بازگشت

الموقف المطلوب


«من علي بن محمد: سلام عليكم و علي من اتبع الهدي و رحمة الله و بركاته.

فانه ورد علي كتابكم و فهمت ما ذكرتم من اختلافكم في دينكم، و خوضكم في القدر و مقالة من يقول منكم بالجبر و من يقول منكم بالتفويض و تفرقكم في ذلك و تقاطعكم و ما ظهر من العداوة بينكم ثم سألتموني عنه و بيانه لكم و فهمت ذلك كله.

اعلموا رحمكم الله انا نظرنا في الآثار و كثرة ما جاءت به الأخبار، فوجدناها عند جميع من ينتحل الاسلام ممن يعقل عن الله عزوجل لا تخلو من معنيين اما حق فيتبع، و اما باطل فيجتنب.

و قد اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق، و في حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب و تحقيقه مصيبون مهتدون.و ذلك بقول رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم: «لا تجتمع أمتي علي ضلالة».



[ صفحه 55]



فأخبر أن جميع ما اجتمعت عليه الأمة كلها حق.

هذا اذا لم يخالف بعضها بعضا.

و القرآن حق لا اختلاف بينهم في تنزيله و تصديقه.

فاذا شهد القرآن بتصديق خبر و تحقيقه، و أنكر الخبر طائفة من الأمة لزمهم الاقرار به ضرورة حين اجتمعت في الأصل علي تصديق الكتاب، فاذا هي جحدت و أنكرت لزمها الخروج من الملة.

و تبين هذه الفقرات:

أهمية وجود مرجعية فكرية تكون الحكم عند حدوث المنازعات و الاختلافات، و ما أكثرها في حياة المسلمين.

و هذه المرجعية يحب أن تكون مورد اتفاق بين أطراف النزاع و الخلاف و مقبولة بحيث يكون حكمها نافذا في الشأن الفكري.

و قد قرر الامام أن هذه المرجعية موجودة بالفعل، و معترف بها من قبل جميع المسلمين و هي القرآن الكريم.

و أن أهل الفرق و المذاهب علي اختلاف تفسيراتهم و اتجاهاتهم يقرون بهذه المرجعية، ككتاب لا ريب فيه، و أنه صادق مصدق.

لكن المشكلة الموجودة في عالم المسلمين بعد وفاة النبي صلي الله عليه و اله و سلم و الي اليوم تكمن في عدم تفعيل دور القرآن في حل



[ صفحه 56]



المنازعات الفكرية و غيرها، بالرغم من أنهم يقرون و يجمعون علي أنه واحد أنزله الرب الواحد، لكنا لا نري اتفاقا و لا اجتماعا.

و يوضح الامام أن السبيل للخروج من الخلاف بين المسلمين يتمثل في عرض أدلة كل طرف علي القرآن، و هي مجموع ما يستدل به من السنة الشريفة أو أراء الفقهاء فما وافق الكتاب يعمل به، ويلزم به الجميع، و ما خالف الكتاب يعرض عنه، و يضرب به عرض الجدار لأنه زخرف:

«فاذا شهد القرآن بتصديق خبر و تحقيقه، و أنكر الخبر طائفة من الأمة لزمهم الاقرار به ضرورة حين اجتمعت في الأصل علي تصديق الكتاب».

و قد تعرض الامام عليه السلام الي جملة من تطبيقات هذا المعني من خلال بعض النصوص التي اتفق الفريقان علي صدورها عن النبي و المتوافقة مع آيات الكتاب العزيز لكن البعض اعرض عنها و لم يعمل بها.