في الكلام حول خلق القرآن
و نجد النص الثاني في رسالة بعث بها الامام الي أحد أتباعه في بغداد عند اشتداد أزمة الناس في زمان المتوكل بما يسمي بخلق القرآن.
هذه الفتنة التي بدأت أيام المأمون و المعتصم و الواثق
[ صفحه 57]
و كانت باتجاه القول بأن القرآن مخلوق، و مناوئة من يقول بخلاف هذا القول و معاداته و تعذيبه.
و لما جاء المتوكل الي الحكم قلب ظهر المجن علي هذه الفكرة، و قال بفكرة قدم القرآن و من ثم دارت الدوائر علي من كان يقول بخلق القرآن.
و قد كان موقف الامام الهادي واضحا و جليا تجاه هذه الفتنة، حيث كتب الي أحد شيعته ببغداد جوابا عن سؤال بهذا المعني، و قد جاء في الكتاب:
«بسم الله الرحمن الرحيم
عصمنا الله و اياك من الفتنة فان يفعل فبها و نعمت، و ان لم يفعل فهي الهلكة.
نحن نري أن الجدال في القرآن بدعة، اشترك فيها السائل و المجيب فتعاطي السائل ما ليس له، و تكلف المجيب ما ليس عليه.
ليس الخالق الا الله و ما سواه فمخلوق.
فالقرآن كلام الله لا تقبل له اسما من عندك فتكون من الظالمين.
جعلنا الله و اياك من الذين يخشون ربهم بالغيب و هم من الساعة مشفقون.
[ صفحه 58]
لا ريب أن القرآن كتاب هداية و نور، و يجب أن نبحث في دلائله و اعجازه و أحكامه.
أما البحوث المخترعة التي تؤدي الي تضييع رسالته و غايته فهي فتنة يجب يترفع عنها المتكلمون و أهل النظر، خصوصا تلك التي تؤدي الي الفرقة و تشغل الناس عن و اجباتهم الشرعية.
و من هنا يظهر سداد قول الا أستاذ رسول جعفريان:
«ان الأئمة و أصحابهم لم يبحثوا في هذه القضية، بالرغم من طول المحنة التي عاشها المسلمون في أجوائها، بل التزموا الصمت تجاهها [1] .
پاورقي
[1] الحياة الفكرية و السياسية لأهل البيت ص 161 ج 2.