بازگشت

مرجعية القرآن


نحن أمة القرآن، و أمة الكتاب، و ربما أعظم خلافاتنا فيما بيننا ذات جنبة فكرية، و حتي صراعاتنا السياسية يحاول البعض أن يسبغ عليها طابعا فكريا مع أنها لا تخلو من الأبعاد المادية و المصالح الآنية.



[ صفحه 52]



و القرآن الكريم منهاج الله تبارك و تعالي الي الخلق حتي يوم يبعثون، ففيه الطريقة المثلي لحل منازعاتهم الفكرية، و البيان الأكمل للحقيقة الواحدة التي لا تتعدد يقول الله جل و علا:

ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم و يبشر الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا عظيما

و في بيان حل مشكلة الاختلافات الفكرية و غيرها يحدد الكتاب الطريقة السليمة للحل بدعوته للاعتصام بكتاب الله لكونه مرجعية ثابتة و وحيدة لكل مسلم يقول الله جل جلاله:

(و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا و اذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا و كنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها).

و في الحديث المروي عن النبي صلي الله عليه و اله و سلم أنه قال عندما سئل عن الملاذ الآمن لأمته من الفتن و الانحراف قال:

«اذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فانه شافع مشفع و ماحل مصدق، من جعله أمامه قاده الي الجنة و من جعله خلفه ساقه الي النار، و هو الدليل يدل علي خير سبيل، و هو كتاب فيه تفصيل و بيان و تحصيل، و هو الفصل ليس بالهزل، و له ظهر و بطن، فظاهره حكم و بطنه علم، ظاهره أنيق و باطنه عميق، له نجون و علي نجومه نجوم لا تحصي عجائبه و لا تبلي غرائبه فيه مصابيح الهدي و منار الحكمة و دليل



[ صفحه 53]



علي المعرفة» [1] .

و لذات هذا المعني أشار الأمام الهادي عليه السلام في رسالة مستفيضة يؤكد فيها بوضوح علي أصالة القرآن و كونه المرجعية الوحيدة المتفق عليها بين المسلمين من أهل الفرق و المذاهب. و ذلك في جوابه لأهل الأهواز في الرد علي القائلين بالجبر و التفويض، و هما فرقتان تمثلان مذهبين كلاميين عاشا بين أظهر المسلمين.

«و فكرة الجبر تبناها الأشاعرة، و الجبرية ينسبون أفعالهم الي الله تعالي و يقولون: ليس لنا صنع أي لسنا مخيرين في أفعالنا التي نفعلها، بل اننا مجبورون بارادته و مشيئته.

و فكرة التفويض: تبناها المعتزلة، و هم يعتقدون بان الله سبحانه و تعالي لا صنع له و لا دخل في أفعال العباد سوي أنه خلقهم و أقدرهم ثم فوض أمر أفعالهم الي سلطانهم و ارادتهم و لا دخل لأي ارادة و سلطان عليهم» [2] .

و قد رد الامام عليه السلام علي هاتين الفكرتين و نقض الأخبار المؤيدة لهما، بالارجاع الي القرآن و اعتباره مصدرا ثابتا، و حقيقة ناصعة تكشف الشبهات، و أثبت أن العدل و المنزلة بين المنزلتين، و قد اقتطعنا من الرسالة مورد الحاجة في البحث و هو تأكيد



[ صفحه 54]



مرجعية القرآن، أما تمام الرسالة فقد رويت في كتب السير و الحديث و الكتب الكلامية.

كما نقل الرسالة صاحب كتاب تحف العقول ابن شعبة الحراني في صفحة 338.


پاورقي

[1] ميزان الحكمة ج 8 ص 66.

[2] الشاكري ص 209.