؟ قلت: خيرا،و أعاد علي ما سمع، فقلت: قد حرم عليك ما فعلت لأن الله يقول: و لا تجسسوا، فان سمعت فاحفظ الشهادة، لعلنا نحتاج اليها يوما ما، و اياك أن تظهرها الي وقتها.

قال: و أصبحت و كتبت نسخة الرسالة في عشر رقاع، وختمتها، و دفعتها الي وجوه أصحابنا، وقلت: ان ألم بي الموت قبل أن أطالبكم بها فافتحوها و اعلموا بما فيها.

فلما مضي أبوجعفر عليه السلام، لم أخرج من بيتي حتي علمت أن رؤوس العصابة قد اجتمعوا عند محمد بن الفرج يتفاوضون في الأمر، فكتب الي محمد بن الفرج يعلمني باجتماعهم عنده يقول: لولا مخافة الشهرة لصرت معهم اليك، فؤحب أن تركب الي، فركبت و صرت اليه فوجدت القوم مجتمعين عنده، فتجارينا في الباب فوجدت أكثرهم قد شكوا.

فقلت لمن عنده الرقاع و هو حضور: أخرجوا تلك الرقاع، فأخرجوها.



[ صفحه 23]



فقلت: هذا ما أمرت به، فقال بعضهم: قد كنا أن يكون معك في هذا الأمر آخر ليتأكد هذا القول،

فقلت لهم: قد أتاكم الله بما تحبون هذا أبوجعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة، فسألوه القوم، فتوقف عن الشهادة، فدعوته الي المباهلة، فخاف منها، و قال: قد سمعت ذلك، و هي مكرمة كنت أحب أن يكون لرجل من العرب، فأما المباهلة فلا طريق الي كتمان الشهادة.

فلم يبرح القوم حتي سلموا لأبي الحسن عليه السلام.