بازگشت

جواب الامام الهادي


قال عليه السلام: أكتب اليه،

قلت: و ما أكتب؟

قال: أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم

و أنت -فألهمك الله الرشد - أتاني كتابك، فامتحنتنا به من نفسك لتجد الي الطعن سبيلا ان قصرنا فيها، والله يكافيك علي نيتك، و قد شرحنا مسائلك، فأصغ اليها سمعك، و ذلل لها فهمك، و أشغل بها قلبك، فقد لزمتك الحجة والسلام،

سألت عن قول الله جل و عز (قال الذي عنده علم من الكتاب).

فهو اصف بن برخيا، و لم يعجز سليمان عليه السلام عن معرفة ما عرف اصف، لكنه صلوات الله عليه أحب أن يعرف أمته من الجن و الأنس أنه الحجة من بعده و ذلك من علم سليمان أودعه عند أصف بأمر الله، ففهمه ذلك لئلا يختلف عليه في امامته و دلالته، كما فهم سليمان عليه السلام في حياة داود لتعرف نبوته و امامته من بعده لتؤكد الحجة علي الخلق.

و أما سجود يعقوب عليه السلام و ولده فكان طاعة لله، و محبة ليوسف عليه السلام، كما أن السجود من الملائكة لآدم لم يكن لآدم و انما كان طاعة لله و محبة منهم لآدم، فسجود يعقوب و ولده



[ صفحه 42]



معهم كان شكر الله باجتماع شملهم، ألم تره يقول في شكره ذلك الوقت (رب قد آتيتني من الملك، و علمتني من تأويل الأحاديث).

و أما قوله: (فان كنت في شك مما أنزلنا اليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب).فان المخاطب به رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم و لم يكن في شك مما أنزل اليه، ولكن قالت الجهلة: كيف لم يبعث الله نبيا من الملائكة؟ اذا لم يفرق بين نبيه و بيننا في الاستغناء عن المأكل و المشارب و المشي في الأسواق، فأوحي الله نبيه:

(فاسأل الذين يقرؤون الكتاب).

بمحضر من الجلة، هل بعث الله رسولا من قبلك و هو لا بأكل الطعام، و يمشي في الأسواق، و لك بهم أسوة، و انما قال: فان كنت في شك، و لم يكن في شك، ولكن للنصفة، كما قال:

(تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين).

و لو قال عليكم لم يجيبوا الي المباهلة، و قد علم الله أن نبيه يؤدي عنه رسالاته و ما هو من الكاذبين، فكذلك عرف النبي أنه صادق فيما يقول ولكن أحب أن ينصف من نفسه.

و أما قوله: (و لو أنما في الأرض من شجرة أقلام و البحر



[ صفحه 43]



يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله).

فهو كذلك، لو أن أشجار الدنيا أقلام، و البحر يمده سبعة أبحر، و انفجرت الأرض عيونا، لنفدت قبل أن تنفد كلمات الله، و هي عين الكبريت، و عين التمر، و عين برهوت، و عين طبرية، و حمة ماسبذان، و حمة أفريقيا، و عين بحرون،

نحن كلمات الله التي لا تنفد و لا تدرك فضائلنا.

و أما الجنة فان فيها من المأكل و المشارب و الملاهي ما تشتهي الأنفس، و تلذ الأعين، و أباح الله ذلك كله لآدم عليه السلام، و الشجرة التي نهي الله عنها آدم و زوجته أن يأكلا منها هي شجرة الحسد، عهد اليهما أن لا ينظرا الي من فضل الله علي خلائقه بعين الحسد، فنسي و نظر بعين الحسد، و لم يجد له عزما.

و أما قوله: (يزوجهم ذكرانا و اناثا).

أي يولد له ذكور، و يولد له اناث، يقال اثنين زوجان كل واحد منهما زوج، و معاذ الله أن يكون الجليل ما ليست به علي نفسك تطلب بذلك الرخص لارتكاب المآثم، و من يفعل ذلك يلقي أثاما، يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا ان لم يتب

و أما شهادة المرأة وحدها التي جازت حدها فهي القابلة جازت شهادتها مع الرضا، فان لم يكن رضا فلا اقل من امرأتين تقوم المرأتان بدل الرجل للضرورة، لأن الرجل لا يمكنه أن



[ صفحه 44]



مقامها، فان كانت وحدها قبل قولها مع يمينها.

و أما قول علي في الخنثي، فهو كما قال ينظر قوم عدول كل واحد منهم في مرأة، و تقوم الخنثي خلفهم، و ينظرون المرايا فيرون الشبح فيحكمون علبه.

و اما الرجل الناظر الي الراعي و قد نزا علي شاة، فان عرفها ذبحها و احرقها.

و ان لم يعرفها قسم الغنم نصفين و ساهم بينهما، فاذا وقع علي احد النصفين فقد نجا النصف الأخر، ثم يفرق النصف الأخر فلا يزال كذلك حتي تبقي شاتان، فيقرع بينهما، فأيتهما وقع السهم بها ذبحت و أحرقت و نجا سائر الغنم

10-و أما صلاة الفجر فالجهر فيها بالقراءة، لأن النبي كان يغلس بها، فقراء تها من الليل.

11-و أما قول علي: بشر قاتل ابن صفية بالنار، فهو لقول رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم، و كان ممن خرج يوم النهروان فلم يقتله أميرالمؤمنين بالبصرة لأنه علم أنه يقتل في فتنة النهروان.

12-و أما قولك: ان عليا قتل أهل صفين مقبلين و مدبرين، و أجاز علي جريحهم، و انه يوم الجمل لم يتبع موليا و لم يجز علي جريح، و من ألقي سلاحه آمنه، و من دخل داره آمنه، فان أهل الجمل قتل امامهم، و لم تكن لهم فئة يرجعون اليها،



[ صفحه 45]



و انما رجع القوم الي منازلهم غير محاربين و لا مخالفين و لا منابذين، رضوا بالكف عنهم فكان حكمهم رفع السيف عنهم و الكف عن أذاهم اذ لم يطلبوا أعوانا.

و أهل صفين كانوا يرجعون الي فئة مستعدة و امام يجمع لهم السلاح و الدروع و الرماح و السيوف و يبذل لهم العطاء و يهيي ء لهم الانزال و يعود مريضهم و يجبر كسيرهم و يداوي جريحهم و يحمل راجلهم و يسكو حاسرهم و يردهم فيرجعون الي محاربتهم و قتالهم، فلم يساو بين الفريقين في الحكم، لما عرف من الحكم في قتال أهل التوحيد، لكنه شرح ذلك لهم فمن رغب عرض علي السيف أو يتوب من ذلك.

13-و أما الرجل الذي اعترف باللواط فانه لم تقم عليه بينة و انما تطوع بالاقرار من نفسه و اذا كان الامام الذي من الله أن يعاقب عن الله كان له أن يمن عن الله أما سمعت قول الله: (هذا عطاؤنا).

قد أتيناك بجميع ما سألتنا عنه فاعلم ذلك و الحمدلله رب العالمين [1] .

و يلاحظ في تلك الأسئلة أنها من المسائل الشائكة و المستعصية و هي مقسمة الي: آيات القرآن، و الفقه: و من السيرة



[ صفحه 46]



التي ترتبط بعصمة الامام علي سلام الله عليه.

فمن آيات القرآن الكريم بعض الآيات المتشابهة التي تحتمل أكثر من معني في عرض واحد، و هذه الآيات يختص فهمها بالله تعالي و الراسخين في العلم كما نص القرآن علي ذلك.

و من السنة: مسائل مبهمة حول أقوال أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام و أفعاله في معركتي الجمل و صفين، و التي أثارت جدلا واسعا عند البعض حول دوافع تلك المعارك و أحقية علي فيها.


پاورقي

[1] الشاكري 200.